الزيود… حين ينسجم القول مع العمل

17 فبراير 2021
الزيود… حين ينسجم القول مع العمل

بقلم:د.علي عبدالسلام المحارمة

الاستاذ الدكتور عبدالناصر محمد صالح شريتح الزيود، استاذ أصول الفقه في جامعة مؤتة، وعالم من هذا الوطن الذي لا تعجز نسائه عن انجاب الابطال…
البطولة هي أن ينسجم فكر المرء وقوله الصالح مع عمله، لا سيّما حين يستطيع الانسان أن يتخفى ويسّر ما لا يعلن…

ولطالما صدح العلّامة الزيود على منابر العلم منافحاً عن طروحاته، ومحاوراً طلبته في كافة المراحل، يوجه تلاميذه في رسائلهم واطروحاتهم، يحثهم على نهج الرجال الرجال، يطالبهم على الدوام بالاقتداء والتأسي بقدوتنا الأعظم رسول الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم هو وصحبه الغر الميامين، وفي ذات الوقت يدعوهم لخط منهجهم في الحياة بما يتوائم مع ثوابت الأمة ومحدداتها وبذات الوقت معطيات الحداثة ومتطلبات العصر…

وقد ترعرع الرجل في بيت عُرف عنه الورع والتقوى والزهد، فكان يؤمن بأن التعليم رسالة لا يمكن نقلها بالتلقين، بل من خلال الاعمال، فكان إبان تسلمه لإدارة مدرسة سحاب الثانوية لا يتورع عن إمالة قامته المعتدة بإرثه وحضارته كي يرفع ورقة عن أرض ساحة المدرسة أو مرافقها دون أن يطلب من أحد أن يفعل ما فعل، ليقوم الجميع من بعده بالمسارعة لذات العمل.

وهو صارخ وحاد في مواقع لا يمكن أن تحتمل الهلامية والارتجاف، وهو مرن وذو صدر وسيع في المواقع التي تتطلب التريث والحكمة والاحتمال، وهو -رغم سعة علمه واطلاعه- لا يتّسرع باطلاق فتاوى إلا بعد دراسة وتمعن والمام، فتراه مواظباً على دراسة المراجع والكتب والمستجدات ليستخلص منها الرؤية والنهج والمواكبة.

كان الرجل يبتضع حاجاته من دكاكين سحاب واسواقها، وإذ به يتعثر بحقيبة مليئة بالمال، فيغلقها ويعلم المحال والدكاكين المجاورة بأنه قد عثر على مال، ويضع رقم هاتفه وعنوانه لديهم كي يتواصل معه صاحب المال، ثم يسارع بالاعلان على كافة المنابر عن ذلك، ويجتهد ليصل الى صاحب المال وكأن الحقيبة التي بين يديه لغم وخطر.

واخيرا يصل اليه صاحب المال، وهو موظف محاسب لاحدى الشركات، فيسلمه حقيبته التي قضّت مضجعه، ويرتاح ضميره.

لقد قدم لنا الاستاذ الدكتور عبدالناصر محمد صالح شريتح الزيود نموذجاً للمرء الذي يعظ الناس بأفعاله لا بأقواله، وهذا النموذج من الأمانة بتسليم مبلغ ضخم من المال رغم حاجته لكل فلس فيه، يحيي بنا الأمل بأن الخير فينا ما حيينا، وأن هذا الوطن لا زالت نسائه الحرائر ينجبن الأبطل.