اين التهديد الذي يدفع الأردن لتوقيع المعاهدة مع امريكا

2 أبريل 2021
اين التهديد الذي يدفع الأردن لتوقيع المعاهدة مع امريكا

اللواء م. احمد محمود عبدالهادي المحارمة

ذكرتني اتفاقية الدفاع الامريكية واشتراطاتها المجحفه ولصالح امريكا بالدهشة والتفكير الجاد لأعثر على ذلك التهديد المحدق بالوطن الان وبشكل مفاجئ لم نره ولم نسمع به من قبل خلال خدمتنا بالقوات المسلحة وفي مواقع هامة وعدت بالذاكره الى تلك الدراسات التي قمنا بها واجرينا لها حساباتنا مع انها تتغير طبقا للبيئة السياسية والظروف الدولية فلم ارى هذا التغير الكبير منذ ذلك الوقت .

أردت ان اعود الى مناقشة الاستراتيجية الوطنية واتفحص التهديد المحتمل والواقع على الوطن بشكل موجز وسريع لأرى واتبين هذا التهديد الذي يبرر استدعاء وقبول هذه الاتفاقية المجحفة بحق الاردن وشعبه واستباحة ارضه مائه وسمائه وشعبه كإحتلال , رغم امكاناتنا الجيدة والمسلحة والمدربة , اذا ما هو التهديد الواقع وما هي مبررات هجمته علينا لقبول هذه الاتفاقية , عادة يتوقع اي اعتداء من دول الجوار لأي دولة كأولوية اولا , فمن اي الجوار يتوقع التهديد فلننظر هذه الدول .

التهديد الاسرائيلي كأولوية اولى , فهناك معاهدة وادي عربة التي اثبتت فاعليتها وصمودها خلال ربع القرن الماضي وتمسك جميع الاطراف ببنودها واثبتت صلاحيتها واخرها استعادة منطقتي الغمر والباقورة بيسر وبدون احتكاك , هذا برهان على ان العلاقة الرسمية جارية على قدم وساق وان هذا التهديد بعيد الاحتمال , أن اسرائيل بعد عام 67 لم تشكل اي تهديد للاردن ولا حتى قبله ولن تقبل بقيام دولة فلسطينية بجوارها لانها تعلم ان الشعب الفلسطيني لن يتخلى عن زوال الاحتلال وحق العودة مهما طال الزمن او قصر وانه يشكل التحدي والتهديد الرئيسي لاسرائيل لا ايران .

التهديد العربي كدول الجوار فهل تشكل السعودية اي تهديد محتمل للاردن فما هي المصلحة السعودية للتمدد شمالا , هل لمواجهة اسرائيل وهذا الغزل القائم بينهما وما المصلحة السعودية القصوى لإحتلال الاردن اذا فالسعودية دولة شقيقة ولا تشكل اي تهديد .

اهناك تهديد سوري او عراقي فكلاهما بحالة مرض سريري وبحاجة الى سنين عديدة للتماثل للشفاء وضمد الجراح والتخلص من الواقع المرير التي تعيشه احتلالا واعادة بناء ما هدمته الحرب ومشغولة بنفسها فلا تشكل ايا منهما اي تهديد بل تحتاج مساعدة الاخ والصديق لتقف على قدميها .

اعتقد جازما ان اي من دول الجوار لا تشكل اي تهديد لا الان ولا بالمستقبل المنظور فإين التهديد .

ربما يعتقد البعض ان الارهاب تهديد فإين هذا الارهاب الذي نريد ان نقاتله ويهدد مصالحنا الوطنية فداعش عراقيون يقاتلون عراقيين وسوريون يقاتلون سوريين وشرق وغرب لهذة البلدان يتقاسمون , اما تلك اللسعات التافهة لبعض الشباب من حين الى اخر فليس لها قيمة ولا تحتاج لتلك الضجة الاعلامية الكبيرة ولعل اسبابها ضيق العيش وقلة الحيلة .

نحن لسنا مسؤولين عن اي ارهاب خارج الوطن فامكاناتنا لا تسمح بالمشاركة باي نوع من هذا الارهاب ولا حتى بأي عمل عسكري خارج نطاق الجامعة العربية .

