وطنا اليوم:يرحب حزب العمال بالاعترافات الجديدة بفلسطين دولة ذات سيادة، والتي جاءت ثمرة نضالات الشعب الفلسطيني وتضحياته الهائلة وصموده الاسطوري على أرضه، وكرد فعل من أمم العالم تجاه الإجرام الإسرائيلي غير المسبوق في تاريخ البشرية وحرب الابادة التي يشنها لدفن القضية الفلسطينية ومنع قيام الدولة عبر إفناء الشعب الفلسطيني وكل سبل بقائه على الأرض وتهجير من يتبقى منه بعد ان يفقد أرضه وأرض آبائه وأجداده كل سبل الحياة فيها، ليستولي عليها مع قطعان المستوطنين العنصريين عديمي التعاطف وعديمي الضمير الفاقدين لكل مزايا الإنسانية والذين سيؤدون الى خراب الكيان نفسه وانهياره من الداخل.
وإن كان الحزب يرى أن هذا الاعتراف جاء قليلا جدا ومتأخرا جدا، إلا أنه يثمن لشعوب و حكومات كل من بريطانيا و استراليا و كندا والبرتغال وفرنسا وموناكو ولوكسمبورع وبلجيكا واندورا ومالطا ، ومن قبلها شعوب وحكومات كل من النرويج واسبانيا وإيرلندا هذه الخطوة باعتبارها أحد الحقوق المستحقة للشعب الفلسطيني الذي يناضل منذ أكثر من قرن من الزمان لتقرير مصيره، وإن كان هذا الاعتراف منقوصا لعدم الاشارة الى عاصمة هذه الدولة القدس، ولا لحدودها أو كيفية تواصلها ولا لضرورة تفكيك المستوطنات ومنع اقامة الجديد منها ، في ظل الواقع الذي يفرضه الاحتلال، لا سيما مستوطنة E1 العدوانية التي تشطر الضفة الغربية الى شطرين، وتمنع اتصال القدس بمحيطها من المدن العربية الفلسطينية
ويدعو الحزب هذه الدول، إلى تبني أفعال جادة لوقف حرب الإبادة على الفور وإدخال المساعدات والإغاثات بحماية قوة عسكرية أممية، وتشكيل قوات من الأمم الصديقة الراغبة في حماية الشعب الفلسطيني الاعزل على ان تكون هذه القوات بولاية محددة ضمن زمن محدد وصلاحيات واضحة وتحت اشراف الأمم المتحدة، والمضي قدما في إجراءات عزل اسرائيل وإدانتها دوليا ومحاكمة قادتها جنائيا وتفعيل عقوبات اقتصادية وسياسية ودبلوماسية على هذا الكيان المارق ومساواة الصهيونية بالعنصرية ومعاقبة كل الكيانات التي تتعامل معه في القطاعين العام والخاص، لا سيما شركات التكنولوجيا ومصانع الاسلحة التي ساهمت في حرب الإبادة.
وإن كان هذا الفعل المطلوب في مجلس الأمن يواجه دوما بالفيتو الأمريكي منذ عقود لحماية آخر احتلال استيطاني في العالم، فإن تسعة من هذه الدول الأعضاء في مجلس الأمن بوسعهم تفعيل القرار رقم 377 (V) الصادر عن مجلس الامن في عام 1950 والمسمى الاتحاد من اجل السلم، ودعوة الجمعية العامة لجلسة طارئة تقرر فيها بشأن ما فشل إقراره في مجلس الامن لحفظ الامن والسلم الدوليين، وهو الامر الذي يتيح للجمعية العامة توقيع عقوبات أممية على الكيان المارق وعزله دوليا، بل وتجميد عضويته في هيئة الأمم المتحدة، وربما طرده في حال مواصلة عصيانه وخروقاته وعدم امتثاله للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وهو الامر الذي نفذته الجمعية العامة بالفعل في حادثتي جنوب أفريقيا ويوغوسلافيا.
ان هذا الاعتراف بفلسطين دولة ذات سيادة ينضم الى اعترافات سابقة لأكثر من ثلثي دول العالم، حيث بلغ العدد الإجمالي اليوم للدول المعترفة بفلسطين الى 156 دولة، ثلاثة عشر منها انضمت بعد احداث السابع من اكتوبر2023 وحرب الإبادة التي شنها الكيان، وهذا الاعتراف يمثل مصلحة استراتيجية عليا للدولة الاردنية بل ولكل دول المنطقة ودول العالم المحبة للسلام، وينبغي ان يترجم الى منح فلسطين عضوية كاملة في الأمم المتحدة عبر القفز عن الفيتو الامريكي في مجلس الأمن وتفعيل قرار الاتحاد من اجل السلم والتوجه نحو الجمعية العامة للتصويت على هذه العضوية بأكثرية الثلثين، وهو النصاب المتوفر منذ عقود في الجمعية العامة، ولكن غياب النصاب القانوني المطلوب كان سببا لغياب هذا الفعل المهم، وهو الامر الذي تم تجاوزه ايضا بعد اعتراف بريطانيا وفرنسا بالدولة الفلسطينية وهما قوتان تملكان حق النقض الفيتو وكانت مواقفهما في السابق داعمة للكيان، ولكنهما اليوم يمكن ان تسلكا سلوكا مسؤولا بطلب التصويت على تفعيل هذا القرار في مجلس الامن واحالة الملف الى الجمعية العامة.
هذا و يحث الحزب جميع حكومات العالم على الاعتراف بالحقوق المستحقة للشعب الفلسطيني و على راسها وقف الابادة والتهجير والاعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس والشروع ببناء مؤسسات الدولة الفعالة واعادة الاعمار فورا ومساعدة الاقتصاد الفلسطيني في تحقيق الاستقلال عن كيان الاحتلال وتفكيك المستوطنات بالقوة ان اضطر الأمر، وتوفير حماية دولية لحدود فلسطين واقليمها البري والبحري والجوي، الى حين امتلاكها عناصر قوتها الخاصة وجيشها القوي، وليس كما قال الرئيس الفلسطيني بالأمس في مؤتمر السلام الذي عقد في الأمم المتحدة في نيويورك “دولة منزوعة السلاح، وبلا مقاومة”، لانه بدون سلاح وبدون مقاومة ستبقى فلسطين لقمة سائغة للكيان العدواني الاستيطاني التوسعي.
كما يثمن حزب العمال عاليا الجهود الدؤوبة و الاستثنائية لجلالة الملك عبدالله الثاني ومؤسسة الدبلوماسية الأردنية ممثلة بوزارة الخارجية في الدفاع المتسق عن حقوق الشعب الفلسطيني في مواجهة المخططات الصهيونية وحثهما الدائم لمراكز صنع القرار في العالم وفي كل المحافل الدولية للاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة باعتباره الطريق الوحيد للسلام في المنطقة والعالم.