د. مصطفى عيروط
في خطاب تاريخي لجلالة الملك عبدالله الثاني المعظم أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ في فرنسا قال جلالته
“الأمن الحقيقي لا يكمن في قوة الجيوش بل في قوة القيم المشتركه وان السلام الذي تفرضه القوة أو الخوف لن يدوم ابدا”
ولذلك في رأيي فمنطق قوة الجيوش والقوة الماديه اوالاقتصاديه أو السياسيه قد تؤدي إلى نتائج سريعه لكن قد لا يكون مستداما في حين قوة المنطق وقوة القيم المشتركه تدوم فقوة المنطق تستخدم الحجه والبرهان لإقناع الآخرين وتعتمد على العقل والمنطق والدلائل وتؤدي إلى نتائج اكثر استدامه وقبولا وقال جلالة الملك في خطاب تاريخي أمام البرلمان الأوروبي عن أهمية تسليط الضوء على القيم المشتركه وهي قيم ساميه أخلاقية عاليه
“”لقد سعيت من هذا المنبر ومن العديد من المنابر الأخرى على مر العقدين الماضيين إلى تسليط الضوء على القيم التي تجمعنا فالعديد من هذه القيم متجذره في أدياننا الاسلام والمسيحية واليهودية كقيم الرحمه والعدل والمساواة والتعاليم الاخلاقيه التي توارثناها عبر الأجيال مثل احترام الجار وحماية الاطفال و الأبرياء ومساعدة الفقراء والمصابين وحماية ارضنا وغيرها من القيم وان ايمان الاردن الراسخ بهذه القيم المشتركه متجذر في تاريخنا وتراثنا وهو ما يدفع مبادئنا الوطنيه المبنيه على التسامح والاحترام المتبادل “
وفي رأيي
فاستخدام نظرية القوة والغلبه كما يسميها “ابن خلدون” لمن يملك القوة لن يحقق سلاما مستداما ولا شرق أوسط جديد لان استخدام القوة سينتج عنه ردة فعل كما نص قانون نيوتن “لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه”. .
و في علم النفس، . يرتبط رد الفعل في علم النفس بآليات الدفاع، حيث يستبدل الشخص مشاعر أو دوافع غير مرغوب فيها بمشاعر أو دوافع معاكسة”.
وقد كان جلالة الملك في خطابه التاريخي أمام البرلمان الأوروبي واضحا ومباشرا وقال جلالته
“ما يحدث في غزة يتنافى مع القانون الدولي والمعايير الاخلاقيه وقيمنا المشتركه وقال جلالته
“نحن نشهد الانتهاكات تلو الأخرى في الضفه الغربيه والوضع يزداد سوءا يوما بعد يوم
وقال جلالته
“مع توسيع اسرائيل هجومها ليشمل إيران لا يمكن معرفة اين ستنتهي حدود المعركه “
واضاء جلالة الملك خطر الاضطرابات وانتشار الكراهيه والانقسام والتطرف الايديولوجي وقال جلالته
“نحن نعيش موجه تلو الأخرى من الاضطرابات دون توقف فلا عجب أننا نشعر بأن عالمنا قد ساده الانفلات وكأنه قد فقد بوصلته الاخلاقيه فالقواعد تتفكك والحقيقه تتبدل كل ساعه و الكراهيه والانقسام يزدهران والاعتدال والقيم العالميه تتراجع أمام التطرف الايديولوجي وفي خضم هذه الفوضى بهددنا خطر نسيان هويتنا وقضايانا التي ندافع عنها ولكن هذه المنعطفات التاريخيه هي فعليا اللحظات الحرجة التي تتطلب منا أن نتشبث بقيمنا ولا نتخلى عنها فعندما يفقد العالم قيمه الاخلاقيه نفقد حينها قدرتنا على التمييز بين الحق والباطل وبين ما هو عادل وما هو قاس الأمر الذي يولد الصراع “
وعودة إلى نظرية القوه أو الغلبه لابن خلدون وفي رأيي
“” فالوجه السلبي في النظرية فقد أكدت أن كل الدول لا تقوم إلا على القوة والعنف، ولكن في عصرنا الحالي أثبتت الكثير من الدول غير ذلك ونجحت بالدبلوماسية واستخدام القانون بقوة على شعبها بغرض حفظ النظام والامان والبناء الحقيقي، فنجحت في بناء الدولة والاقتصاد ولنا في اليابان وسنغافورة مثال، فليس العنف والقوة هو الحل في العصر الحالي، . وهناك دوله في العالم تستخدم هذه النظرية/ نظرية القوة/ بوضوح في البناء والتوسع باستخدام القوة والعنف:، وتستخدمها منهجا في توسيع دولتها.
إلا أن هناك في رأيي نظرية أخرى أتت بعكس ما قالته نظرية القوة والغلبة لابن خلدون ، وهي نظرية العقد الاجتماعي عند “توماس هوبز- جون لوك- جان جاك روسو”، التي ترى بأن الدولة تنشأ على أساسين هما: الاتفاق الواقع بين المجتمع ويتلوه عقد أبرمه أعضاء من المجتمع على إنشاء دولة، وعلى الرغم من أن نظرية العقد الاجتماعي أتت بما لم تأت به نظرية القوة والغلبة إلا أنها قامت على أساس الافتراض وليس الحقيقة، فمستحيل وجود مجتمع يتفق فيه جميع أعضائه على إبرام العقد لذا اعتبرت أنها تميل إلى المثالية.
