المسألة الاقتصادية الأردنية ..ومنتدى النهضة الأردني ( حلول وتأملات )  ..

11 مارس 2021
المسألة الاقتصادية الأردنية ..ومنتدى النهضة الأردني ( حلول وتأملات )  ..

د. مصطفى التل

أزمة الاقتصاد في الأردن , أزمة مستمرة منذ عقود خلت , تشتد في سنوات , وتكون أقل شدة في سنوات أخرى , لكنها لا تنتهي , ولا تقترب من الانتهاء , حيث أنها أصبحت عنوان الأردن الخارجي والداخلي , وميزة له في المنطقة .

النظرة للأزمة الاقتصادية الأردنية من خارج الإطار العربي , يضعها كنتيجة حتمية للفشل الاقتصادي الأردني على مدار عقود خلت  دون محاولات حقيقية لحلحلة الأزمة وتفكيكها .

تقول الخبيرة البريطانية (جاين كيننمونت ) في مقابلة معها من DW  الألمانية  :   (أن الأزمة الاقتصادية الحالية في الأردن ليست وليدة ضغوط خليجية بشأن سياسة المملكة في المنطقة، لكنها وليدة تراكمات من فشل اقتصادي مستمر منذ عقود دون محاولات حقيقة لحل مشاكلها ( .

كنتيجة مباشرة لهذا الفشل الاقتصادي , أدى إلى تدخل أطراف خارجية  بدعوى إعادة التصحيح الاقتصادي في الأردن , ووضعه على الطريق الصحيح , وكان الطرف الأقوى في التدخل المباشر هو ( البنك الدولي ) , وكان نتيجة تدخله المباشر , هو لبرلة الاقتصاد  والانتقال للسوق المفتوح , بدل من الاقتصاد المختلط الذي كان يتبعه الأردن في نهجه .

حيث أن البنك الدولي أمسك بالملف الاقتصادي في الأردن, وضع مجموعة حزم تصحيحية حسب تصنيفه  , على أن تنفذ تباعا , لتحقيق إصلاحات هيكلية في بنية الإيرادات والإنفاقات الحكومية  , فكان رفع الرسوم  والغرامات , وتخفيض الدعم على السلع , ورفع ضريبة المبيعات على مختلف السلع والخدمات المقدمة للمواطن , مع إعادة تسعير الخبز ورفع الدعم عنه  على فترات متدرجة , ورفع سعر المشتقات النفطية , مما انعكس على أيضا كرفع إضافي على سعر جميع السلع والخدمات وكلف الاستثمار داخل الأردن  , مع ثبات دخل المواطن سواء في القطاع الحكومي أو الخاص , مما أضعف القدرة الشرائية .

بالمقابل , تركز برنامج البنك الدولي التصحيحي على جلب الاستثمار الخارجي للأردن , وبدأ بالوعد بالفردوس الأردني الاقتصادي من هذه البوابة , وأصبحت جميع السياسات الاقتصادية الأردنية تبني نفسها على هذا الوعد , حتى أن جميع السياسات الاقتصادية الأردنية باتت قاتلة لأي استثمار أردني داخلي , بسبب الكلف العالية جدا للطاقة وضعف القدرة الشرائية للمواطن , والضرائب المرتفعة الغير مبررة اقتصاديا في ضوء كساد اقتصادي وانكماش عام واضح لكل مراقب , بدأ من سنوات خلت , قبل جائحة كورونا وتدهور الأوضاع على حدودنا مع دول الجوار .

ووضع توصيات للتصحيح , وأشرف على تنفيذها كاستشارة للأردن , بحيث أنه غيّر البنية المالية للدولة ككل , والتي لم تحل أي مشكلة أو معضلة في الاقتصاد الأردني لغاية اللحظة , بل كانت عبارة عن تأجيل معضلات ونقلها إلى فترات لاحقة , بدأت تتفجر تباعا  داخل  الاقتصاد الأردني .

