سالم الفلاحات
يسجل للعديد من القوى الوطنية، والشخصيات والحراكات الشعبية، والاحزاب السياسية إصرارها خلال عقد كامل من الزمن على نقل الاردن الى مصاف الدول الديمقراطية المتقدمة، من خلال دولة القانون والمؤسسات، وتفعيل المادة 24/1 من الدستور الحالي التي تنص على أن الأمة مصدر السلطات.
وبالرغم مما عانته من تضييق وتشويه وتفتيت ومؤامرات، باستهداف من قوى الشد العكسي المتدثرة زوراً وبهتاناً بالانتماء والولاء، واتهام غيرهم بالارتباطات الخارجية والاجندة الخاصة، واختلاق اتهامات جديدة لا نهاية لها، تشكلت خلال الربيع الأردني مجموعة المتقاعدين العسكريين في 2010، والجبهة الوطنية للإصلاح التي ضمت أحزاب المعارضة، والعديد من الشخصيات الوطنية، ولكن استحقاقات انتخابات 2013 والموقف مما كان يجري داخل سوريا، وتلويح الحكومة بخمسين ألف دينار للأحزاب المشاركة في الجبهة حال مشاركتها في الانتخابات النيابية، بالرغم من قرار الجبهة مقاطعة الانتخابات، أدى إلى انسحاب معظم الأحزاب القومية واليسارية من الجبهة التي كان يقودها دولة الأستاذ أحمد عبيدات، والتي استحضرت الميثاق الوطني الأردني الذي أنجز بعد عودة الحياة النيابية في المجلس الحادي عشر، والتجمع الشعبي للإصلاح في 2011 الذي كان يضم معظم الحراكات الشعبية، واستمرت هذه التشكيلات الوطنية والشعبية حيث تشكل التجمع الوطني للتغيير، ولجنة المتابعة الوطنية، وحراكات شعبية أخرى .
نعم انهم مجموعات وطنية صادقة مبثوثة في المجتمع، في مؤسساته المدنية المختلفة وشرائحه الاجتماعية، لم تفرقهم خلفياتهم الفكرية أو السياسية او الجهوية، جاءوا من مشارب شتى، نذروا انفسهم لخدمة وطنهم وشعبهم وقضايا أمتهم، تجدهم في كل مكان، صقلتهم الهموم الوطنية والاخطار المحدقة بهم.
ولم تزدهم السنوات العشر الماضية رغم ضريبة المواطنة الغالية التي دفعوها ظلماً من اعتقال وملاحقة وتهميش، ورغم حرمانهم من امتيازات المواطنة وحقوقها لم تزدهم إلا وعياً ونضوجاً وتعاونا ووضوحاً ونقاءً وخبرة، وإن كانت المعيقات والعراقيل وقوى الشد العكسي كبيرة فهم مستمرون.
ووصلوا الى قناعات متقدمة لم تكن بهذا الوضوح من قبل، وهي ضرورة العمل المشترك والتكاملي، وإزالة أي فوارق وخلافات ونظرات سلبية واتهامات انطباعية ظنية كانت تمزقهم، حتى اصبح المؤيدون يتحدثون بلغة سياسية واحدة أو متقاربة رغم خلفياتهم الفكرية والاجتماعية والتاريخية المتباينة .
ومما اصبح بدهياً ومشتركا بينهم على سبيل المثال لا الحصر الأهداف والمهام والمحددات المشتركة التالية:-
حتمية وضع حد للسلطة المطلقة التي مارسها النظام خلال عقود، ليكون الشعب مصدر السلطات، من خلال تمثيل شعبي حقيقي ينوب عن الأمة في مجلس أمة منتخب بشقيه (النواب والاعيان)، يقوم بدور التشريع والرقابة الحقيقية مما يقتضي تعديلات دستورية عميقة تعيد الدستور الى عائلة الدساتير الديمقراطية في العالم المتحضر، وتبني دولة ديمقراطية تحقق ما اشار اليه الدستور في مادته الاولى ان نظام الحكم نيابي ملكي وراثي حيث لا تجد صدى لهذه المادة على أرض الواقع منذ سبعين سنة .
وجوب تغيير النهج وليس تغيير الشكل الذي تمارسه سلطة الحكم، تغييراً جذرياً والتوقف عن مهزلة الاستجابات الشكلية للضغوط الشعبية الناجمة عن وعي تراكمي متواصل بإجراءات عبثية وممارسات مضللة لامتصاص غضبة الشعب وتنفيس طموحاته .
قانون انتخاب قادر على ايصال صوت الشعب كل الشعب على قاعدة المواطنة الكاملة، وتفعيل ارادته الحقيقية، علماً ان المناشدات خلال السنوات العشر الماضية للوصول الى مثل هذا القانون لم تتوقف ولكنها لم تجد اذانا صاغية، ووضعت مشاريعها على الرفوف.
ومنها:ـــ
تقدمت العديد من الاحزاب السياسية بمعالم قانون انتخاب يمثل الحد الادنى من المتطلبات الاساسية لبناء حماية ديمقراطية، وقد خاطبت اربعة رؤساء وزارات على الأقل لهذه الغاية لكنهم تمتموا ثم ذهبوا غير مأسوف عليهم!!
كما توافقت في وقت سابق اللجنة السياسية المنبثقة عن لجنة الأجندة الوطنية الملكية على محددات لقانون الانتخاب ذهبت ادراج الرياح.
إلا أن الوصفة الامريكية بفرض القانون الحالي (الصوت الواحد المجزوء) كانت هي الإرادة النافذة رغم الوعود الرسمية المتكررة بين الحين والأخر، والأمل السرابي الذي يتوهمه احياناً المشاركون في الانتخابات بتغيير قانون الانتخاب، والذي فشلت جميع المجالس النيابية السبعة السابقة منذ 1993 في تحقيقه .
ولا يغيب عن متابع ان العلة ليست في القانون فقط، وإنما في غياب الإرادة السياسية لقبول مخرجاته، وإلقاء اللوم على الشعب غير المستعد للديمقراطية والحياة الحزبية !!!
وعلى الاحزاب غير المؤهلة لبناء حياة ديمقراطية !!!