الآن الآن وليس غداً اجراس الحق والحقيقية يجب أن تقرع

29 ثانية ago
الآن الآن وليس غداً اجراس الحق والحقيقية يجب أن تقرع

د. عادل يعقوب الشمايله

تحليل الخبير العسكري د. نضال ابو زيد الذي بثته احدى القنوات التلفزيونيه الاردنية كان في معظمه صحيح واتفق معه. ولكن، ونظرا لما ورد على لسانه في المقابلة عن اعداد الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الاردنيه في فلسطين وأن عشرات الالاف منهم هاجروا ويهاجرون او يُهجرون الى الاردن، فإنَّ من حقنا، بل من واجبنا ان نتسائل عن الحكمة من اصرار الحكومة الاردنية على اضفاء الجنسية الاردنية على ثمانمائة الف فلسطيني يقيمون في الدولة الفلسطينية التي اعترفت بها ١٥٧ دولة ولها هويتها مما يمكن حامليها من التنقل عبر مطارات العالم. أي انهم ليسوا بحاجة الى جواز السفر الاردني. مع أنهم يجب ان لا يغادروا وطنهم الذي ينافسهم عليه الكيان الاستيطاني الصهيوني.
ونظراً، لأن الجنسية الاردنية لم تكن في يوم من الايام حقاً اصيلاً لحامليها الفلسطينيين قبل عام ١٩٥١ وإنما هي حصرا جنسية عرب بلاد الشام الذين كانوا من رعايا الدولة العثمانية واصبح لهم كيان سياسي مستقل وله سياده ضمن منطقة جغرافية محددة ومرسمه، وأنَّ الجنسية الاردنيه قد فرضت على الفلسطينيين فرضا في البداية، فقد قرر حملتها الاحتفاظ بها والتعامل معها (كمكسب) للضرورة وللحصول على منافع دون أن ينتقص حملها من ولائهم وعشقهم لبلدهم فلسطين.
يقابل ذلك، وضع الحكومة الاردنية رأسها في الرمال حتى لا ترى المخاطر المترتبة على هذا الوضع غير الطبيعي والذي لا ينسجم مع المصالح العليا لكل من الفلسطينيين والاردنيين على حد سواء. وها هي النتيجة. فقد تحول التجنيس المستمر حتى بعد فك الارتباط واصدار الجوازات الى مسدسات ومتفجرات تصنعها وتستغلها اسرائيل ووسائل الاعلام الجاهلةِ والمُجَهَلةِ والمتصهينة التي تردد ببغائية وغواية ومكر ان الاردن هو فلسطين وانه يجب اقامة الدولة الفلسطينية على الارض الاردنية حتى تُفَرغ فلسطين كاملة للدولة الصهيونية.
ما تفعله اسرائيل بعد السابع من اكتوبر ٢٠٢٣ من تهجير ناعم، مستغلة الافعال غير المسؤولة الاستعراضية والتوريطية والمقاولاتية لاتباع حماس في مخيمات الضفة الغربية التي ادت الى تدمير المخيمات وتشتيت ساكنيها ثم ترحيلهم على الاغلب الى الاردن بحجة انهم يحملون الجنسية الاردنية لا يمكن قبوله بل يجب ادانته باقسى العبارات ورفضه ومنعه.
٩٩,٩٩٪ من الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الاردنية سواءا كانوا يعيشون في الاردن منذ عام ١٩٤٨ وتقلدوا او يتقلدون المناصب الرسمية ويديرون الشركات وحتى العاملين منهم في المهن البسيطة، وكذلك من يعيش في الضفة الغربية او في اي مكان آخر في العالم يصفون انفسهم باعتداد وبدون تردد بأنهم فلسطينيون. واذا ما سُئلِ احدهم الا تحمل الجنسية الاردنية فإنه يقول نعم ولكنني فلسطيني اصلا.
