مسؤولية الدولة في الامن المجتمعي

20 مارس 2021
مسؤولية الدولة في الامن المجتمعي

كتب : خالد الاسمر الازايدة

ان اشد المظاهر الاجتماعية خطورة على اي دولة هي ظاهرة الانقسامات العامودية في المجتمعات وهي الى جانب تهديدها لتماسك النسيج الوطني للمجتمعات فانها تعتبر وبحق من اهم ادوات التفكك الداخلي لاي دولة ، ومدعاة لانعدام اسباب الاستقرار والامن والنظام ، اضافة الى انها سحب على المكشوف لارصدة الشرعية الديمقراطية من الحكومات ، فانقسام الناس الى فسطاطين مؤيد ومعارض ، او ساخط وراضي ، او اي تسميات اخرى تهدف الى عزل المواطنيين في الدولة الواحدة الى فريقين هو دليل واضح على فشل الحكومات في ادارة اي مشهد خلافي ، لا سيمى و ان كانت أنماط العلاقات السياسية بين الحكومات والشعوب قد اصبحت تتشكل بطريقة صار فيها من الممكن للحكومات الا يطلبوا شيئا من أنفسهم ، وان يشعروا بأنهم معفيون من كل واجب اخلاقي ، وان على الآخرين فقط ان يؤدوا المهمة والواجب ، وانهم قد صار بوسعهم دعوة الآخرين لان يكونوا متواضعين وان يضحوا بأنفسهم ، وان يقبلوا بتأدية دورهم في بناء المستقبل ، بينما هم أنفسهم لا يشاركون في العملية ولا يقبلوا بتحمل اي مسؤلية شخصية بسبب ما يحدثونة . ثمة الف طريقة يمكن ابتداعها لتبرير عدم الالتزام هذا وحقيقة انهم لا يرغبون في التخلي عن مصالحهم الانانية في سبيل العمل من اجل هدف أنبل وأشرف.

والظاهر ان الحكومة الاردنية الحاليه وفي اطار جهودها في مواجهة الاحتجاجات الحالية تلجأ الى ان تصور نهج حوارها مع المحتجين بالية تشبه الى حد بعيد النهج التصويري القائم على محاولة احدهم وصف جمال قوس قزح لشخص قد ولد كفيفا ، وعليه فان الحكومة ومهما اجتهدت في انتقاء جمل التصوير البديعة لوصف جمال قوس قزح ، فان الاخر والذي هو كفيف منذ الولادة سيبقى يرفض ذالك الالم الذي يحدثة الوصف في نفسه دون الالتفات الى جماليات اللغة وتحسيناتها ، وليس ادل على هذه الحالة ألمستعصية بين الطرفين سوى التدليل على تخبط الحكومه مع قرارها اليوم بالسماح باجراء ماراثون رياضي في وادي رم بينمى الاردنيين يطبق عليهم في الوقت ذاته قرار الحجر الكلي في يوم الجمعة ، وكان لسان حال الاردنيين يقول هل الحكومة الاردنية تعاني من ازدواجية الشخصية ، بحيث تؤمن كل وسائل الحماية لحملة الترفيه الرياضي في رم ، وتقمع المطالبين بحرية التعبير بالمقذوفات الغازية بحجة عدم الاختلاط والحد من انتشار الوباء ؟ وكان الوباء يحمل في طياته جينات ارستقراطية فلا يصيب ابناء طبقة النبلاء ويعصف بارواح ابناء طبقة البلوروتاريه.

ان هذا المنطق المليء بالثقوب انما ينبئ عن حالة من الاستعصاء الادراكي لدى النخبة الحاكمة وليس الى فساد اداري ، ثم الم يكن اولى بوزير الداخلية ان يفعل دور الحاكم الاداري في مثل هذه الظروف فيوزع لهم بفتح قنوات حوار حقيقية مع قادة المتظاهرين ومحاولة امتصاص غضبهم ، بدلا من تعيين متصرف في كل مستشفى ، وبحكم عملي في وزارة الداخلية سابقا فانني اشهد على وجود كفاءات معرفية في اوساط الحكام الاداريين قادرة على ادارة هذه الملفات والتحاور مع منظمي الحركات ، لاسيما وان مسؤولية تحقيق الامن الاجتماعي تقع في صلب اولويات اعمال الحاكم الاداري ، ام ان ادارة الدولة العميقة لا تسمح بهذا الجهد الحقيقي لهؤلاء الاشخاص ، وتفضل بدلا عنهم سياسة الحوار مع اشخاصهم المعتبرين من وجهة نظرهم قادة رأي في المجتمع ، والحقيقة ان مثل هذا الحوار هو اشبه ما يكون بكلام الانسان مع نفسة في غرفة خالية ، فيكون صدى صوته المنعكس من الحوائط هي النتيجة الحتمية لمثل هذه اللقاءات ، ثم يكون ان نقع في المحظور من خلال ايجاد بيئة جاذبة تؤسس لحالة الانقسامات العامودية في المجتمع.