* الاقتصاد الأردني لا زال اقتصادا ريعيا رغم الإصلاحات المعلن عنها :

بعيدا عن لغة الأرقام والموازنة والميزانية والمصطلحات الاقتصادية المستخدمة من مهندسي الاقتصاد الأردني الجدد  , والتي يدللون من خلالها على ترويجهم  لوعد بانتعاش اقتصادي قادم للأردن , والمرحلة الحالية هي مرحلة طبيعية جدا للانتقال من حالة اقتصاد مختلط إلى حالة اقتصاد ليبرالي مفتوح السوق .

فهيكل الموازنة العامة في الأردن , لا زال يتعامل مع الأردن كدولة خليجية غنية من ناحية الإنفاق والتوسع فيه ,  لا وبل يعتبر أن المنح الخارجية  والدعم  من بعض الدول ( أمريكا , الاتحاد الأوروبي , اليابان , الخليج العربي )   هي بند ثابت في الميزانية وأصيل فيها لا يتغيّر.

ويتماشون مع  أن الأزمات الحالية , هي أزمات عابرة كالعادة , سيتم حلها ببعض المساعدات السخية الخارجية , ستأتي بوقتها , وبعض القروض المستعجلة , وعليه سيتم تكوين الموازنة والميزانية , وتمرر كالعادة من الجهات التشريعية , لتصبح قانون ميزانية يوضع موضع التنفيذ للسنة  المالية القادمة .

* الاقتصاد الأردني والنمو المتأمل :

لا أبالغ إن قلت أن جميع الحكومات , بعد عهد السبعينيات , تتنصل من الملف الاقتصادي , وتجد ألف مشجب ومشجب  لتعلق عليه الفشل الاقتصادي المتراكم , تتذرع تارة بالظروف السياسية المحيطة , وتارة أخرى بالظروف الاقتصادية العالمية , وتارة ثالثة بالظرف الاقتصادي الداخلي  وميزانية ضاغطة, ورابعة بالأزمات التي تأتي عابرة أما اجتماعية أو صحية أو غيرها .

المشاجب موجودة , والتبريرات موجودة , والمقصر لا يحاسب ,  وفي النتيجة آلية التقصير تضيع بين المشاجب وبين الأزمات الطارئة, حتى تستعصي على المحقق فهمها , فتتلاشى وتصبح ذكرى حميدة أمام فشل أكبر ماثل للعين .

فالولاية العامة متعددة الأقطاب , وصنع القرار الاقتصادي  وصانعه  ومركز صنعه تائه بينها , فالمشاريع الاقتصادية غالبها ما ينتهي بفشل ذريع , والخطط الاقتصادية غالبها تنظيرية لا تمت للواقع بصلة , وكل هذه التبريرات والمشاجب التي تعلق عليها نتائج الفشل الاقتصادي , تلقى استساغة كبيرة لدى الكثير الرسمي وشبه الرسمي ,  واللجان الاقتصادية وفرقها , بدأت بنهج جديد لقياسها بمدى النجاح الاقتصادي , وهو كم أضافت من المليارات لمديونية الدولة , في مقابل تجاوز معضلة آنية كانت ستحل بمجموعة إجراءات اقتصادية داخلية , بسيطة للغاية.

الناظر للاقتصاد الأردني ونموه اليوم , سيجد بدون أدنى جهد , أن محددات النمو الاقتصادي تتمثل بالنقص الحاد في المياه , وكلفة الطاقة المرتفعة على الدولة وعلى أفرادها , والعمالة الأجنبية التي تنتشر في البلاد وتستهلك احتياطها من العملات الأجنبية  , وقلة الاستثمار الخارجي لا بل هروبه الآن أصبح هو العنوان , وتوقف وندرة الاستثمارات الداخلية , وتكدس أموال المواطنين في البنوك كرد فعل طبيعي على هذا الوضع الاقتصادي الغير متحرك , يضاف إليها الهروب إلى العقار  الثابت كحفظ لأموالهم في ظل هذه الظروف والذي بدوره دخل في مرحلة كساد كبرى نتيجة الإجراءات الاقتصادية الغير مبررة في سوق العقار .

