الإحصاءات العامة : 64% من المواليد الجدد غير أردنيين

6 ثواني ago
الإحصاءات العامة : 64% من المواليد الجدد غير أردنيين

وطنا اليوم:سجلت دائرة الأحوال المدنية والجوازت حوالي 3.1 مليون مولود خلال الخمس عشرة سنة الماضية، أي بمتوسط سنوي يفوق 200 ألف مولود في السنة، ويرد إلى ذهن المتابعين للمشهد الديموغرافي في وطننا، سؤال مفاده هل كل هؤلاء المواليد كان الزوجان راغبين في إنجابهم بنية أكيدة ومقصودة في حينه؟ وما نسبة المواليد لآباءٍ غير أردنيين من بين هذا العدد من المواليد؟.
وللإجابة عن هذين السؤالين نقول، تُفيد البيانات التي يتابعها المجلس الإعلى للسكان من خلال سجل المواليد لدى دائرة الأحوال المدنية والجوازات، أن 13% من المواليد هم لآباء غير أردنيين ويشكل المواليد لآباء سوريين نحو 64% من المواليد غير الأردنيين.
وتشير البيانات التي تأتي من أحدث مسح أسري تنفذه دائرة الإحصاءات العامة كل خمس سنوات، إلى أن 19% من المواليد في السنوات الثلاث الأخيرة كانوا غير مخطط لهم أو كان توقيتهم غير ملائم، أي كان الزوجان غير راغبين بهم أو كانوا يودون لو تأخر إنجابهم، وهذا يعني أن أكثر من 550 ألف مولود من مواليد السنوات الخمس عشرة سنة الماضية هم من هذه الفئة من المواليد. إن الحمل غير المخطط له أو الذي لا يرغب به الزوجان ينطوي على تبعات متعددة ليس على الأم الحامل فقط بل على أحوال كل أفراد الأسرة أيضاً.
ويعود حصول حملٍ وإنجابٍ غير مقصود إلى سبب واحد هو وجود حاجة إلى استعمال وسيلة فعالة عند الزوجين لتجنب مثل هذا الحمل، ولكن هذه الحاجة غير مستجاب لها من قبل برامج خدمات تنظيم الأسرة. فالعديد من الأزواج الراغبين في تجنب الحمل او تأجيله لا يستخدمون أي وسيلة لتفادي حمل مثل هذا الحمل لأسباب عديدة خاصة بهم، أو أن الزوجين يستخدمان وسيلة غير حديثة، أي وسيلة تقليدية وهذه الوسيلة تتميز بنسب مرتفعة من الفشل، أي يحصل خلال تكرار استعمالها حمل غير مقصود عند من يستخدمها من الأزواج.
وحسب أحدث البيانات الأسرية المتاحة فإن ثلث المتزوجين في الأردن لديهم حاجة إلى وسيلة حديثة فعالة لتلبية رغباتهم وحاجاتهم الإنجابية. وخصصت الأجندة العالمية للتنمية المستدامة مؤشراً رقمياً لقياس تلبية الدول لهذه الحاجة، هو نسبة الأزواج الذي لُبيت حاجاتهم لأي وسيلة حديثة.
ويُعد الحمل غير المقصود أو غير المخطط له من أبرز التحديات التي تواجه الصحة الإنجابية في المجتمعات ومنها المجتمع الأردني، لأنه يترك تبعات صحية واقتصادية ونفسية على المرأة والأسرة والمجتمع ككل. وتشير الدراسات إلى أن غياب المعرفة الصحيحة بوسائل تنظيم الأسرة أو ضعف الوصول إليها يُسهم في ارتفاع معدلات هذا النوع من الحمل غير المقصود، مما يزيد من المضاعفات الصحية على الأم والطفل، ويؤدي إلى أعباء إضافية على الأسر محدودة الدخل.
وتواجه جهود تلبية حاجة المتزوجين إلى استخدام الوسائل الحديثة الفعالة لتنظيم الأسرة في الأردن معيقات يتصل معظمها بوجود ما يُعرف بالعوائق الإجرائية في مواقع تقديم خدمات الصحة الإنجابية. وهذه المعيقات الإجرائية ناتجة أساساً عن:
(أ‌)ضعف استغلال وهدر الفرص العديدة في مواقع الخدمات لتزويد السيدات المترددات بالمعرفة عن وسائل تنظيم حملهن وإنجابهن اللاحق، وتوجد هذه الفرص العديدة الضائعة قبل خروج السيدات من أقسام الولادة في المستشفيات بعد وضع مولودهن، ثم عند زيارتهن لمواقع تلقي الخدمات الصحية في فترة النفاس التي تلي الولادة، وثم عند حضورهن في الشهر الأول بعد الولادة وما بعده لتطعيم مولودهن.

