بقلم: *الدكتور قاسم جميل العمرو
من وحي الواقع أحاول فكفكة الخيوط المتشابكة العصية على الحل وكاننا مجتمع لا يتقدم كما بقية المجتمعات السياسية، فمن الملاحظ رغم كل هذا الزخم والتقدم الحضاري الذي يشهده العالم، ما زلنا نعيش في قوالب مغلقة صعب اختراقها او إعادة تشكيلها، ورغم كل الشهادات العلمية والتقدم الوظيفي بقينا نراوح مكاننا وسنظل كذلك.
الشعب يُعلق الأمل دائما عند أي تغيير حكومي او انتخابات برلمانية، ولكن سرعان ما ننقلب بعد أن تزول بهجة التغيير بمجرد معرفة أسماء أعضاء الحكومة، أو ظهور نتائج الإنتخابات، ثم نبدأ مرحلة جديدة من الإنتقادات ، وفي هذا الأطار مضى على تشكيل تشكيل هذه الحكومة عدة اسابيع، علنا نرى ما يزيل حالة الأحباط، ولكن الوضع على ما هو عليه؛ أي القرارات لا تتعدى الروتين العادي اعلان اعداد الأصابات بفيروس كورونا يوميا، او اقرار نظام او تعليمات كانت موجودة في أدراج الرئاسة، أو تحديد أي يوم تطبق فيه الحكومة الحظر الشامل، على كل حال ريحتنا باتخاذها قرار حظر الجمعة حتى آخر السنة، او رفع الحظر عن منصات التواصل الأجتماعي او بعض المناقلات المرتبطة بالمحسوبيات فلذلك حكومة الـ 32 وزير منهم مايقارب 6 وزراء بلا عمل اضافة الى هياكل وزارت كان ممكن دمج اربع وزرات بواحدة، وعلى ما اعتقد الحكومة فيها حمولة زائدة بـ 12 وزير على الأقل.
هذه الحكومة لم تعلن عن برنامجها وكأنها حكومة تسيير اعمال وستتعامل مع المشهد كرد فعل يوماَ بيوم، وهذه للاسف ظاهرة لا تفارق الحكومات المتعاقبة، من هنا لا يُعلق الشارع امالأ عليها وعلى من سبقها وستتسع موجة الأنتقادات لادائها بعد انقشاع غيمة الأنتخابات البرلمانية، وستبقى أفئدة الأردنيين معلقةً بمواقف جلالة الملك، وما يُوجهه كما شهدنا في عملية مواجهة البلطجية، هذه الظاهرة التي ترعرعت ونمت وازدهرت في مجتمعنا حتى وصلنا الى ما نحن عليه.
ان لم تضع الحكومة خطة مستعجله تحدد فيها اولويات مواجهة البطالة وانعاش الأقتصاد سيكون وضعها كسابقاتها “عد ايام وامشي”
اما على صعيد الإنتخابات نحن نتفيأ في هذه المرحلة صور المرشحين التي تملا الشوارع وبعضها يُشكل إعاقة لحركة السير وخطر بنفس الوقت بسبب عدم وجود اماكن مخصصة للعرض فهي منتشره على أعمدة الكهرباء مثبته بخيوط رثة في أول هبة هواء ستسقط على رؤوس الخلق.
اما البرامج فقد غابت عن الدعاية الإنتخابية باستثناء الوجوه التي غيرت ملامحها تقنيات التصوير والفوتوشوب لتظهرهم اكثر شبابا بابتسامة عريضة وأسنان حادة ولامعة تخفي ورائها أحلام بالوصول الى العبدلي مهما كلف الثمن انطلاقا من مصالح شخصية او اعتبارات يهتم بها المجتمع الأردني وهو مقعد العائلة.
واقع الأنتخابات مزرٍ ولا يُنبئ بتغيير حقيقي، قائم على برامج انتخابية قابلة للتطبيق وإن تغنى وزير التنمية السياسية بمشاركة عشرات الأحزاب في الإنتخابات التي أعلنت عن قوائمها متأخرة طمعا بالدعم الحكومي لا أكثر وستُثبت الأرقام ان بعض مرشحيها لن تتجاوز الأصوات التي يحصل عليها أصابع اليد باستثناء حزب جبهة العمل الاسلامي.
سيبقى قانون الإنتخاب بشكله الحالي عقبة كأداء في إنتاج برلمانيين حقيقيين بعيداً عن أصحاب النفوذ المالي. وعليه سيبقى الحشوات يشكلون ظاهرة في كل انتخابات ليفروغها من محتواها الحقيقي، وسيبقى المال السياسي سيد الموقف في إيصال أصحاب المنافع الى القبة.
*استاذ العلوم السياسية/ جامعة البترا
*ناشر موقع وطنا اليوم الاخباري