هذا كله مقرون بصغر حجم السوق الأردني ,  متوازي مع انخفاض القدرة الشرائية للمواطن لا بل وصلت إلى الحد الأدنى الآن , مع زيادة  الضرائب المباشرة والغير المباشرة , ورفع الدعم , وانفلات السوق على عواهنه بدون ضوابط تذكر إلا في بعض التوجهات التي لا تقدم ولا تؤخر , مع ضعف التشريعات والنظم الناظمة  والتي وجدت أيضا من عوامل ضاغطة نحو مزيد من الانفلات لهذا السوق .

مع التوسع الغير مبرر للإنفاق الحكومي للنفقات الجارية , والرأسمالية التي لا تنعكس كنتائج مباشرة على السوق , مع الاعتماد شبه الكلي على القروض والمنح الخارجية , مقرونا بانخفاض الإيرادات المحلية بشكل غير مسبوق .

وسط هذه المعادلة المستعصية , يتحدثون عن نمو , ويتحدثون عن ثورة اقتصادية موجودة على الورق .

*   منتدى النهضة الأردني ومشروعه الاقتصادي الشمولي :

خرج من وسط هذه التحديات الاقتصادية المتعمقة , والمتجذرة من عقود خلت , مجموعة مفكرين وأكاديميين ومتخصصين , ليأخذوا على عاتقهم مبادرة ذاتية , تبحث في عمق المسألة الاقتصادية الأردنية  , مبتعدين بالوقت نفسه عن الحلول الخارجية , متجهين للعمق الداخلي الأردني , مؤمنون بالقدرات الأردنية  الذاتية , يرفعون عنوان ( الحل من الداخل لا من الخارج ) .

ولا يرون أنفسهم رقباء على أداء الحكومات , ولا منازعين لهم في إدارة الملف حسب رؤيتهم , ولكن يرون  نفسهم كشركاء  في حلحلة الأزمة الاقتصادية , ووضع الاقتصاد على مساره الصحيح بجهود داخلية نابعة من أبناء الأردن أنفسهم  .

ورأوا أن الاستمرار في هذا النهج الاقتصادي العام ,  لن يزيدنا إلا فقرا وعوزا وتخلف عن الركب العالمي في  مجالات مختلفة كانعكاس للمسألة الاقتصادية .

بحيث يجب أن تكون  ضرورة الاعتماد على الذات منطلقا  في المسألة الاقتصادية و في حل الأزمة الحالية، حيث أن المانحين الدوليين لن يكونوا على ذات موقفهم من الأزمات السابقة، وهذا يعني بالمحصلة العامة  أن على جيب المواطن تحمل تغطية عجز الموازنة عبر مزيد من الضرائب و قليل من الإعفاءات .

والسؤال الذي تم طرحه في المنتدى سابقا هو :  بعد كل هذه الخطط الحكومية الاقتصادية , والتدخلات للبنك الدولي وغيره من المؤسسات الدولية  , وتطبيق كل قواعدها في الاقتصاد الأردني , هل تم حلحلة المعضلة للاقتصاد الأردني ؟  الجواب هو ( لا )  من خلال النتائج والتطبيقات التي نلمسها, وجميع الحلول السابقة لم تورّث إلا تضخم بالمديونية الخارجية والداخلية , مما أوقع الحكومات اللاحقة بتركات ضخمة من الديون وتعقيد المشهد الاقتصادي أمامها , مما استنفذ الكثير من الخطط الموضوعة للنهضة العامة في سبيل معالجات تركات سابقة , زادت المعضلة الاقتصادية الأردنية تعقيدا وتأزما .

