الوزيرة السابقة والمرشحة لمنصب سفير الأردن في الجزائر… تنتقد الموازنة العامة بشكل ملفت

19 فبراير 2021
Image processed by CodeCarvings Piczard ### FREE Community Edition ### on 2018-12-13 08:39:51Z | | ÿ Ÿÿ Ÿÿ Ÿÿ¢Ãñ€

– موازنة تقليدية في ظرف استثنائي وهامش المناورة المحدود

– إيرادات محلية مشكوك بتحقيقها في ظل التباطؤ الاقتصادي الذي يعشه العالم والأردن ليس استثناءً

– زيادة النفقات العام الحالي بمبلغ 566 مليون دينار

– ارتفاع المديونية 2 مليار دينار بمقدار العجز المدرج في مشروع القانون

وطنا اليوم – كتبت وزير الإعلام السابقة والتي يتردد اسمها مؤخرة كسفيرة في الجزائر جمانه غنيمات حول الموازنة العامة انتقدت ارقام الحكومة و المديونية المرتفعه حيث قالت غنيمات :

لا يكترث كثير من الأردنيين بتفاصيل مشروع قانون الموازنة العامة للدولة رغم أهميته العميقة، وانعكاسه الكبير على حياتهم اليومية، سواء لناحية ما ستقدمه لهم الحكومة، أو ما سيقدمونه هم لها بالمقابل، من ضرائب ورسوم.

 

أهمية الموازنة العامة، تكمن بأنها تنظم شكل العلاقة المالية والخدمية بين المواطن والحكومة، وتحديدا المالية منها، وأيضا ما ستقدمه لهم الحكومة من خدمات صحية تعلمية، وبنية تحتية.

 

نظرة عامة على الموازنة العامة، تحكي للناس أنها موازنة تقليدية جاءت في ظل ظروف استثنائية، فعلى سبيل المثال لا تتضمن الموازنة أية أرقام تعكس محاولات لضبط النفقات المهدورة، تحديدا في قطاعي الصحة والتعليم، اذ طالما اشارت دراسات سابقة الى هدر بمئات الملايين في هذين القطاعين.

 

ويقدم مشروع قانون الموازنة العامة الذي ما يزال بانتظار إقراره من مجلس النواب، معلومات وبيانات للأسف لا يعلمها الكثيرون، رغم أهميتها في ردم جزء من فجوة الثقة بين المجتمع والحكومة التي تتسع مع الزمن، وكونها تجيب على سؤال المليون عند المواطن الأردني، وهو “وين بتروحوا بالمصاري؟”، لذا تبرز أهمية كبيرة في معرفة الناس لأهمية الموازنة العامة كونها إجابة الحكومة على سؤالهم المشروع.

 

فالموازنة ببنودها العريضة تحكي من أين تأتي الأموال وكيف تنفق، وما هي موارد الدولة المالية، وكيف تنفق هذه المبالغ؟ وأيضا وإن كانت الموازنة بنسب وبنود وأرقام معقدة، إلا أنها تشرح الخطط الحكومية في مختلف القطاعات.

 

الشق الأول من الموازنة، وهو شق الإيرادات، يفصل من أين تأتي موارد الخزينة خلال السنة المالية، حيث يوضح مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2021، أن قيمتها 7.874 مليار دينار سنويا، غالبيتها من الإيرادات المحلية، وتحديدا الإيرادات الضريبية، إذ تحصل الحكومة من الضرائب ما قيمته 5.390 مليار دينار، فيما يرد لها 1.908 مليار دينار، تدرج تحت مسمى الإيرادات غير الضريبية، لكن جزءا كبيرا منها عبارة عن رسوم، أما الجزء الأخير، فهو المنح الخارجية وقدرها بعكس الانطباع السائد ومقارنة بإجمالي قيمة الموازنة، محدود ويبلغ نحو 567 مليون دينار سنويا.

 

أرقام الإيرادات المحلية، تنسجم مع دراسة حكومية تؤكد ارتفاع العبء الضريبي الذي يقع على كاهل المواطن الأردني، حيث قدرته الدراسة بنسبة 26.5٪، وهذه نسبة مرتفعة تستدعي مراجعة هيكل النظام الضريبي الذي بات يشكل معيقا للنمو، ويثقل كاهل الأسر منخفضة ومحدودة الدخل، تحديدا ما يتعلق بعبء ضريبة المبيعات على السلع والخدمات، كونها تصنف كتشوه وشكل من أشكال الظلم الاقتصادي.

 

الشق الثاني من الموازنة العامة، يُعنى بالانفاق العام وبكل فلس تنفقه الحكومة، وهو الجزء الذي يجيب على سؤال الرأي العام، “أين تذهب الأموال”، حيث تفيد أرقام مشروع قانون الموازنة العامة، بأن الحكومة تنفق أكثر بكثير مما يردها من أموال، وقد ارتفع هذا الرقم وللأسف سنويا، دون الانتباه لقاعدة “مد لحافك على قد رجليك”، ما جعل حجم الموازنة ينمو بشكل غير صحي، وبوتيرة لا تراعي مبدأ الاعتماد على الذات، أو العيش ضمن إمكانيات البلد، حتى وصلنا إلى مرحلة لم يعد هامش الإصلاح في الموازنة العامة ممكنا، بل على العكس بات البناء على أخطاء الماضي وتعظيمها هو القاعدة، فتأتي كل حكومة فتزيد الإنفاق، فيرتفع عجز الموازنة، والمديونية حتما.

