وطنا اليوم – على بعد 15 كيلو مترا إلى الشمال الشرقي من مدينة السلط، مركز محافظة البلقاء الأردنية (وسط) تقع قرية الرميمين، مكان الباحثين عن جمال الطبيعة الخلابة، التي تزينها الخضرة الدائمة لأشجارها الحرجية، ومتعة لا تنقطع، يضفيها صوت مياهها العذبة من شلالاتها وينابيعها، دائمة الجريان.
ما إن يدخل زائرها المكان، حتى يجد حفاوة استقبال وترحيب من أهلها وساكنيها من المسلمين والمسيحيين، الذين يعيشون على مساحة صغيرة لا تتجاوز الـ6 كيلو مترات، فالألفة والمودة عنوان العلاقة بينهم، ولا مكان للتمييز.
شلالات «الرميمين» معلم القرية الأبرز، لا يحتاج من يقصده إلى دليل، جمال منظرها يأسر الناظرين، ويخلق في نفسه حالة من الطمأنينة والارتياح، والاستمتاع بلوحة فنية طبيعية، أبدع الخالق رسم تفاصيلها.
على ضفافها تتربع بقايا مطحنة الدقيق، التي تعود للعهد العثماني، تم إنشاؤها لاستغلال جريان الماء في عملية توليد الطاقة وتحقيق كفايتهم من منتجاتهم المحلية، بل تعدى ذلك إلى المناطق المحيطة بالرميمين، ما يدل على الإبداع وحسن التدبير والتفكير في عملية استغلال الموارد المتاحة لديهم.
وذكرت «الرميمين» في سجلات الدولة العثمانية في النصف الأول من القرن السادس عشر، وتحتوي على العديد من البيوت التراثية القديمة.
اختلفت الروايات في سبب تسمية القرية الأردنية بهذا الاسم، إلا أن البعض يؤكد أنه عائد إلى أشجار الرمان التي تشتهر بها بساتينها المنتشرة على مجاري المياه فيها، وتتميز بمذاقها الجميل.
التسعيني «سلطي الصايغ» من كبار رجال القرية ويعد بمثابة مختار للمسيحيين، وهو موسوعة تاريخية لحجم المعلومات الهائلة التي يعرفها عن المنطقة.
منزل الصايغ يحتوي على العديد من الأواني التراثية التي اشتهر بها الأردنيون منذ قديم الزمان، مثل «محماسة القهوة» ومنقل الفحم ودلال القهوة النحاسية، وقلما تجدها في بيوت بعض الأردنيين من الجيل الحديث.
مرتديا الزي الأردني القديم من شورة (غطاء الرأس) ودشداش (ثوب) وقمباز (جاكيت يلبس فوق الثوب) تحدث الصايغ بمنتهى الإلمام بأدق التفاصيل والتطورات التي شهدتها الرميمين.
وقال: «كانت المنطقة تحتوي على 6 طواحين للقمح، ثم تطور الوضع وجاءت البوابير، ثم جاءت معاصر الزيتون الحجرية».
وأضاف «هذه البلد أطعمت خبزا بحجم محافظة البلقاء (في إشارة لكرم أهل القرية) الكلمة المليحة (الطيبة) كانت دائما موجودة عندنا، ونطعم المارة بالشوارع».
وتابع: «أبرز ما يميز الرميمين بساتينها ورمانها ومشمشها وخضارها (…) ما في تفرقة بيننا المسيحيين والمسلمين، الكنيسة بجانب المسجد».
رئيس المجلس المحلي للقرية، لطفي الخرابشة، أوضح أن «الرميمين تتميز بجمالها وطبيعتها الخلابة وأشجارها وينابيعها وخضرواتها، وخاصة منطقة الشلالات».
واعتبر أن منطقة الشلالات «تفتقر للخدمات، وعلى وزارة السياحة أن توفر لها تلك النواقص من بنية تحتية ومنتجعات سياحية».
ولفت إلى أن «السياح يأتون إليها من كل مناطق العالم، ولكن عندما لا يجدون الخدمات وإهمال المنطقة فإنهم لا يعودون».
خالد الخشمان، رئيس بلدية السلط الكبرى، والتي تتبع لها منطقة الرميمين، أشار في حديثه للأناضول أنه «منذ فترة تزيد على 6 سنوات، بدأت البلدية الاهتمام المطلق بالسياحة، من خلال إطلاق مجموعة من المشاريع السياحية، وبدأت بتسجيل المدينة (السلط) على قائمة التراث العالمي (…)». وزاد «في السلط هناك سياحة تراثية، وقد ركزنا على السياحة الدينية في المناطق المحيطة بالمدينة، ثم السياحة البيئية واهتمت البلدية منطقة زي وجلعاد والرميمين».
وأردف «كما اهتمت البلدية بتحسين البنى التحتية اللازمة للسياحة من فتح الطرقات والتوسعة، ثم بدأت بإيجاد مناطق خضراء وخاصة بمنطقة الرميمين».
ومضى الخشمان قائلا «عملنا على تحسين الواقع البيئي وتوسعة الخدمات فيها، وحاولنا وصل الطرق الرئيسية بالطرق الفرعية؛ وصولا إلى شلالات الرميمين».
وأوضح أن «الرميمين هي وجهة سياحة متميزة، وتشكل مثالا على التآخي الإسلامي المسيحي».
وتحتوي محافظة البلقاء على العديد من المواقع السياحة والأثرية التي يقصدها الزوار من مختلف أنحاء العالم، ومن أبرزها صرح الشهداء الأتراك، الذي يرقد فيه رفات 300 جندي عثماني، قضوا في الحرب العالمية الأولى (1918– 1914) دفاعاً عن بلادهم في مواجهة الإنكليز.
(الأناضول)