وطنا اليوم – ذاكرة وطن – لا يمكن الحديث عن نضال المرأة الاردنية ، دون الحديث عن السيرة الشخصية للناشطة والمحامية اميلي بشارات ، فهي رئيسة اول اتحاد نسائي تأسس في الاردن عام 1945 ، ومع انه لم يعمر طويلا ، قفد ذهبت اميلي ورفيقاتها لتأسيس اتحاد جديد في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي حمل اسم”اتحاد المرأة العربية” . ظلت فكرة الاتحاد ، المؤهل لقيادة نضال المرأة الاردنية ، تراود الناشطة السياسية والاجتماعية التي اصبحت محامية ، فذهبت مرة اخرى مع رفيقاتها لتأسيس الاتحاد النسائي للمرة الثالثة عام 1972 ، ويسجل لهذا الاتحاد ورئيسته اميلي بشارات قيادته الاحتفالات بالعام الدولي للمرأة الذي اقرته الامم المتحدة عام 1975 ، لكن الحكومة التي ضاقت ذرعا بمواقف الاتحاد ونشاطاته ، ذهبت الى حله عام 1982 ، لكن اميلي ورفيقاتها لم يستسلمن للقرار ، وأنصفتهن محكمة العدل العليا التي قررت عدم قانونية قرار الحكومة بحل الاتحاد ، الا ان الظروف لم تساعد اميلي ورفيقاتها على الاستفادة من قرار المحكمة ، فظل الاتحاد معطلا . وبسبب نشاطها المميز وتمسكها بنضال المرأة الاردنية للحصول على حقوقها ، فقد اكتسبت عضوية الاتحاد النسائي العربي العام والاتحاد النسائي الدولي ، وكان لها حضورها واحترامها في الاوساط الحزبية والنقابية ، وفي الاوساط الرسمية ايضا . كان عمرها ثماني سنوات عندما رأت الامير المؤسس عبدالله بن الحسين يحل ضيفا في بيت والدها سلطي بشارات عام 1921 ، لتصبح بعد عامين ابنة الباشا ، بعد ان انعم الامير عبد الله بهذا اللقب على والدها في العام ,1923 ومن المؤكد ان اميلي ، الطفلة او الشابة ، قد تعرفت جيدا الى طبيعة الدور السياسي والاجتماعي الذي مارسه والدها الباشا ، ومن الطبيعي ان تكون قد سمعت منه حديثا عن صداقته بالزعيم سلطان باشا الاطرش والامير شكيب ارسلان وغيرهما من رموز العمل الوطني والقومي في تلك المرحلة . ولدت في مدينة السلط نهايات عام 1913 ، لتدرس في مدرسة الفرندز للبنات في رام الله ، وتعمل معلمة للغة الانجليزية في مدرسة المعارف بعمان في ثلاثينيات القرن الماضي ، قبل ان تحصل على دبلوم التعليم من الكلية السورية البريطانية في بيروت ، ودبلوم الحقوق من لندن ، لتحصل في العام 1960 ، وهي في نهاية الخمسينات من عمرها ، على بكالوريوس الحقوق من لندن ، لتصبح بموجب ذلك اول محامية في سجلات نقابة المحامين الاردنيين ، حيث تشير هذه السجلات ايضا ان اميلي بشارات هي اول محامية تصبح عضوا في مجلس النقابة لعدة دورات ، وبسبب دورها ونشاطها وحركة نضالها فقد اختارها اتحاد المحامين العرب لتمثله عام 1975 في مؤتمر المرأة العاملة الذي استضافته بغداد ، وهي عضو في اتحاد المحاميات الدولي ، وقد مثلت الاردن في عدة مؤتمرات عربية ودولية من بينها مؤتمر نيودلهي. الناشطة السياسية التي ناضلت مع رفيقاتها منذ منتصف القرن الماضي لتعديل قانون الانتخابات البرلمانية والبلدية ، من المؤكد انها شعرت بفرحة النصر عام 1974 عندما تم اقرار حق المرأة في الانتخاب والترشيح ، كثمرة من ثمار نضال رائدات الحركة النسوية في الاردن ، وتشير المعلومات ان اميلي بشارات جلست في خمسينيات القرن الماضي الى جانب رئيس الوزراء تحت قبة البرلمان ، في وقت كانت فيه المرأة مغيبة تماما في الحياة العامة ، وربما تخيلت امرأة او اكثر يجلسن على تلك المقاعد ، وقد تحقق ذلك بعد ما يقرب من نصف قرن. تشير السيرة الذاتية لرائدة الحركة النسائية انها قامت في العام 1951بتأسيس اول ميتم في الاردن ، لرعاية الاطفال اليتامى ومساعدتهم على الاندماج في المجتمع ، هذا الميتم الذي تحول بعد سنوات الى مبرة ام الحسين لايواء الاطفال اليتامى ورعايتهم ، في وقت عملت فيه بقوة على تأسيس اول مدرسة للتمريض في الاردن . وفي عام 1966 تم اختيار المحامية والناشطة السياسية اميلي بشارات لتكون عضوا في المجلس الاستشاري لمحافظة العاصمة ، الذي كان يقوده آنذاك ضيف الله الحمود. المحامية والناشطة السياسية والاجتماعية التي عاشت قرابة التسعين عاما ، رحلت عام 2004 وهي مطمئنة بعد ان حققت مع رفيقاتها انجازات مهمة لبنات جنسها ، وقد حملت العديد من المواقع والمراكز – في المعهد الدولي لتضامن النساء واتحاد المرأة الاردنية – اسمها ، تقديرا لدورها الرائد في هذا المجال ، فيما حصلت على عدد من الاوسمة وشهادات التقدير ، عرفانا بدورها الريادي في مجال حقوق المرأة وحقوق الوطن. ويقول بعض المقربين منها انها كانت تحب ان يناديها الاخرون باسم “أملي” وليس “اميلي” لان لها املا كبيرا نذرت حياتها من اجل تحقيقه
24 ساعة