محمد مطلب المجالي
ما إن هطلت أمطار الخير على الكرك، حتى أعلنت الجهات المعنية حالة الطوارئ، لا خوفًا من السماء، بل من أرضٍ أنهكها الإهمال وسوء التخطيط. فالمطر، الذي يفترض أن يكون بشارة حياة، تحوّل في بعض المواقع إلى اختبار قاسٍ لبنية تحتية متهالكة، لم تُبنَ على حسابات دقيقة ولا رؤية بعيدة المدى.
الطرقات التي غمرتها المياه، والعبّارات التي اختنقت، والحفر التي ابتلعت المركبات، لم تكن وليدة لحظة مطر عابر، بل نتاج سنوات من ترقيع المشاريع، وغياب الرقابة، والتنفيذ على عجل دون مراعاة لطبيعة المكان ولا لخصوصية تضاريس الكرك.
أمطار الخير لم تفضح فقط ضعف الإسفلت والعبّارات، بل كشفت زيف التقارير الوردية، وسوء التخطيط الذي يُعاد إنتاجه كل شتاء. فكلما جاء المطر، عادت الأسئلة ذاتها: أين الخلل؟ ومن يحاسب؟ ولماذا نُفاجأ في كل موسم بما كان يجب أن يُعالج منذ سنوات؟
إعلان الطوارئ ضرورة، لكنه ليس الحل. الحل يبدأ من مراجعة شاملة لملف البنية التحتية، من التخطيط إلى التنفيذ، ومن المحاسبة إلى الشفافية. فالأوطان لا تُدار بردّات الفعل، ولا تُحمى بالبيانات، بل ببنية صلبة تحترم عقل المواطن وحقه في الأمان.
ستبقى أمطار السماء خيرًا، أما الخلل فصنع أيدينا، ولن تُجدي الطوارئ نفعًا إن لم تتحول إلى نقطة بداية لإصلاح حقيقي، يعيد للكرك حقها في طرق آمنة وبنية تحتية تليق بتاريخها وأهلها.






