طبائع الاقوام

30 ثانية ago
طبائع الاقوام

د. عادل يعقوب الشمايله

بعد بضع عقود، وربما بعد بضع سنوات ستتغيرُ ملامحُ ومعالمُ جغرافيا وادي الاردن. وستنظرُ الاجيال القادمة الى الخرائط التي تحتوي على مسميات واشكال ومواقع نهر الاردن ونهر اليرموك والبحر الميت بريبة بالغة وعلى أنها خرافات وزيف وتزوير من رجس الشيطان.
ماتَ نهرُ الاردن ودُفنْ واصبحت عظامهُ مكاحل. وكذلك الامرُ بالنسبة لنهر اليرموك وقبلهما بحيرة الحولة. اما البحر الميت فإنه يلفظُ انفاسهُ الأخيرةَ. قريباً سنتخلص منه ونرتاح. بل ستتطهرُ الارضُ الأردنيةُ من آثام قوم لوط.
فالبحر الميت قد تشكلَ من المياه التي كان يستحمُ بها قومُ لوط الملاعين بعد انتهائهم من افعالهم السيئة. ولأنَّ عظام قوم لوط كانت مالحةً جداً فقد اصبحت المياهُ التي اغرقتهم مالحة ونجسة ونتنه.
قريباً، سيستطيعُ المؤمنونَ الاطهار الابرار من النزول شتاءا الى غور الاردن والاستمتاع بالدفئ في ارجائهِ بعد ان حرموا منه انفسهم لأنهم حرموا على انفسهم معاينة اثار الغضب والعقاب الذي أُنزلَ على قوم لوط.
مرةً أُخرى يُثبتُ الاردن تَميزه وانفراده بخاصية الاعتماد على النفس ورفض الاستفادة والاستعانة بالموارد الطبيعية على ارضه. لأن استغلال الموارد الطبيعية كالغاز والبترول والفحم الحجري والصخر الزيتي والنحاس والذهب ومياه الديسي ومياه وادي عربة ومياه نهر اليرموك واليورانيوم وتصنيع خامات البوتاس والفوسفات انما هي علامات على العجز والتواكل وقلة الحيلة وتخريب للبيئة وسرقة لثروات الارض التي يجب ان يُبنى عليها جدار مماثل للجدار الذي بناه الخضر عليه السلام على كنز الايتام.
الاردنيون تعودوا على الكفاح والشقاء والاكل من تعبهم وعرق جباههم. الاردنيون تعودوا على التسامح والتنازل واغماض العين حتى لا ترى ما تكره. طيبْ، هو البطاله والفقر وتدني مستوى المعيشه عيب؟ طيبْ، هو مد اليد للاشقاء وغير الاشقاء طلباً للمعونات والقروض وتمويل الطرق والمدارس والمستشفيات ومشاريع المياه ..الخ عيب؟ طبعاً لا. هاي شطاره. احنا بنضحك عليهم ونستغفلهم ونحتفظ بثرواتنا الى اليوم التالي لنفاذ ثرواتهم، حينها يصبحون هُم في حاجتنا ويشحذوا منا وقد نمن عليهم أو لا نمن.
هناك اقوام يُعَظمون كرامتهم وكبريائهم ومجدهم ومكانتهم وقُوتَهم بالعطاء. بينما آخرون يهبطون بمكانتهم ويتخلون عن تلك الفضائل والخصائص الحميدة لأنهم ارتضوا لايديهم ان لا تكون العليا.

Some people maximize their dignity, pride, status and power through giving, while others prefer begging ignoring that such lowly act would ultimately minimize and diminish these same qualities.