هل الهجرة القسرية للشعب الفلسطيني تهديدا للوطن فربما ان تكون هذه اعلاها خطرا واقعا الا ان الشعب الفلسطيني تعلم ان لا يهجر ارضه وانه باق الى الابد متمسكا بحقوقه الشرعية , وبنفس الوقت ليس من مصلحة اسرائيل تهجير الشعب الفلسطيني الى الاردن ليشكل اكثرية ساحقة تكون الشوكة والقوة المستقبلية للقضاء على اسرائيل .

اهناك تهديد داخلي نعم ان تردي الاحوال المعيشية والفساد والظنك والتسلط والخوف والجوع والفوضى وفقدان الامن والامان والحقوق والمواطنة وتداول السلطة وكل المعيقات التي تمنع الشعب من الابداع في بناء الدول المدنية التي تنبئ بها الملك منذ زمن لا شك انها هي التهديد الحقيقي والاسبقية على كل العوامل السابقة وان التمسك بالدولة المدنية المعلنة هي الحل الى الديموقراطية وبناء المستقبل ورخاء الامة ولا ارى غيرها اي تهديد عاجلا وقائما وان اسهل الطرق للوصول الى هذا الحل بمبادرة ملكية عاجله تنقذ النظام والدولة حسب رؤيا الملك الذي قام باول حراك عندما اطلق الورقة السادسة (دولة مدنية) .

هل من الممكن ان ينبري لنا احد الموقعين على هذه الاتفاقية ويصارحنا بموجباتها والحاله الملحه لها , فمن خبرتنا لم نجد سببا يدفعنا لطلبها وتوقيعها ولا سبب للامريكان لفرضها على الاردن الا اذا كان هناك مخطط قادم لا نعرف فحواه ولا نرى خيرا قادما منه .

 بهذه المناسبة اتذكر ان مثل هذه الاتفاقية المفروضة وارغام الدول على البصم عليها حتى بدون قراءتها وتمحيصها وقعت على دولتين اسلاميتين واحدهما عربية هما افغانستان والعراق اللتين ما زالتا تحت الاحتلال حتى اليوم .

 اما بالنسبة للاردن فاذكر انني في عام 1958 كنت احد طلاب الكلية الحربية وفي تمرين خارجي (قراءة الخارطة ) كان المدرب الملازم رشدي عريقات اخبرنا في احد الوقفات بأن انقلاب عسكري قد وقع في العراق , تبين فيما بعد بأن قائد الانقلاب الزعيم عبدالكريم قاسم قائد احدى الفرق العسكرية حيث قام بتصفية العائلة الملكية كاملة في ساحة قصر الرحاب وقام الانقلابيون بسحل الرموز بالشوارع وقد قتل رئيس الوفد الاردني السيد ابراهيم هاشم رئيس الحكومة الاردنية آن ذاك الذي كان يقود وفدا اردنيا لاجراء محادثات للوحدة الهاشمية بين الاردن والعراق على اثر قيام وحدة بين مصر وسوريا بوجود الرئيس عبدالناصر مفجر الوحدة العربية والداعية الملهم لها لتصفية الاستعمار في العالم العربي . مما دعى الملك حسين لطلب المساعدة البريطانية وقد شاهدة الجنود البريطانين وهم يحفرون مواقع لهم على الطرف الشمالي لماركا لصد تقدم اي قوات قادمة من الزرقاء .

كانت هذه الحالة الموجبة لأستدعاء قوات حماية فهل هناك مقارنة بين هذه الاتفاقية الدفاعية وتلك التي في عام 1958 .

 لإزالة هذا التشويش والقلق اريد ان نعرف السبب الحقيقي للتهديد المتوقع لهذة الاتفاقية حتى ترتاح انفسنا من القيل والقال مع انني ارى مبادرة ملكية برئاسته لوضع خطة زمنية للتحول للدولة المدنية حقيقية ستفرج الازمة الحالية وترفع سمعة وطننا عربيا ودوليا وسيكون الملك اول عربي منذ اللاف السنين ينقل نظام الحكم في بلدة من العرف القبلي الى الدولة المدنية الديموقراطية وسيعم الارتياح وينتقل الاردن الى مصاف الدول المتقدمة في زمن قصير لا تتجاوز سنينه عدد اصابع اليد والله ولي التوفيق .