(ب‌)وهناك معيقات إجرائية أخرى غير منفصلة عن المعيقات السابقة، تتلخص في عدم وجود نظام زمني محدد الوقت مسبقاً لمواعيد المراجعات للمراكز الصحية مما يجعل هذه المراكز مزدحمة في ساعات الصباح مما يتعذر معه تقديم المشورة المتخصصة والمعرفة عن الوسائل الحديثة لتنظيم الحمل خلال هذه المراجعات، عدا عن عدم وجود مكان مخصص للمشورة الأسرية وقلة عدد العاملات المتفرغات المدربات لهذا الغرض في العديد من عيادات رعاية الأمهات، كما لا توجد سياسة للمتابعة الهاتفية لبعض السيدات اللواتي انقطعن عن الحضور إلى المركز الصحي بعد الولادة.

(ت‌)وللقطاع الخاص دور في خدمات تنظيم الأسرة، وهناك فرصة كبيرة لتعزيز دور الصيادلة في تقديم المعرفة للزوجين حول وسائل تنظيم الأسرة الموجودة في الصيدليات المنتشرة في كافة المحافظات والأحياء، فللصيدليات ميزة الانتشار وميزة الإتاحة في كافة ساعات اليوم وفي أيام العطل الأسبوعية وغيرها من العطل، فالصيدليات مصدر رئيسي لوسيلتي الحبوب والواقي الذكري، كما يقدم الصيادلة مشورة مجانية لمن يحتاج لها.

إن السادس والعشرين من أيلول من كل عام مناسبة لإحياء اليوم العالمي لوسائل تنظيم الإنجاب، وهو يوم يدعو وزارات الصحة والقطاع الخاص ووسائل الإعلام والجمعيات الأهلية للعمل على زيادة المعرفة بأهم ركائز الصحة الإنجابية وهو تنظيم الأسرة، من أجل الإستجابة لحاجات المتزوجين لتمكينهم من إتخاذ قرارات مستنيرة بشأن رغباتهم وحقوقهم الإنجابية، ولإظهار عوائد تنظيم الإنجاب على صحة الأم والأطفال وأحوال الأسرة والمجتمع ككل، وأهمية الاستجابة للحاجة وللرغبة غير الملباة بين العديد من الأزواج إلى وسيلة فعالة لتنظيم إنجابهم.
ولتحقيق هذه الرغبات يتعين أن تُقدم لهم المعرفة والمشورة والخدمات التي تجعل قراراتهم مسؤولة ومستجيبة لأهدافهم وحاجاتهم، فهذه القرارات الأسرية وغيرها مؤثر رئيسي في الأوضاع الأسرية والسكانية للمجتمع الأردني.
إن تنظيم الأسرة يُعني الاستخدام الطوعي للوسائل التي تُعنى بالتخطيط الواعي والمسؤول للحمل والإنجاب خلال سنوات الإنجاب، وإن مساعدة الأزواج على إتخاذ القرارات التي تضمن أن يكون كل حمل آمن وكل إنجاب مرغوب عندهم تُعد خدمة حيوية، من أجل تعزيز صحة الأطفال والآباء والأمهات ورفاههم جميعاً، ويشمل ذلك أيضاً مساعدة الزوجين الذين لديهم مصاعب في الحمل وإنجاب طفل أو أكثر.
كما أن تنظيم الأسرة يقع ضمن حقوق الإنسان التي يتعين ضمانها، فهو أحد أهم الحقوق الإنجابية المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 وفي مبادئ برنامج العمل الصادر عن المؤتمر العالمي للسكان والتنمية عام 1994 وما تلاه من مؤتمرات، وفي الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة 2030.
ويحقق الاستخدام الطوعي لوسائل تنظيم الأسرة ثلاثة أغراض للزوجين هي:

(1) التوقف عن إنجاب مزيد من الأطفال عندما يكتفي الزوجان بما أنجبوا أوعندما يلحق أي حمل جديد ضرراً بصحة الأم.

(2) السعي للمباعدة بين المواليد والانتفاع من العوائد المتعددة لهذه المباعدة على الأسرة.

(3) تأجيل إنجاب المولود الأول بعد الزواج لحين التعافي من نفقات الزفاف وإكمال الزوجين لتعليمهما، وتبلغ حصة المولود الأول بين العدد السنوي للمواليد في الأردن 27%