وطنا اليوم:يتعرض العديد من طلبة شهادة الدراسة الثانوية العامة (التوجيهي) لحالة “استغلال من قبل بعض مدرسي الخصوصي”، وفق هؤلاء الطلبة وأولياء أمورهم عازين ذلك إلى إقرار وزارة التربية والتعليم نظام “التعلم عن بُعد”، ووقف التعليم المباشر كإجراء وقائي في مواجهة وباء فيروس كورونا المستجد، حتى نهاية العام الحالي، الأمر الذي “أدى إلى ارتفاع أسعار الدروس الخصوصية بشكل جنوني”.
وقال طلبة “توجيهي” وأولياء أمور،“إن بعض أساتذة الدروس الخصوصية استغلوا الظروف الراهنة، والمتمثلة بتعليق الدوام المدرسي وتوقف التعليم الوجاهي وإغلاق المراكز الثفافية، وقاموا برفع سعر الساعة الواحدة من الدرس الخصوصي”.
وأضافوا أن زيادة الإقبال على الدروس الخصوصية بهذا الوقت “أدى لرفع أسعارها، بشكل غير مسبوق، حيث أصبحت قيمة الساعة الواحدة نحو 45 دينارا، بعد أن كانت أسعارها تتراوح ما بين 15 دينارا و25 دينارا، قبل الجائحة”، داعين الأساتذة إلى “ضرروة مراعاة ظروفهم
المادية الصعبة أصلا، وعدم المغالاة بأسعار تلك الدروس”.
دينا أحمد، أحد طلبة الثانوية العامة، تحدثت عن معاناتها في البحث عن أستاذ لمادة الفيزياء يقوم بإعطائها دروسا خصوصية، مقابل مبلغ مقبول من المال، يتناسب مع دخل أسرتها، لتتمكن بالتالي من تجاوز امتحان “تكميلية التوجيهي” للعام الحالي، والتي ستبدأ أولى جلساتها بـ31 كانون الأول (ديسمبر) المقبل.
وأكدت أحمد “أن أحد أساتذة مادة الفيزياء المشهورين، طلب مقابل الساعة الواحدة 45 دينارا”، مشيرة إلى أنها “حاولت التفاوض معه لتخفيض المبلغ، ولكن دون جدوى”.
وقالت إنها حاولت التواصل بعد ذلك مع عدد من الأساتذة الآخرين إلا أنها “صُدمت بحاجز الأسعار، الذي لا يقل عن 40 دينارا مقابل الساعة الواحدة، الأمر الذي دفع والدتها للدخول مع صديقاتها بجمعية لتأمين ثمن الدروس الخصوصية، خصوصا أنه لم يتبق لموعد الامتحانات التكميلية سوى شهرين فقط”.
وأوضحت أحمد “أن ارتفاع الأسعار هو نتاج زيادة الإقبال على الدروس الخصوصية، خلال المرحلة الحالية، ذلك بسبب توقف التعليم الوجاهي”.
مروة حامد، ولية أمر طالبة، من جهتها قالت إن اللجوء للدروس الخصوصية اليوم “خيار وحيد أمام الأسر، التي لديها أبناء في الثانونة العامة، خاصة بعد أن تم تعليق الدوام في المدارس والتحول للتعلم عن بُعد”.
وأكدت “استغلال بعض الأساتذة حاجة الطلبة لدروس خصوصية في هذه المرحلة، حيث قاموا برفع الأسعار التي يتقاضونها مقابل ذلك”.
وبينت حامد “أن الأهالي، وفق المعطيات الحالية، مجبرون على القبول بالتسعيرة الجديدة للدروس الخصوصية، كونهم لا يمتلكون بدائل أخرى، لتعليم أبنائهم، فالتعليم الوجاهي تم تعليقه حتى نهاية العام الحالي، ناهيك عن إغلاق المراكز الثقافية”.
وتابعت “للأمانة أن طلبة “توجيهي” يعولون على أساتذة الدروس الخصوصية في فهم المواد الصعبة، حيث إنهم يبسطون المادة العلمية بشكل يفهمه ويستوعبه الطالب بشكل جيد، كما أنهم يعطون أمثلة إثرائية لتزيد مخزون الطالب، فضلا عن تدريبهم على أسئلة الأعوام السابقة”.
عمر أحمد، أحد طلبة الثانوية العامة، من جانبه قال إن الدروس الخصوصية ليست وليدة اللحظة، فهي رائجة منذ أعوام، لاسيما عند طلبة “التوجيهي”، مضيفا “لكن الظروف الاستثنائية التي تشهدها المملكة، جراء جائحة كورونا، أدت لازدياد الطلب على هذه الدروس، وهو ما أعطى فرصة لرفع أسعارها بشكل غير مسبوق”.
وأكد أن متابعة وحضور الدروس المصورة عبر المنصات التعليمية الإلكترونية “ليست مجدية لبعض المباحث، لاسيما وان قدرات ومستويات الطلبة متفاوتة، فهناك من يجد صعوبة في فهم وإدراك المواد دون وجود تفاعل مباشر بين الطالب والمعلم أثناء الشرح، ما يدفعهم للاستعانة بالدروس الخصوصية لاجتياز الامتحان وتحقيق المعدلات التي يطمحون اليها”.