لينتقل إلى السؤال التالي :

ما هو الحل لهذه المعضلة …؟

حقيقة المنتدى لا يرى الصورة الاقتصادية بلون أسود كما يراها الأغلب بل والكثير الرسمي وشبه الرسمي , بل  يلوح في الأفق فرص كبرى , يجب أن تستغل , وستضيع هذه الفرص إن لم نعتمد على ذاتنا لتحقيق معالجة فعالة للاقتصاد الأردني , ليتم استغلا هذه الفرص على أكفأ طريقة ممكنة .

المنتدى أطّر نفسه بأطر واقعية لا نظرية , بأطر تفعيل المنظومة الاقتصادية على الأرض وفورية النتائج , مبتعدا عن أطر التنظير التي لا تؤتي أكلها على الأرض .

فمن مبادرة الشعب للإنتاج والتي خرجت بطرح المدينة الذكية لتكون رافد رئيسي للاقتصاد الوطني  , والتي استغلها البعض للأسف في التسويق لنفسه بأفكار وحلول معوجة ومشوهة عن الطرح بتسمية – المحافظة الثالثة عشر –  ,  إلى مبادرة إنعاش الاقتصاد الوطني ,  إلى منتدى النهضة الأردني . رحلة عميقة في الطرح الواقعي والحلول الجذرية للاقتصاد الأردني, بمنظومة اقتصادية تشاركية ,  تتجنب تحميل الخزينة أي مبالغ إضافية , إيمانا من المنتدى بأن المديونية الأردنية الخارجية والداخلية تكفي الخزينة قيودا , واستنزافا .

المنتدى وعلى لسان مؤسسه ( د. محمد الفرجات ) , أوضح  أن ألاستراتيجيه العامة  في التعاطي مع المعضلة الاقتصادية العامة للأردن , هي  النهج الشمولي ( سياسي , اقتصادي , اجتماعي ) , هو الكفيل بانهاء المعاناة الأردنية في اقتصاده .

فالدولة الأردنية أمام تحد حقيقي وجاد , لا يحتمل الطرح التجريبي الذي يخضع للنجاح  من عدمه , والأمر شاق جدا , فلا بد من الاعتماد على الذات , مقرونا بحملة صارمة من المؤسسات التشريعية والرقابية يكون محورها المحاسبة الصارمة لكل صاحب طرح رسمي لم يؤتي أكله , والانتهاج النهج التخصصي في الاقتصاد , والاعتماد على مراكز إستراتيجية أردنية  متقدمة , يكون محورها النهضة العامة الاقتصادية , وطرح الحلول العملية التي تبتعد عن النظم الكلاسيكية الحالية , والتي تعتمد على حكومة جباية , وعلى جيب مواطن خالية من أي فلس يقدمه , مع إطلاق حوار وطني جاد يعنى بالاقتصاد وحلوله .

طروح المنتدى تعتمد في معيارها الرئيسي الجودة الاقتصادية في حلولها , والمتمثلة بــ ( العدالة , المساواة , الشفافية , المسائلة , الاستدامة , الاستقلالية ) .

منتدى النهضة يرى أن الجهود تراكمية , ولا بد من السير على وتيرة واحدة ضمن عمل ممنهج واقعي في اطر تشاركية تضمن تحقيق الأهداف المرجوة من الاقتصاد الاردني , ضمن مؤسسة الحكم والحكومة والدولة , لتحقيق طموح وآمال الشعب الأردني في مدنه وقراه وبواديه وأريافه ومخيماته .

وقد قدّم المنتدى الكثير , لمختلف الحكومات , أطر تشريعية إدارية وسيناريوهات وخطط للاقتصاد الوطني, منطلقة من الرؤى الملكية والأوراق النقاشية للملك عبد الله الثاني  , بعضها وضع موضع  التشريع في حكومات سابقة وان كانت غير مكتملة الشمولية من بعض الحكومات , ضمن جهد مؤثر للمنتدى , على أن تستكمل ما تبقى منها لاحقا ضمن جهد تراكمي للدولة بكل مكوناتها , مع الاستمرار بتقديم الفعاليات والجهود في سبيل تحقيق النهضة المنشودة .

