وطنا اليوم:عامٌ مضى على انتشار جائحة كورونا ولا تزال التوقعات الاقتصادية القاتمة للأردنيين مستمرة. وعلى الرغم من التحسن الإيجابي الطفيف الذي شهده الربع الأخير من العام في ضوء التدابير الحكومية للإغاثة المالية، إلا أن هذا الأمل قد تراجع مرة أخرى خلال الربع الأول من العام، إذ انخفض مؤشر ثقة المستهلك الأردني بمقداره أربع نقاط ليضاهي مستواه في بداية الجائحة.
ووفق مؤشر إبسوس لثقة المستهلك الأردني، فقد اضطرت الحكومة، في ظل ارتفاع الحالات وتدهور الوضع الصحي، خلال نهاية فبراير إلى فرض المزيد من القيود منها معاودة إغلاق يوم الجمعة وتمديد ساعات حظر التجول وإغلاق المزيد من القطاعات الأشد ضعفًا، الأمر الذي تسبب بتضاؤل ثقة العامة بفكرة انتهاء الوباء على المدى القريب بإنخفاض 15% مقارنة بالربع الماضي. وعلاوة على ذلك، وبعد تسجيل ارتفاع مرعب بلغ 9.5 ألف حالة يوميًا، لم يعد من المستغرب أن تتزايد المخاوف بشأن شدة التهديد الذي قد يشكله اللقاح، إذ وصلت المخاوف إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق منذ بداية الوباء، وتراجعت في الآن ذاته الثقة في قدرة الحكومة على حماية البلاد من خطر الوباء إلى أدنى مستوياتها.
وفي الوقت الذي بدأ فيه الأردنيون بمواجهة الآثار التي خلّفتها القيود المفروضة، ازدادت المخاوف بشأن ارتفاع تكاليف المعيشة والتضخم مقارنة بالربع السابق. وفي الحقيقة، أدى ذلك إلى انخفاض ثقة الأردنيين بالوضع الاقتصادي الحالي بنسبة 10%، فضلاً عن التدهور الملحوظ في نظرة الناس فيما يتعلق بالحالة المستقبلية للاقتصاد ووضعهم المالي الشخصي. وبالإضافة إلى ذلك، ارتبط الانخفاض الذي شهده المؤشر العام ارتباطًا رئيسيًا بانخفاض ثلاثة مؤشرات رئيسية متمثلة بالظروف المالية الشخصية والتوقعات الاقتصادية ومناخ الاستثمارأو القدره على الإدخار.
و على الرغم من أن معظم الدول الأخرى التي شملها الاستطلاع العالمي تتوقع تحسنًا في قدرتها على الاستثمار في المستقبل ، إلا أن الأردن من بين الدول الخمس الأخيرة من أصل 23 التي تتوقع تحسناً في قدرتها على الاستثمار منذ كانون الأول (ديسمبر). و على هذا النحو، يشعر الأردنيون بثقة أقل بشأن قدرتهم على الاستثمار ، حيث ارتفعت النظرة السلبية للاستثمار بنسبة 7٪. وينطبق هذا الأمر أيضًا على الأمان الوظيفي، إذ أنّه في حين أن المستفتين في جميع أنحاء العالم أظهروا ثقةً أكبر بتحسن أمنهم الوظيفي مقارنة بالربع الماضي، إلا أن الأردن وعلى النقيض، كان من بين الدول الثلاث الوحيدة على مستوى العالم التي أظهرت انخفاضاً غي مستويات الثقة في هذا المؤشر.
وختامًا، وعلى الرغم من السلبية المتزايدة، أظهرت النتائج أيضًا تأييد حوالي 40% من الأردنيين للإجراءات الحكومية الحالية، بزيادة قدرها 10% مقارنة بالربع الماضي، وهو أمر متوقع في ظل تزايد المخاوف من التهديد الذي يشكله الوباء.
ومع ذلك، ما دامت الحاجة مستمرة لفرض مثل هذه الإجراءات الاحترازية لمنع تفشي الوباء، فإن التوقعات الاقتصادية القاتمة للأردنيين ستستمر باستمرار تلك الإغلاقات. وأما الآن، فالأمل معقود على الفترة المقبلة التي تعول على الإسراع في الحملة الوطنية لتوزيع اللقاح، و تسارع الإنفتاح الإقتصادي تزامنا مع زيادة الإقبال على اللقاح، مما سيفضي إلى انتعاش اقتصادي ولو كان بطيئاً.
وعل٘ق سيف النمري، المدير العام لشركة إبسوس في الأردن والعراق على نتائج المؤشر، “إن تباطؤ الإقتصاد كان حتمياً في ظل الإرتفاع الحاد في أعداد الإصابات والإجراءات الإحترازية المصاحبة لذلك. لكن المثير للإهتمام خلال الربع الأول من العام هو زيادة إستيعاب الأردنيين للحاجه لهذه الإجراءات وأزدياد دعمهم لهذه الإجراءات الحكومية مقارنةً بنهاية العام الماضي” وأضاف النمري، “ما نتمناه الآن أن ينعكس هذا التفهم الشعبي على الإسراع في الإقبال على المشاركة في الحملة الوطنية للتطعيم لضمان صيفٍ أكثر أماناً وانفتاحاً وتحقيق الإنتعاش الإقتصادي الذي يرجوه جميع الأردنيين!” .
وتستند نتائج المؤشر الفصلية على مؤشرات فرعية تتعلق بالظروف المالية الشخصية الحالية، والتوقعات الاقتصادية، ومناخ الاستثمار، وثقة التوظيف التي تساهم جميعها بجعل مؤشر إبسوس مؤشرًا رئيسيًا لإتجاهات الاستهلاك والاستثمار العامة في السوق الاردني.