عضو نقابة أصحاب المراكز الثقافية والمشرف التربوي فارس الحواري، بدوره قال إن تعليق عمل المؤسسات التعليمية والمراكز الثقافية هو “من فاقم هذه الظاهرة”، موضحا أن أسعار الدروس الخصوصية “أصبحت عبارة عن سوق سوداء، لا يوجد ما يضبطها، في ظل ارتفاع الطلب عليها من قبل الكثير من الطلبة، وذلك بعد إغلاق المراكز الثقافية، وتعليق التعليم الوجاهي، واستبداله بالتعليم عن بُعد، حتى نهاية العام الحالي”.
وأشار إلى “أن سعر الساعة الواحدة من الدرس الخصوصي لطلبة “التوجيهي” يتراوح ما بين 40 و45 دينارا، في حين كانت لا تتجاوز الـ25 دينارا قبل جائحة كورونا، بل كان سعر الساعة ونصف الساعة يبلغ 35 دينارا”.
وعزا الحواري زيادة الإقبال على الدروس الخصوصية لكل المراحل الدراسية، إلى “عدم اقتناع أولياء الأمور بجدوى عملية التعلم عن بُعد”، قائلًا إن طلبة الثانوية العامة “هم الحلقة الأضعف الآن، كونهم يجدون أنفسهم مضطرين لدفع مبالغ مالية مرتفعة مقابل الحصول على دروس خصوصية، لاجتياز عام مصيري بالنسبة لهم”.
وأكد أن إغلاق المراكز الثقافية، قبل نحو شهرين من بدء امتحان “تكميلية التوجيهي”، جعل الطلبة وأولياء أمورهم أمام خيار واحد، “هو الاستسلام للأمر الواقع والاستجابة لما يطلبه الأساتذة من أسعار”، مشيرا إلى أن أسعار دروس التقوية في المراكز الثقافية للمبحث الواحد للفصل الدراسي كاملًا، يتراوح ما بين 80 و100 دينار.
وأوضح الحواري “أن الأوضاع المالية لكثير من الطلبة لا تسمح لهم بدفع الأسعار الدروس الخصوصية، الأمر الذي دفع ببعض الأساتذة لاستئجار شقق وإعطاء دروس لمجموعات من الطلبة، ما يشكل خطرا على سلامتهم”.
واتفق معه بهذا الرأي، مدير مدرسة العروبة، نعيم دحبور، قائلا “إن الساعة الواحدة للدرس الخصوصي لطلبة “التوجيهي”، كانت قبل الجائحة، تتراوح أسعارها ما بين 15 و20 دينارا، وقد تصل في بعض الأحيان للمواد العلمية إلى 30 دينارا كحد أقصى”.
وأضاف “أن هناك بعض الأساتذة يستغلون الأوضاع الراهنة، جراء تعليق دوام المدارس والمراكز الثقافية، ويقومون برفع أسعار ساعة الدرس الخصوصي، ليصل لنحو 45 دينارا، وقد يبلغ أكثر من ذلك في أحيان كثيرة”.
وأكد دحبور أن بعض الطلبة، وفي ظل عدم قدرتهم على تحمل التكاليف المالية لأسعار الحصص المدرسية المرتفعة، “لجؤوا إلى تشكيل مجموعات طلابية، ليتقاسموا فيما بينهم تكلفة الدرس الخصوصي، على أن يدفع الطالب الواحد من هذه المجموعة ما قيمته 25 دينارا، ليصبح إجمالي ما يتقاضاه الأستاذ عن الدرس الواحد ما يقرب من الـ150 دينارا من كل مجموعة.
لكنه أضاف “أن بعض المعلمين ما يزالوا ملتزمين بتسعيراتهم السابقة، ولم يقوموا باستغلال حاجة الطلبة للدروس الخصوصية”، داعيا إلى إعادة النظر في موضوع إغلاق المراكز الثقافية، “والتي يمكن من خلالها ضبط تسعيرات الدروس الخصوصية”.
وقال إن الطالب كان يدفع مقابل دروس تقوية لفصل دراسي كامل في المركز الثقافي ما بين 75 و100 دينار.
وأضاف دحبور “أن طلبة “التوجيهي” مضطرون للجوء للدروس الخصوصية، لقناعتهم بأن التعليم عن بُعد، منزوع الدسم، ولا يلبي طموحاتهم”، داعيًا الأساتدة إلى مراعاة الظروف المادية للطلبة وأولياء أمورهم، فسوادهم الأعظم “يعانون ماديا”.
أستاذ اللغة العربية، الدكتور سهيل عفانة، من ناحيته أكد “استغلال بعض المعلمين حاجة الطلبة للدروس الخصوصية، وخصوصا مع اقتراب موعد انعقاد الامتحان، حيث يقومون برفع الأسعار”، معتبرا أن ثمن الحصة الواحدة 45 دينارا هو بمثابة “إجرام” بحق الطلبة وأولياء أمورهم.
وقال إن قرار إغلاق المدارس “ليس بالأمر الصائب، كونه لن يساهم في انخفاض نسبة الإصابات بكورونا”، مشيرا إلى أن المدارس الخاصة كانت ملتزمة بالشروط والبروتوكول الصحي، من تباعد جسدي وتحقيق مسافة الأمان بين كل طالب وآخر وارتداء كمامات والتعقيم، فلماذا يتم إغلاقها؟.
وأضاف عفانة “الأصل أن تبقى المراكز الثقافية تمارس عملها كالمعتاد، لا سيما وأن الغالبية العظمى منها ملتزمة بالبروتوكول الصحي”.الغد