 

بالتفصيل، تضمن مشروع قانون موازنة العام 2021، أرقام النفقات، والتي توضح أين تنفق الإيرادات والمنح وكذلك القروض، حيث يبلغ إجمالي النفقات حوالي 9.9 مليار دينار، تتوزع على النحو التالي، 8.7 مليار دينار إنفاق جاري، ومبلغ 1,1 مليار دينار للنفقات الرأسمالية.

 

وتتوزع النفقات الرأسمالية على النحو التالي: 289 مليون دينار لمشاريع قائمة ومستمرة، ومبلغ 720 مليون دينار لمشاريع قيد التنفيذ، فيما خصص مبلغ 170 مليون دينار للمشاريع الجديدة، وهذا بند يلزم التوقف عنده مليا، كونه أداة الحكومة لتحقيق النمو الاقتصادي المنشود.

 

فمبلغ 170 مليون دينار، لا يكفي لتحقيق النمو الذي تطمح له الحكومة ويقدر بنسبة 2.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وهي نسبة وإن كانت قليلة ولا تكفي لتحسين الحالة الاقتصادية العامة، تحديدا ما يتعلق بالتخفيف من مشكلتي الفقر والبطالة، لكن فرص تحقق هذا المعدل من النمو يبقى متفائلا في ظل تبعات الجائحة التي رمت بظلالها على قطاعات مهمة منها السياحة وحوالات العاملين في الخارج، عدا عن انعكاسها على قطاع التجزئة بشكل خاص، والتجاري بشكل عام.

 

أما النفقات الجارية، وهي الأمر المهم كونها تشكل نحو 80٪ من الإنفاق الحكومي، فتتوزع على النحو التالي: تنفق الخزينة مبلغ 4.3 مليار دينار على الرواتب والأجور والعلاوات واشتراكات الضمان، ما يعني أن نصف الإنفاق الجاري المقدر بحوالي 8.7 مليار دينار، يتوجه للرواتب والأجور.

 

كما تنفق مبلغ 1.4 مليار دينار على فوائد القروض منها 510 مليون دينار على القروض الخارجية، ومبلغ 942 مليون دينار على فوائد القروض الداخلية، وتعكس هذه البيانات الحجم الضخم للاقتراض الحكومي الداخلي، الأمر الذي يعني أن الحكومة تنافس القطاع الخاص على تسهيلات القطاع المصرفي المحلي، ما يؤشر ضمنيا على اقتراض الحكومة لمبالغ ضخمة من أموال صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي على مدى السنوات الماضية، حيث تقترب مديونية الحكومة من الضمان من مبلغ 7 مليار دينار.

 

يشار إلى أن الحكومة السابقة، كانت قررت استبعاد المبالغ التي اقترضتها من المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي من حجم المديونية العامة بناء على اتفاق مع صندوق النقد الدولي، الأمر الذي يثير مخاوف الأردنيين من ضياع مدخراتهم في المؤسسة وعوائدها المالية.

 

فقرار إسقاط مديونية الضمان، يعبر عن اختيار الحكومة للخطوة الأسهل والتي لا تعكس واقع تضخم المديونية لحدود حساسة، رغم أنه بالإمكان احتساب الدين مع دين الضمان أو عدمه، واستخدام النتيجتين لغايات التفاوض، بحيث يعرض الرقم الأعلى لقيمة الدين وهو الحقيقي لطبيعة الحال ضمن مفاوضات زيادة حصص المملكة من المنح الخارجية، فيما يستخدم قيمة الدين مطروحا منه قيمة مديونية صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي لغايات الحصول على القروض.

 

بالعودة إلى التصنيف الاقتصادي للنفقات الجارية للسنة المالية 2021، تظهر الأرقام أن فاتورة التقاعد أيضا تتحصل على نسبة مرتفعة من الإنفاق الجاري، حيث تبلغ فاتورة التقاعد ما قيمته 1.6 مليار دينار سنويا، تخصص لمتقاعدي الخدمة المدنية، إضافة إلى تخصيص مبلغ 304 مليون دينار لبند المساعدات الاجتماعية.

