بقلم المحامي حسين الضمور
حين تتخذ الدولة قرارًا سياديًا مشروعًا لحماية أجوائها وأراضيها من أي اختراق خارجي، فإنها لا تمارس ترفًا سياسيًا، بل تؤدي واجبًا دستوريًا ووطنيًا، لا يحتمل التأويل ولا يقبل المزايدة. فالدفاع عن السيادة هو الحق الأصيل لأي دولة ذات سيادة، وهذا الحق مكفول دوليًا وأخلاقيًا، وليس خاضعًا للمصالح الضيقة أو الحسابات الفئوية.
الأردن، عندما يسقط طائرة مسيّرة أو صاروخًا ينتهك مجاله الجوي، فهو لا ينحاز لطرف على حساب آخر، ولا يقف في وجه أحد، بل يمارس حقه المشروع في حماية أمنه الوطني وسلامة مواطنيه. لا يحتاج الأردن إلى تبرير أفعاله، ولا إلى استئذان أحد في ممارسة سيادته الكاملة على ترابه وأجوائه.
لكن المدهش والمقلق في آنٍ معًا، أن هذه الإجراءات السيادية تُقابل أحيانًا بحملات تشكيك أو انتقاد، وكأن سيادة الأردن باتت محل مساومة، أو كأن الدفاع عن الوطن أصبح “انحيازًا”.
السؤال الجوهري هنا:
لماذا تُستقبل خطوات الدول العربية السيادية – كالأردن – بمعايير مزدوجة؟
ولماذا يُنظر إلى الدفاع عن الحدود والأمن الداخلي بعدساتٍ ملونة، تتغير ألوانها حسب الانتماءات والولاءات؟
هل باتت مبادئ السيادة الوطنية تُقرأ وفق مزاج المصالح السياسية؟
وهل أصبح البعض يتعامل مع الجغرافيا بعقلية الشعار لا بمسؤولية الدولة؟
ما نراه اليوم من ردود فعل متباينة تجاه إجراءات الأردن يؤكد أن البوصلة قد اختلّت عند البعض، فغابت أولويات الأمن القومي، وحضرت حسابات الاصطفاف.
علينا أن نُذكّر الجميع:
الأردن ليس ساحة عبور، ولا صندوق بريد لصراعات الآخرين.
هو دولة ذات سيادة، لها قرارها، ولها جيشها، ولها إرادتها الحرة.
وحين تقول: “أمن وطني خط أحمر”، فهي لا تُهدد، بل تُعلن عن موقف لا تراجع فيه.
السيادة لا تُجزأ، ولا تُقرأ وفق الانتماء، ولا تُقاس بردود الفعل في مواقع التواصل ،هي جوهر الدولة، وكرامتها، وسقفها الذي لا يُساوَم