نطلبُ من حكومتنا أن تحترم إرادة الفلسطينيين ومشاعرهم واعتزازهم بوطنهم، وتعزيز نضالهم الطويل للحصول على حقهم في السيادة على وطنهم، وأن تكف وتتراجع عن خطأها التاريخي في تهميش هويتهم. وفي الوقت ذاته عدم التفريط بالوطن الاردني وحقوق مواطنيه الاصليين.
التصريحات المنسوبة لوزير الإعلام أو أي وزير آخر هي مجرد علك للمياه وكلام فاضي وفقاعات لا تُغني عن الحق شيئاً.
يبدو أن الحكومات الأردنية مصابة بالصمم والعمى والخرس معاً. فهي لا تقرأ، ولا تسمع التهديدات وما يقوله المروجون، ولا تتكلم، مما يضعها في دائرة الاتهام بأنها متواطئة مع الادعاءات الإسرائيلية التي يصدقها الغرب او يُحبون ان يصدقوها وبعضُ العرب والفلسطينيون بأن غالبية سكان الأردن فلسطينيون.
على الحكومة ان تفضح تلك الادعاءات الكاذبة وتفصح عن الحقيقة التي تملك زمامها في دوائرها الرسمية التي لم تترك صغيرة ولا كبيرة الا احصتها. بأن تعلن عن اعداد الاردنيين من اصل فلسطيني الذين يقيمون في الاردن اقامة شرعية دائمة ونسبتهم الى عدد السكان. وهذا ممكن وسهل جدا. حيث تستطيع دائرة الاحوال المدنية تزويدها به في غضون ساعات.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى على الحكومة ان تقول بالفم الملآن انه حتى ولو كان غالبية سكان الاردن هم من أصل فلسطيني ( وهم بالتأكيد ليسوا كذلك) فإنه لا يجوز استغلال استضافة الاردنيين لأشقائهم اللاجئين الفلسطينيين لتحقيق اهداف اسرائيل بتصفية الحق الفلسطيني على حساب الاردنيين واستبدال نكبة ١٩٤٨ بنكبة او نكبات واقامة دولة فلسطينية على الارض الاردنية مما يفسح المجال لصراعات دموية ليست غريبة عن منطقتنا لاسباب مذهبيه او طائفيه او عرقيه او قبليه او جهويه تُشعلها وتغذيها وتمولها وتسلحها اسرائيل واموال الذهب الاسود التي يقدمها سماسرة وهواة الانقسامات والنزاعات والحروب بين ابناء الوطن الواحد لتصبح جميع الدول العربية دول قزمية قبلية متشابهة.
يتبعُ ذلك، على الحكومة، الاذعان للواقع والتوقف بل التراجع عن المساهمة بمنهجية تغييب الشخصية الفلسطينية التي طبقتها منذ سبعين عاماً، والانسجام مع تطلعات واماني الاردنيين من اصل فلسطيني بتخييرهم بين الاستمرار بحمل الجنسية الاردنية او التنازل عنها لحمل الجنسية الفلسطينية ولا مجال لازدواج الجنسية وازدواجية الولاء. من يرغب او يفضل الجنسية الفلسطينية يطلب منه التنازل عن الجنسية الاردنية او تسحب منهم مع عدم المساس بحقوقهم في العمل والاستثمار والعيش شأنهم شأن السوريين
والعراقيين وبقية العرب. ذلك ان الاردن جزء من الوطن العربي رغما عن أنف بلفور وتشرشل ومن ورثهم.
من شأن هذا النهج أن يوضح للعالم الحجم الحقيقي للكارثة الانسانية التي نجمت عن صناعة الكيان الصهيوني.
اللي ما بيستحي منك لا تستحي منه. قضايا مصير الاوطان وحقوق المواطنيين الاصليين غير قابلة للهدية او البيع او السمسرة او المجاملة. وليس من حق اي كان ان يتصرف بحقوق الاردنيين والفلسطينيين بدون
موافقتهم وكأنهم خرفان العيد.