الوحدة العربية … إضاءة بحثا عن بوصلة

11 مايو 2021
الوحدة العربية … إضاءة بحثا عن بوصلة

بقلم أبو عربي / ابراهيم أبوقديري

قبيل الحرب العالمية الأولى تصاعدت المواجهات بين العرب في بلاد الشام والدولة العثمانية احتجاجا على ممارساتها (في عقودها الأخيرة) … وتعاظم الشعور القومي لدى العرب وتشكلت رؤية قومية مؤطرة إلى حد ما كما في كتاب (ثورة العرب الكبرى) مطبوع في حلب عام ١٩١٦ برؤية شمولية للأمة العربية وأفق عالمي حتى لدرجة أنه خصص عنوانا باسم ( مسألة البوسنة والهرسك) .

رفض الضابط عزيز المصري فكرة الثورة على الأتراك (مصر والسودان والمغرب العربي) كانت حينها تحت الاحتلال البريطاني والفرنسي والإيطالي والاسباني) . وإذا كانت الثورة على الدولة العثمانية هي الخيار فهل كان التحالف مع ( بريطانيا و….) هو الخيار الوحيد والبديل الأمثل. وهل كان بالإمكان حينها أحسن مما كان ؟

تمت مكافأة العرب على مواقفهم بمؤامرة سايكس بيكو… ووعد بلفور…! أما مشروع وحدة الأمة فقد تم التحايل عليه وامتصاص الشعور الشعبي بداية بصيغة (الجامعة العربية) مباركة للتجزئة وترسيخا لها. دون مضمون وحدوي .

ولكن الجيل السابق الشاهد على مؤامرة سايكس بيكو الرافض للتجزئة ظل يسعى للوحدة : قدمت سورية للجامعة عام ١٩٤٥ مشروع جواز السفر العربي (الجنسية عربي /…) وبعدها بأشهر قدم العراق مشروع الدينار العربي عملة موحدة…

وكانت تجارب الوحدة بين اكثر من قطر.. ولكل تجربة قصتها… واليوم لا يتحقق بين الدول العربية حتى الحد الأدنى من صيغ الوحدة… ونحن أمة واحدة فهل كل ما يجمعنا أقل مما يجمع دول الاتحاد الأوروبي؟ سؤال برسم الإجابة إلى كل المخلصين….!

وكانت تجارب الأطر الفكرية التنظيمية الشعبية المتعددة…. وعادة يكون الإطار التنظيمي دون مستوى الفكرة ثم تكون الممارسة البشرية بأخطائها هى الأخرى دون كل ذلك… لا سيما وأن فكرة الوحدة العربية والسيادة الوطنية تتقاطع مع شهوة الحكم ومع القوى الاستعمارية.
ورغم كل الظروف ومحاولات التشويه والتآمر فإن الاتجاهات القومية والدينية والوطنية واليسارية تنافست بمواقفها المشرفة في مواجهة الاستعمار ومن يدورون في فلكه… ولم تقصر – ضمن الظروف الموضوعية – تجاه قضايا الأمة وفي مقدمتها قضية فلسطين .

*وكان مقتل هذه التيارات الفكرية الشعبية (ومع الأسف لا يزال) أنها غلبت تناقضاتها في ما بينها على تناقضها مع القوى المعادية الداخلية والخارجية. بالإضافة إلى تناقضات التيار الواحد داخليا بين صفوفه….
*وما أجدر هذه التيارات والاتجاهات اليوم أن يتقبل كل منها الآخر وأن يعرض فكره دون تجريح الآخرين والإساءة لهم أفرادا وهيئات (كما نهى عن ذلك المرحوم حسن البنا) … فالكلمة الموزونة جيدا بين المرسل والمستقبل ذات دلالة على الرقي الاجتماعي والفكري.
*والغريب – ونحن نطالب الحكومات بالديمقراطية – فإن الأولى أن نمارسها أولا مع بعضنا وفي ما بيننا.
*نحتاج إلى النقد الذاتي الموضوعي لتجاربنا والاعتراف بالخلل والأخطاء… بدلا من تعليق الفشل كاملا على القوى المعادية
*اعتقد أنه لو توفر (الوعي والصدق والديمقراطية) داخل التنظيمات الفكرية الشعبية في الوطن العربي بما فيها الأردن (ولا استثني أي اتجاه فكري )… لما انقسم كل تنظيم على نفسه وتشظى وخاصم اجنحته الأخرى
*واليوم تعج ساحات الوطن العربي بالتنظيمات الفكرية الشعبية المتشابهة الأهداف في الدولة الواحدة إلى درجة يصعب التمييز بينها.
*الإقصاء تسلط ومحاولة للحجر على الآخرين. والتعصب بكل أشكاله بغيض وتعطيل لصوت العقل وتمزيق للوحدة.
*هناك فرق كبير بين الانتماء البصير وبين الولاء. وليس انتقاد تقصير الحكومات دليلا على عدم الانتماء… ولو تم التقاط ملاحظات المعارضة وتحويل الممكن منها إلى برامج لما تردت الحال إلى ما نرى.
*وعليه فنحن نمر في حالة مخاض لعلها قريبة جدا من النضج وأمام استحقاقات الإصلاح وفرصة الحوار الوطني فإننا أمام اختبار حقيقي نحو واجباتنا ومسؤولياتنا في آن واحد وعلى حد سواء
*وأمام الهجمة الصهيونية الغاشمة ضد الأقصى وعموم فلسطين عبر الشعب العربي على امتداد وطننا الكبير عن روح الوحدة والنصرة والتضامن شعورا وحدويا صادقا كما ذهب إلى ذلك المرحوم الدكتور منيف الرزاز عام ١٩٧٠ في كتابه (فلسطين طريقنا إلى الوحدة والوحدة طريقنا إلى فلسطين)…. فوحدة الشعب العربي قائمة تحول بيننا وبينها هذه التجزئة واستمرار حالة عدم اجتراح صيغة وحدوية تلبي الحد الأدنى من التعاون العربي