جانبك يكتب: نظرية خطوات الطفل

10 مارس 2021
جانبك يكتب: نظرية خطوات الطفل

بقلم العميد المتقاعد زهدي جانبك
بهالزمانات واثناء عملي بأحد فرق العمل على المستوى الوطني ، بدأ احد ممثلي المؤسسات الحكومية بالقاء خطبة عصماء، شرق وغرب فيها بعيدا عن الموضوع، اخطأت وسألته: what is your point ؟ ثار الأخ وهاج، وماج، وقام ، وقعد،… فاصلحناه حتى هدي وراق… ثم سألته: ما هي النقطة التي تريد ايصالها؟ فقال: يا أخي طار الكلام من دماغي، وطارت النقطة….. يومها أدركت ان ترك كثيرين الحكي يحكوا ما منه فايدة غير كثر المشاكل، إسكاته من البداية افضل واجدى، حتى لو ثار وفار وهاج وماج…. بالنتيجة هو فارغ وبياع كلام.
الانجليز بقولوا :
put your money where your mouth is.
وانا اقول: دعنا نرى أفعالك، لا أقوالك…. لأن (العزف) على المرتكي هين.

في الإدارة العامة، وتحديدا الاقتصاد والعلوم السياسية، هناك نظرية إدارية درسونا اياها ايام البكالوريوس بداية الثمانينيات اسمها:
Muddling Through Theory
للبرفيسور : Charles Edward Lindblom
هذه النظرية تتحدث عن مدى تعقيد بيئة التغيير واتخاذ القرار في القطاع العام… المصطلح بحد ذاته معقد لدرجة ان ترجمته الى اللغة العربية صعبة.
واضع هذه النظرية شرحها في مقالين الأول تم نشره عام 1959 بعنوان :
Muddling Through,
والمقال الثاني نشره بعد 20 سنة عام 1979 وهو بعنوان:
Still Muddling, Not yet through.
عنوان المقال الثاني بحد ذاته يشرح العملية كلها ويوضح ابعاد النظرية.

قبل انتقاد المتصدرين للعمل العام ، وقبل التنظير وكثرة الكلام، يجب أن يعلم الناقد ان ظروف وبيئة اتخاذ القرار معقدة، والشركاء متعددون وأصحاب النفوذ والمصالح كثيرون وان متخذ القرار يجب عليه مراعاة جميع هذه المتغيرات البيئية المحيطة عند اتخاذ قراره… ناهيك عن أحدث المتغيرات الا وهو، شبيحة وابطال السوشال ميديا الذين بجيدون تسجيل الأهداف احسن من المرحوم مارادونا … طالما هم جالسين خلف شاشاتهم وليسوا بالميدان.

وارجو ان لا يفهم البعض ان النقد والانتقاد غير مقبول، بل على العكس فإن النقد البناء يثري القرار ويجعله اكثر قربا الى القبول العام.

دراسة الجراحة نظريا، وقراءة كتاب او كتب حول مهارات جراحة الأعصاب، أو القلب لا يعني ابدا ان القارئ أصبح جراحا… التحدي الحقيقي يكون في اللحظة التي يمسك بها الطبيب مبضعه ويبدأ بشق الأنسجة ويرى تدفق الدم من الجرح…. عندها سيتعلم ان يركز على السبب الحقيقي للجراحة ويعالج المشكلة دون الانشغال بما يراه بعد فتح الجرح… ودون إلقاء اللوم على طبيب التخدير لان المريض شعر بالالم …..