الأردن ودوره التاريخي في الذود عن المقدسات

20 مايو 2021
الأردن ودوره التاريخي في الذود عن المقدسات

بقلم الأستاذ الدكتور محمود السلمان

قدّر الله سبحانه لي أن أعيش معظم عمري العملي بين عشائرنا الأبية؛ بدأت حياتي العملية في الشوبك حيث هناك العديد من الاصدقاء الاعزاء على قلبي، ثم انتقلت للعمل في مدينة الكرك، حيث هناك العديد من خيرة الاصدقاء أيضا, وبحكم النسب أعرف  الطفيلة، وأعرف رجولتهم وشهامتهم جيدًا. وعملت في الموقر وناعور والسامك، وخرجت بخيرة الاصدقاء منهم، وقدر الله سبحانه لي أن أكون من مدينة إربد، التي هي روحي، وحيث هناك الأهل واصدقاء الطفولة والشباب وخيرة الجيران الذين يسكنون الوجدان، والذين هم أنا بقوة محبتي لهم، وأعمل في مدينة السلط حيث العديد من أصدقائي من هناك، وتضم الجامعة رجال من خيرة الخيرة من مناطق أخرى في أردننا الحبيب. والآن في جامعة البترا الغالية، حيث الفسيفساء الاجتماعية الجميلة، تتعامل مع خيرة ابناء وبنات الوطن من كافة أطيافه.

وأنا نفسي، بلا فخر، إلا ضمن ما يتطلبه السياق لا أكثر، ابن الحمولة القبيلة الممتدة بالعديد من الفروع، وابن عشائر الطيرة التي يقول عنها المؤرخ الإنجليزي إريك لو: “إنها من أكثر الأماكن وطنيةً وشجاعة وشراسة في مواجهتنا” يقصد الإنجليز. ولذلك فإن قراءتي الصحيحة لعشائرنا الأردنية الأبية أتت من هذه المعطيات سالفة الذكر. وعليه أقول: أبناء العشائر الأردنية، جميعهم من شمالها إلى جنوبها، هم من خيرة الرجال وأكثرهم شجاعة وشهامة ورجولة بكل ما تعني الكلمة. وفزعتهم للأقصى والقدس شيء متوقع من رجال كهؤلاء. وهو ليس بالأمر الجديد. “طول عمرها” عشائر الأردن، من شمالها إلى جنوبها، تمد فلسطين بالمال والعتاد منذ ثورتها عام 1936م ضد الإنجليز..

ملخص ما أود قوله، أنه يجب إعادة قراءة تاريخ العشائر الأردنية في الماضي المتوسط وحتى البعيد لتوضيح دورها الأكيد في كل انتصارات الجيوش الإسلامية التي كانت تمر من هنا في الماضي، من خلال كينونتها حاضنات اجتماعية تمد هذه الجيوش بالرجال خلال مرورها، وتقوم باستقبالهم خير استقبال، وخاصة تلك المتعلقة بالقدس والأقصى. وقد يقول قائل أنه لم يكن هناك جغرافيا بهذا المعنى. وأنا أرد، بغض النظر عن مسميات الجغرافيا، لكنّ الأردن كبقعةٍ جغرافية هي هنا موجودة منذ الأزل، والكرك، مثلا هي الكرك، وقلعتها تشهد، والشوبك هي الشوبك وقلعتها تشهد، وقلعة عجلون هي قلعة عجلون وهي تشهد… وبالتالي، عشائر الأردن الحبيبة على قلبي، موجودة هنا منذ فجر التاريخ.

ومن هنا نستنتج أن هذه العشائر كانت حاضنات اجتماعية لكل الجيوش الإسلامية، فجميعها مرت من هنا، سواء خالد بن الوليد، رضي الله عنه، في معركة اليرموك، أو صلاح الدين الأيوبي، في معركة حطين، وقد لعبت بهذه الحضانة التي منبعها رجولة أبنائها وشهامتهم ودينهم الصادق، الدور الكبير، الذي يجب أن يلقى عليه الضوء، كما يجب على كل مؤرخ موضوعي وصادق.

وبالتأكيد، أهل فلسطين كان لهم الدور المشابه، فهم هناك أيضًا منذ الأزل، وحماة مقدساتها على مر التاريخ،  وباقي شعوب المنطقة، فهذا لا جدال به، لكنني هنا أتحدث عن الأردن ودور أبناء الأردن التاريخي في الكفاح من أجل الأقصى والقدس. وما فزعتهم الآن من أجل الأقصى إلا عدسة يجب أن يستخدمها كل مؤرخ صادق موضوعي من أجل مشاهدة الماضي من خلالها كما يجب.