* المنتدى رؤية شمولية واقعية ضمن فكر استراتيجي  على مستوى الأردن الدولة:

منذ انطلاق هذه الكوكبة المباركة  في نطاق فكر استراتيجي استشرافي , وهم يقدمون كل فكر واقعي , مقرونا بخطط قابلة للتنفيذ , ضمن اقتصاد تشاركي مع الجهات الرسمية , يضيف قيمة نوعية ومتميزة للاقتصاد الأردني , ضمن رءية استشرافية علمية متخصصة .

فمن انطلاق محكات الاستثمار في المدن الأردنية وتكوين فرق عمل تعمل على مستوى كل محافظة أردنية , تبحث مكامن التنمية في المحافة الواحدة , وميزة كل محافظة في التنمية المستهدفة , وتقديم مخطط شمولي لكل محافظة , لتربطها ببافي المحافظات ضمن مخطط شمولي توافقي يصب في الاقتصاد ككل ونهضته .

إلى المدن الذكية , وخطط انشائها , ضمن بنية تحتية متوفرة في المملكة , لا تكلف الخزينة فلسا واحدا , بل تزيد من دخلها وتضع الأردن على بواية العلوم المتقدمة التطبيقية , وتدخله الى المرحلة الرابعة من الثورة الصناعية والتكنولوجية بكل يسر وسهولة , من خلال جامعاتنا ومراكز بحثنا .
إلى  التشبيك بين مراكز العلم التطبيقي في الأردن وبين مصادر الإنتاج , ضمن منظومة متكاملة , تضمن  دخول الأردن في عالم الإنتاج  العلمي والاقتصادي الحقيقي من جانب , ويضمن إنهاء معاناة مراكز الإنتاج من المديونية وما يترتب عليها من عوامل ضاغطة تحد من إنتاجها .
وليس مرورا , بتكوين نخبة من أبناء الأردن , خارجه ليكونوا سفراء المنتدى في دول العالم , لتشبيك الاردن مع أي فرصة اقتصادية تكنولوجية تصنيعية , والعمل على جذبها الى الاردن كمركز عالمي للتفاعل الاقتصادي والتكنولوجي, والترويج للأردن الاقتصادي الصناعي العلمي .

وليس انتهاء بالأردن الزراعي , والذي تم إفراز خطط واقعية للإنتاج الزراعي , وكيفية استغلال الزراعة الأردنية , متجهين به نحو الاكتفاء الذاتي , وغير مهملين المزارع نفسه الذي يذوق الأمرّين في زراعته .

متعرضين للبطالة الأردنية التي هي قنبلة موقوتة , ومعطلة لأي إنتاج أردني , في مجالاته المختلفة .

والصندوق الأردني السيادي الاستثماري , الذي هو عنوان الأردن الاقتصادي , والضمان الوحيد للاقتصاد الأردني , من خلال طرح مبادرة ( صندوق الاستثمار ) , والذي يقوم على أسس مساهمة شعبية ضمن مردود مربح لمن يساهم به , ويضمن العمود الفقري للمواطن الاردني من حيث تحسين دخله , كحلقة من حلقات الاقتصاد الأردني , ويضمن تحرك الاقتصاد الأردني ضمن ديمومة حركية اقتصادية أشبه ما تكون بالذراع الرافعة له وسط حالة جمود وانتكاسة غير مسبوقة .

* نظرية استشرافية :

المنتدى يعي جيدا الفرق بين ( الممكن ) والغير ( ممكن ) , ضمن نظرة استشرافية في واقع الاقتصاد الاردني , فهو غير حالم برؤية تنظيرية غير ممكنة التحقق كما يفعل الكثير من منظري الاقتصاد , وللأسف اغلبهم أصبح رسمي على مستوى الدولة ,  وبين ( الممكن ) ضمن رؤية واقعية قابلة للتحقيق .

