بقلم: المحامي حسين أحمد الضمور
في عصرنا الرقمي، أصبحت منصات السوشال ميديا جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، فهي وسيلة للتواصل، لنقل الأخبار، ومشاركة الأفكار والآراء. لكن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم: هل هي حقًا كاشفة للحقائق ومجسدة للواقع، أم أنها منشئة للخلافات والانقسامات في مجتمعنا؟
من جهة، أظهرت التجارب أن السوشال ميديا قادرة على كشف الحقائق التي قد تغيب عن الإعلام التقليدي، فهي توفر فضاءً واسعًا للشفافية، وتتيح للمواطن العادي أن يعبر عن رأيه، وينشر ما يراه من قضايا اجتماعية أو فساد أو مظالم. بهذه الطريقة، يمكن اعتبارها أداة قوية لمحاربة الظلم، ولتعزيز الوعي المجتمعي.
لكن من جهة أخرى، لم تعد هذه المنصات محايدة تمامًا. فقد تحولت في كثير من الأحيان إلى ساحات للصراعات، ونشر الشائعات، وتأجيج الانقسامات. تحركنا العاطفي أمام منشوراتنا قد يقودنا إلى اتخاذ مواقف متسرعة أو الحكم على الأمور قبل التحقق من صحتها. وما يزيد الطين بلة، أن الخوارزميات غالبًا ما تغذي الصراع بتكرار المحتوى المثير للجدل، مما يخلق بيئة مشحونة بالعاطفة، وتصبح الخلافات أكثر حدة وانتشارًا.
إن المجتمع بحاجة إلى وعي رقمي حقيقي، يجعل من السوشال ميديا أداة كشف وليس منصة صراع. علينا أن نتحقق من المعلومات قبل مشاركتها، ونمارس النقد البناء بدل الانفعال المتهور، ونستفيد من هذه المنصات لتقريب وجهات النظر بدلاً من توسيع الهوة بين أفراد المجتمع.
السوشال ميديا، إذا ما استُخدمت بحكمة، يمكن أن تكون كاشفة للحقائق ورافعة للوعي. أما إذا أهملنا الضبط الذاتي والتحقق من المعلومات، فستصبح منشئة للخلافات، ومرآة تعكس أسوأ ما في مجتمعنا.
في النهاية، الخيار لنا جميعًا: إما أن نحولها إلى أداة بناء، أو إلى ساحة صراع. المجتمع الذي يعي هذا سيحمي نفسه من الانقسامات، ويستفيد من قوة التواصل الرقمي بدلاً من أن يُستنزف بها






