المحامي حسين الضمور
في مفترق الطرق، وعند اتخاذ القرار الحاسم لاختيار الرجل المناسب لأي مهمة أو موقع مسؤولية، يبرز العقل كالبوصلة الحقيقية التي يجب أن نهتدي بها. فالعقل، بما يحمله من توازن ورؤية وتحليل، هو الأقدر على قراءة الواقع واستشراف المآلات.
القرارات المصيرية، وخاصة تلك التي تتعلق بالعمل العام، لا يجب أن تُترك لأهواء القلب، ولا لمشاعر العاطفة، مهما كانت صادقة أو نبيلة. لأن القلب يميل، ويتأثر، ويُعجب، وربما ينجرف خلف المجاملة أو الذكريات أو الولاء الشخصي. أما العقل، فإنه ينظر من علٍ، ويزن الخيارات بميزان الحكمة، ويرجّح الكفة بناءً على الكفاءة لا القرب، وعلى الخبرة لا المودة، وعلى القدرة لا المجاملة.
الاختيار المبني على العقل لا يعني القسوة أو الجفاء، بل يعني أن نمنح كل ذي حقٍ حقه، وأن نضع الإنسان المناسب في المكان المناسب، وأن نُعلي من شأن المصلحة العامة فوق كل اعتبار. وحين نُحيّد القلب جانبًا، فنحن لا نُقصيه، بل نُعطيه مكانه الصحيح: في العلاقات الشخصية لا في حسابات الأداء والمسؤولية.
كم من مؤسسة فشلت، وكم من مهمة تعثرت، لأن من اختير لها لم يكن اختيار العقل، بل كان اختيار القلب، أو المجاملة، أو الضغط الاجتماعي. وكم من إنجاز تحقق، ونهضة بُنيت، لأن من تقلد المسؤولية كان مؤهلاً لها، اختاره العقل لا العاطفة.
في النهاية، إن غلّبنا العقل في اختياراتنا، فإننا نختار المستقبل، ونختار الصواب، ونؤسس لمسار سليم متزن. فالعقل لا يخون، والمنطق لا يُضل، وما بُني على حكمة العقول يدوم، أما ما بُني على خفقات القلب فقد ينكسر عند أول امتحان.