وطنا اليوم : وأخيرا عثر الإنسان على الماء خارج الأرض، وفي القمر بالذات، وهو اختراق فلكي مذهل، أكدته NASA الفضائية في مؤتمر صحافي عقدته “أونلاين” أمس الاثنين، وملخص ما ورد فيه أن مرصدا معروفا بأحرف SOFIA اختصارا لاسمه، عثر على تجمع لجزيئات مائية مقدارها 100 إلى 412 جزءا من المليون، أي ما يعادل ثلث لتر من الماء في متر مكعب من سطح فوهة Clavius المعتبرة واحدة من الأكبر في القمر، إلى درجة أن بالإمكان رؤيتها من الأرض بالعين المجردة في النصف الجنوبي من سطحه المرئي والمضاء دائما بأشعة الشمس.
هذه المعلومات، وغيرها الكثير عن ماء القمر، واردة أيضا في دراسة نشرتها دورية Nature Astronomy العلمية المرموقة بعددها الحالي، وأعدها علماء من “ناسا” عبروا فيها عن اعتقادهم بأن الماء بتركيبته التي نعرفها، مخزن في الجرم الأقرب إلى الأرض داخل فقاعات من الزجاج القمري، أو بين حبيبات على الأديم، تحميه من البيئة المعادية، فيما ورد على لسان Paul Hertz مدير قسم الفيزياء الفلكية في مقر الوكالة الأميركية بواشنطن، أن الاكتشاف “سيثير الكثير من الأسئلة حول ما نعرفه عن سطح القمر، ويحث على إعادة التفكير بكيفية تكوين المياه واستمرار وجودها على سطحه الخالي من الهواء” كما قال.
ذكر هرتز أيضا، أن بالإمكان رؤية مليارات من برك الجليد غير المكتشفة سابقا، وهذا يوفر فرصة لاستخراجه بسهولة أكبر، في تطور يمكن اعتباره ثورة فيما يتعلق بما سيحتاجه رواد الفضاء على القمر، وهو ما ألمح اليه أيضا مدير “ناسا” جيم بريدنستين، عبر تغريدات كتبها في حسابه “التويتري” عن المياه على القمر، وقال في إحداها: “لا نعرف حتى الآن ما إذا كان بإمكاننا استخدامه كمورد، لكن ما تعلمناه عنه هو أنه مفتاح لبرنامج أرتميس” أي مشروع Artemis الذي ستعود به الولايات المتحدة في 2024 الى القمر بعد طول غياب، ويهدف إلى إرسال أول امرأة تهبط على سطحه.
مياه على مساحة 40 ألف كلم مربع
ويبدو أن في بال القيّمين على NASA التي استبعدت كليا وجود أي نوع من الحياة في المياه التي عثروا عليها في مناطق حرارتها 163 درجة تحت الصفر، بناء قاعدة فضائية ثابتة على سطح القمر، ويتوقعون أن يتم اختيار موقعها قريبا من الأماكن التي تم العثور فيها على الماء، وهي أماكن يقدرون مساحتها بأكثر من 40 ألف كيلومتر مربع في قطبي القمر، أي 0.1% من مساحته، وفقا لاعتقاد الباحثة Hannah Sargeant المتخصصة في “ناسا” بالفيزياء الفلكية.
أما تلسكوب SOFIA الذي يعود إليه فضل العثور على “سائل الحياة” في القمر، فمثبت على متن طائرة بوينغ تقوم بعشر طلعات يوميا، وتحلق على ارتفاع 11 كيلومترا، ليرصد منها السدم والمجرات والنجوم وكواكب النظام الشمسي وأقمارها، بحسب ما كتبت عنه “العربية.نت” في تقرير نشرته السبت الماضي، وفيه ذكرت أيضا أنه يستخدم الأشعة تحت الحمراء للبحث عن آثار طيفية تشير إلى وجود الماء خارج الأرض، فيما المعروف عن برنامج “أرتميس” البالغة موازنته 28 مليارا من الدولارات، منها 16 كلفة الهبوط على القمر بعد 4 أعوام، أن العمل فيه يجري على أسس تعتبره خطوة تمهيدية لإرسال رواد بثلاثينيات هذا القرن إلى المريخ.