كما أن البعض يرى أن نظرية العقد الاجتماعي قائمة على فكرة التنازل، فموجبة يتنازل الأفراد عن جزء من حقوقهم مقابل التمتع بمميزات المجتمع السياسي، لقد اتفقت أغلب دول العالم على ما نادي به جان جاك روسو وجان لوك، في نظرية العقد الاجتماعي، وما تتناوله من علاقة بين الحاكم والمحكوم بغرض أقامة دولة حقيقية، على مبدأ المساواة والحرية والعدل، أما توماس هوبز ورؤيته في نظرية العقد الاجتماعي فأن كثيرا من الدول لم تعد تؤمن بها، لأن في رؤيته يتناول الكثير من سبل الجنوح إلى الديكتاتورية والنظم الشمولية، والواقع أن كل فيلسوف من فلاسفة العقد الاجتماعى، إلى جانب كونه عبر عن طبيعة عصره وحاجاته خير تعبير، فإن كلاً منهم أيضاً قد ساهم بنصيب فى بلورة ملامح الفكر التحررى، بما يحمله من دفاع عن الحرية الفردية.
ولكن تناول جان جاك روسو في نظرية العقد الاجتماعي نقطة مهمة وهي، مرحلة التحول إلى الشعب، ولقد عبر عن هذه المرحلة “روسو” من خلال نظريته عن الإرادة العامة، حيث لا سلطة عنده تعلو على سلطة الإرادة العامة، فهى لا تُباع ولا تُشترى، وغير قابلة للتقسيم، كما أنها لا تُخطئ، إذ أنها معصومة من الخطأ. كما أنه يرى أن القانون ما هو إلا فعل الإرادة العامة، ومن هنا أعطي بريق وقيمة حقيقية لتناوله هذه النقطة،””
ومن منطلق التاريخ وعبره فقد قال جلالة الملك عبد الله الثاني المفدى أمام البرلمان الأوروبي الذي يمثل أكثر من ٤٠٠مليون نسمه
“يعلمنا التاريخ أن الحروب نادرا ما تكون فقط حول بسط السيطره على الأراضي بل هي معارك حول وجهات النظر العالميه والأفكار والقيم التي ستشكل مستقبلنا
اوروبا تدرك ذلك جيدا فبعد الحرب العالميه الثانيه اختارت اوروبا إعادة البناء ليس فقط لمدنها بل للركائز التي تأسست عليها إذ صممت شعوب اوروبا على ترك الماضي وراءها وبناء عصر جديد من السلام اختاروا الكرامه الانسانيه عوضا عن الهيمنه والقيم عوضا عن الانتقام والقانون عوضا عن القوة والتعاون عوضا عن الصراع “
وفي رأيي بأن من يؤمن بمنطق القوه اعتمادا على قوة الجيوش اوالقوة الاقتصاديه اوالقوه السياسيه لتحقيق الاهداف و المؤمن بالأفكار الايديولجيه المتطرفه و التي لا يمكن تحقيقها والمرفوضه أخلاقيا وقانونيا وتاريخيا فإن السلام العادل والقيم الاخلاقيه والتعاون والتنميه هي من توحد الجميع في شرق أوسط قائم وجديد وليس بالقوة والعنف ويتحقق في السلام العادل واعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه على أرضه وإقامة دوله مستقله على حدود الرابع من حزيران عام ١٩٦٧
ودون ذلك لن يتحقق السلام في المنطقه والأجيال تبقى حاملة حلم ومطلب إقامة دوله فلسطينيه على حدود الرابع من حزيران عام ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقيه
وقال جلالة الملك
“هنالك مجالان اساسيان للعمل
الاول في دعم التنميه لان ازدهار الشرق الأوسط يوفر فرصا تعود علينا جميعا بالمنفعه ولكن كما رأينا مرارا وتكرارا فإن العكس أيضا هو صحيح فعندما ينعدم الامل تمتد تداعيات ذلك لتتعدى حدود الدول
أما بالنسبه لمجال العمل الثنائي فعلينا اتخاذ إجراءات حاسمه ومنسقه لضمان الأمن العالمي ولن يكون أمننا المشترك مضمونا حتى يتصرف مجتمعنا العالمي ليس فقط لإنهاء الحرب في اوكرانيا ولكن لإنهاء اطول بؤرة اشتباك في العالم وأكثرها تدميرا الا وهي الصراع الفلسطيني الاسرائيلي منذ ثمانية عقود والفلسطينيون مثلهم كمثل جميع الشعوب يستحقون الحق في الحريه والسيادة ونعم إقامة دولتهم المستقله
للحديث بقيه عن خطاب جلالة الملك التاريخي أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ في فرنسا والذي يجب في رأيي أن يكون ضمن مادة التربية الوطنيه في الجامعات وان يكون جزءا من محاضرات الجامعات ونشاطاتها وان يكون مادة في الاذاعه المدرسيه الصباحيه وفي الاعلام المهني الوطني
حمى الله الوطن والشعب والقيادة الهاشميه والجيش العربي المصطفوي والأجهزة الامنيه بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني المعظم وحمى الله سمو الأمير الحسين ولي العهد الأمين.