فعلى سبيل المثال لا الحصر ( المدينة الذكية ) طرحها المنتدى في صيف عام 2016 , وطرح معها جميع المخططات الشمولية الكفيلة بتحقيقها على أرض الواقع , أوردها على لسان مؤسس المنتدى الدكتور محمد الفرجات : (أن نموذج المدينة الذكية ومشاريع المستقبل فيها وطريقة تمويلها، والمراحل التي عاير فيها القائمون على منتدى النهضة نموذج الطرح، بدأت كجهود للمنتدى منذ صيف ٢٠١٦، وأن المنتدى عبر مبادرته إنعاش الإقتصاد الوطني حمل النموذج إلى مدير مكتب جلالة الملك، وإلى معالي رئيس الديوان الملكي، وإلى مجلسي الأعيان والنواب، وإلى مجلس الوزراء، وروج للطرح وأهميته عبر عدة مؤتمرات وورشات عمل، إضافة لكل وسائل الإعلام والسوشيال ميديا ( .

المنتدى وضمن ورشة عمل متخصصة , في بداية جائحة كورونا , حذّر من شح الغذاء , وحذّر من انغلاق الدول على نفسها , مما سيؤدي حتما الى صراع سياسي عالمي على التوريدات المختلفة , وناشد الدولة الأردنية بأن يكون الأمن الغذائي الأردني في هذه المرحلة , له الأولوية القصوى في منظومة إستراتيجية أردنية .

ففي نسيان من عام 2020 المنصرم , عقد المنتدى ورشة عمل متخصصة بهذا الجانب , ورفع التوصيات والنتائج للحكومة الأردنية , مطالبا الحكومة بوضعها موضع التنفيذ ضمن إستراتيجية غذائية أردنية تكفل الأمن الغذائي ., مجددا دعوته للحكومة الأردنية واستجابة للظروف العالمية، وتماشيا مع تطلعات جلالة الملك لتنظيم وإنعاش القطاع الزراعي وتحسين ظروف المزارعين، بوضع الأمن الغذائي الوطني كأولوية قصوى، توازي جهود مكافحة الوباء، ضمانا لغذاء المواطنين، أمام مفاجآت قد تعصف بالوفرة الغذائية والإنتاج الغذائي في الأسواق العالمية، وتضاعف أسعار الاستيراد  , مشددا على الحصاد المائي , وإيجاد بنك البذور , وحصر الأراضي القابلة للزراعة , مع العمل على استغلالها بطرق زراعية حديثة , مما سيساهم في التصدي لأي نقص في سلسلة الأمن الغذائي من جانب , ويساهم في تحسين وضع المزارع الأردني من جانب آخر , مع الاهتمام بصناعة التغليف والنقل والتسويق على اعتبار أنها فرصة جديدة تضيف للسوق الأردني وسط ندرة التزويد الغذائي نتيجة انغلاق الدول على نفسها في الجائحة .

وشدد المنتدى ضمن رؤيته الاستشرافية على أهمية العمل الدؤوب على التخفيف من الديون الخارجية , ضمن تحرك مزدوج من الدولة الرسمي مع المكونات شبه الرسمية للدولة , وذلك من خلال تحركات مكثفة على أقل تقدير تعيد هيكلة الدين الخارجي , طمعا في تخفيف القيود الضاغطة على الاقتصاد الأردني , وترتيب أولوياته من الداخل لإعادة الاقتصاد للطريق الذي يمكنه من التوأمة بين أداء ديونه , وبين تحقيق الانفراج الداخلي , من خلال تحمل سفاراتنا في الخارج مسؤولياتها في هذا الجانب .

* المنتدى يعمل على دخول الأردن في مؤيته الثانية وهو القادر اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا :

مشروع اقتصادي تنموي يقوده أردنيون تحت مظلة ما  “منتدى النهضة” ينتهج نهج حضاري واستراتيجيات فكرية تنموية جديدة و رؤية جادة و جريئة لم تكن موجودة مسبقاً و ترتكز على المعرفة كأساس للتنمية الشاملة.

