النار في ثيابنا جميعًا

10 ثواني ago
النار في ثيابنا جميعًا

بقلم م مدحت الخطيب

يا قوم، خفِّفوا من غلوائكم في النظر إلى هذه الحرب، واخرجوا من قوالبكم واصطفافاتكم ؛ فهذه حربٌ مختلفة بكل ما تحمل الكلمة من مدلولات، لن تقف حدودها عند الأطراف المباشرة فيها، ولن تنتهي بانتصار عسكري هنا أو هزيمة هناك…

لقد تدحرجت هذه الحرب من غزة إلى لبنان، ثم اليمن، وسوريا والآن تضرب عمق إيران، الدولة التي وإن اختلفنا معها في الكثيرمن سياساتها التوسعية على حساب ودماء العرب، ولكن لا يمكن إنكار أنها تمثل قوة ردع في مواجهة غطرسة المشروع الصهيوني الذي أصبح يجاهز به متطرفين الكيان الصهيوني ويعملون من أجله، لأجل ذلك ليس من الحكمة أن نغفل عن الصورة الكبرى في تعاطينا مع المشهد، ونحن نرى المنطقة تشتعل، بينما “المركز” في تل أبيب يزداد عنفًا وثقة وغطرسة وعلو لم يشهدها العالم الإنساني من قبل،

اليوم ومع وجود هذا الكيان المسعور والذي يدخلنا في تصعيد جديد في حرب نووية حقيقية ستعود ويلاتها على المنطقة برمتها إذا لم تصمد إيران اليوم وترد الكيل بمكيالين، فإن غدًا سيكون على موعدٍ مع مشهد أشد سوادًا ..
اليوم سوريا مهددة بالاجتياح الكامل، بسنّتها وشيعتها وعلوييها ودروزها ومسيحييها، وعربها وكردها؛
تركيا كذلك تواجه خطر التقسيم وضغط القوميات وعودة التلاعب في إعدادات ومكونات الشعب ؛
باكستان هي كذلك ستكون على الطاولة ، كوجبة مقبلة في مطبخ “الشرق الأوسط الجديد” الذي يريد النتن ياهو أن يمليه على الجميع
أما نحن العرب، فسنُمنح أدوارًا محددة في كل ذلك بعد ان يحكموا سيطرتهم على خيراتنا، وتوزيع فتاتها علينا وفق مقاس الرؤية الإسرائيلية

منذ اليوم الأول للسابع من أكتوبر والنتن ياهو لا يُخفي نواياه تجاه الجميع، بل يصدح بها كل يوم، ونحن كعرب ومسلمين وطلاب سلام وحرية منشغلون بخلافات صفّين، وتاريخ الجمل، ومعارك المذاهب والقبائل. بينما العدو يتقدّم إلينا واحدًا واحدًا، ويقضم أطرافنا جميعًا، ويُدير اللعبة بدهاء واقتدار ، مستفيدًا من تشرذمنا ، وتخلينا عن قضايانا الكبرى وعلى رأسها القضية الفلسطينية قضية العرب والمسلمين الأولى والحرب على غزة ..

بقناعتي ما نشاهده اليوم من تطورات ليست معركة إيران وحدها، ولا يجوز أن نراها كذلك وكما اسلفت وان اختلفنا معها طولا وعرضا . فهي معركة كل من يرى نفسه حرًا في أرضه، وكل من يرفض أن يُدار بعصا التهديد الإسرائيلي المتطرف.
في الختام أقول عودوا جميعا الى خطاب جلالة الملك يوم أمس ففيه من الحكمة والدبلوماسية الهادئة ما يعيد الينا رشدنا وصدقوني إن لم ننصر غزّة بعد عشرين شهرًا من هذا الدمار والقتل والتشريد ، فلننصر أنفسنا على الأقل. فالنار في ثيابنا جميعًا، والشرر يتطاير فوق رؤوسنا.

ويا من تراهنون على الحياد، اعلموا أن الحياد في زمن الحق باطل.
حمى الله الأردن وطنًا وملكًا وجيشًا وشعبًا وسائر بلاد العرب والمسلمين