 

الإنفاق على السلع والخدمات خلال العام الحالي، يقدر بحوالي 551 مليون دينار، فيما يوجه مبلغ 247 مليون دينار للإعانات التي تشمل إعانات المؤسسات العامة غير المالية بمبلغ 187 مليون دينار، والمؤسسات الخاصة غير المالية مبلغ 1.6 مليون دينار، وإعانات دعم السلع بقيمة 55 مليون دينار لدعم القمح والأعلاف، ومبلغ 3 مليون لإدامة عمل مجالس المحافظات، فيما خلى بند شبكة الأمان الاجتماعي من أي مخصص، بعكس سنوات سابقة كان يخصص لهذا البند مبلغ 130 مليون دينار توجه لدعم الخبز، الأمر الذي يعني أن الحكومة لن تدعم الخبز للأسر محدودة الدخل، رغم ظروف الوباء وانعكاسات الحالة الوبائية على هذه الفئة تحديدا من الناشطين في دائرة اقتصاد الظل.

 

وضمن بند الإنفاق الجاري، يتضح أن قيمة الدعم للوحدات الحكومية يبلغ 21 مليون دينار، لكن اللافت أن الحكومة خصصت مبلغ 205 مليون دينار للنفقات الأخرى التي لم توضح ماهيتها، ولم تشرح تفاصيل إنفاقها، فيما قدر مخصص الأصول الثابتة بمبلغ قليل مقداره 2.5 مليون دينار.

 

بين الإيرادات والنفقات التي تزيد عنها بكثير، تظهر قيمة العجز الذي يقدر للعام الحالي حوالي 2 مليار دينار، مقارنة بعجز يتجاوز 2.1 مليار دينار للعام 2020، الأمر الذي يعني زيادة الدين العام خلال العام الحالي بنفس قيمة العجز كحد أدنى في حال تمكنت الحكومة من تحقيق المؤشرات التي وضعتها في موازنة العام الحالي.

 

اللافت في رقم المديونية أنه يتزايد بشكل سنوي، حيث بلغ نحو 33.4 مليار دينار أي ما نسبته 107.9٪ من الناتج المحلي الإجمالي.

 

وبالحديث عن المديونية، يلزم شرح موازنة التمويل (حجم القروض التي ستحصل عليها الحكومة من مختلف المصادر، وماهية إنفاقها) التي يفرد لها مشروع قانون الموازنة العامة بندا خاصا، حيث يظهر أن إجمالي قيمتها 6.957 مليار دينار، تلجأ لتوفيرها إلى إصدار سنوات اليورو وسندات محلية بقيمة 815 مليون دينار، قروض من المؤسسات الدولية بقيمة 1.35 مليار دينار، وقروض خارجية لتمويل مشاريع رأسمالية بقيمة 64 مليون دينار، وقروض داخلية بقيمة 4.7 مليار دينار.

 

أما إنفاق هذه القروض، فيذهب لسداد العجز بمبلغ 2 مليار دينار، ومبلغ 2.9 مليار دينار إطفاءات دين داخلي، فيما يتوزع باقي المبلغ على تسديد أقساط القروض الخارجية المستحقة، وإطفاء سندات يورو وسندات محلية، وسلف وزارة المالية لسلطة المياه، وتسديد أقساط قروض داخلية على سلطة المياه، وأخيرا أقساط قروض معالجة المتاخرات الحكومية.

 

ثمة تفاصيل كثيرة مهمة يتضمنها مشروع قانون الموازنة للعام الحالي، بيد أن التقييم العام للموازنة وتفاصيلها وتحديدا ما يتعلق بالإنفاق الجاري (رواتب تقاعد وأقساط دين) الذي تضخم بشكل سنوي، يشي بأن هامش الإصلاح محدود جدا، ولذا يتوجب تقديم خطاب يقول للأردنيين، إن الدين سيرتفع طالما هناك عجز، وإن أحوال الموازنة ستتراجع أكثر طالما ضبط النفقات ووقف الهدر أمران غير واردين.

 

كما أن تثبيت حجم الموازنة بات مسألة تبدو مستحيلة، حيث ارتفع الإنفاق العام للعام 2021، بمبلغ 566 مليون دينار عن العام الماضي، ليبلغ 9.930 مليار دينار العام الحالي، فيما بلغ نحو 9.364 مليار دينار العام 2020.

 

إحداث تحول وتغيير حقيقي في شكل الموازنة العامة وبنيتها، لا يعتمد على أداء وزارة المالية فحسب، بل يتطلب رؤية مختلفة لإدارة الملف الاقتصادي برمته، يبدأ بدعم القطاع الخاص وزيادة حجمه، ولا ينتهي بمراجعة الهيكل الضريبي، بالتزامن مع تعزيز دور القطاع وزيادة مشاركة النساء الاقتصادية، حيث تعد الأخيرة مفتاحا لإحداث فرق ببنية الاقتصاد، كون 86٪ من قوة النساء الاقتصادية معطلة.

 

النقطة الأخيرة والحساسة، هي مدى قدرة الحكومة على تحقيق ما جاء في الموازنة، تحديدا بقيمة الإيرادات المحلية التي نمت مقارنة بالعام الماضي بحوالي 900 مليون دينار تتوزع من الإيرادات المحلية، والتي لم تشرح وزارة المالية كيف ستحصلها في ظل الأوضاع الراهنة، حيث تظهر الأرقام تفاؤلا بزيادة الإيراد المحلي، وتحفظا في توقع المنح المالية خلال السنة الحالية