رؤية منتدى النهضة جاءت لتترجم أوراق الملك النقاشية ومشروعه النهضوي، ولكن بطريقة تترجم طموح وأمل المواطن مقابل إستنطاق معاناته، تحت كلمة ” خير يعم على الجميع”، و يؤكد أن الأردن بحد ذاته سوق إستهلاكي كبير و يستهلك بمليارات الدنانير مستوردات من الخارج، وهو قادر على تصنيعها وإنتاجها وتصديرها، ويلفت المشروع النظر للودائع الأردنية الجامدة في البنوك بعشرات المليارات دون إستثمارها وتشغيلها وطنيا، و في المقابل هناك مغتربون عرب وأردنيون ينتظرون ضخ أموالهم، ولكن يجب أن نبدأ بتحريك المياه الراكدة. ويؤكد منتدى النهضة على فكرة الإقتصاد التعاوني (صندوق الإستثمار الوطني والمغتربين) ويصفه بأنه عماد العملية، وكذلك المناداة “بمشروع الشعب للإنتاج”، وهو الأساس الذي إرتكز عليه وإنطلق منه فكر الإقتصاد التعاوني منذ عام ٢٠١٣.) …

المشروع النهضوي بصفة مشروع جمعي يوحد الكل نحو العمل والانتاج، من خلال محافظات منتجة بمحركات تنموية حسب ميزة كل محافظة، و بحث خارطة طريق تنمية كل محافظة وفرصها الإستثمارية، كما يقترح مشروع المنتدى العديد من المحركات التنموية للمحافظات: ففي عمان يقترح بدء المدينة الذكية شرق عمان و في إربد بناء مدينة لتطوير صناعات النانوتكنولوجي والذكاء الإصطناعي و في العقبة تطوير شمال العقبة/مدن صناعية إنتاجية، سياحية، إسكانية و طاقة متجددة ومياه محلاة، و في معان استحداث مطار تنموي سياحي و ميناء بري وبالمفرق قاعدة لوجستية فنية لإعادة إعمار سوريا والعراق، و بالكرك والطفيلة مدن صناعات الأمن الغذائي، وفي مادبا إنشاء مشروع مدينة التاريخ و بوابة المدن التاريخية، وفي الزرقاء تمكين الصناعات القائمة حاليا بالطاقة المجانية والتدريب ومجانية معالجة المياه العادمة، وبالبلقاء مدينة صناعة البرمجيات وتكنولوجيا الإتصالات، و في جرش وعجلون صناعات الإقتصاد الأخضر والطاقة المتجددة، وبالبادية مشاريع وقواعد الأمن الغذائي الزراعي وإنتاج الثروة الحيوانية، ويكون التمويل للمشاريع أعلاه من الصناديق الإستثمارية بعد أن تسندها الحكومة.

وفي ظل معطيات المشروع فإن ذلك بكل تأكيد سينتج نهضة عمرانية إستثمارية وطنية شاملة تنعش الأسواق والسيولة، وتستقطب رؤوس الأموال المحلية والخارجية، وينتج عنها مشاريع رأسمالية وخدمية وصناعية وزراعية وتجارية وأعمال ومشاريع تكنولوجيا رقمية معلوماتية فكرية إبتكارية، تشغل الجميع… وترتقي بالوطن وتعزز أمنه القومي، وتحقق ورفاه المواطن، وتزيد من الرضا العام بعكس حالة السوداوية والتشاؤم التي نعيشها اليوم.

أخيراً المشروع بكل مؤشراته يترجم ما جاء بالأوراق النقاشية الملكية. لماذا لا تعمل حكومة دولة بشر الخصاونة على تنفيذه أو على الأقل تأسيس صندوق الإستثمار الوطني والمغتربين، لدعم الإقتصادي الوطني.

هذا ملخص لتقرير ( عبد الله العزام ) عن المتدى ورؤيته وخططه , أكتفي به ….