بقلم فادي زواد السمردلي
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل يضع الأردن أمام اختبارات أمنية ودبلوماسية دقيقة فبينما يتصاعد التوتر العسكري بين إيران وإسرائيل إلى مستويات غير مسبوقة منذ سنوات، وجدت المملكة الأردنية الهاشمية نفسها في موقع بالغ الحساسية، جغرافيًا وسياسيًا، وسط صراع لا يبدو أن له أفقًا واضحًا فالضربات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت منشآت داخل إيران ورد طهران بوابل من الصواريخ والطائرات المسيّرة، أعادا خلط التوازنات في الشرق الأوسط، وأثارا جملة من التحديات أمام الأردن، الذي يسعى للحفاظ على استقراره وسط محيط ملتهب.
في استجابة سريعة، أعلنت السلطات الأردنية عن إغلاق مؤقت لمجالها الجوي أمام حركة الطيران، كإجراء احترازي لتجنب أي اختراقات عسكرية قد تمس أمنها السيادي وفي تطور لافت، كشفت مصادر أمنية أن الدفاعات الجوية الأردنية تعاملت مع أهداف طائرة يُشتبه بكونها مسيّرات عبر الأجواء الأردنية، في وقت تصاعدت فيه التحذيرات من احتمال تكرار مثل هذه السيناريوهات.
سياسيًا، اختارت عمان التمسك بموقف متوازن، إذ دعت إلى ضبط النفس ووقف التصعيد الفوري من جميع الأطراف، في ظل صمت رسمي يُقرأ على أنه حرص على عدم التورط في محور معين، مع الحفاظ على شبكة علاقاتها الإقليمية والدولية فهذا الحياد النشط يعكس سياسة أردنية تقليدية تسعى للعب دور الوسيط لا الطرف، خاصة في نزاعات معقّدة كالصراع الإيراني الإسرائيلي.
الداخل الأردني لم يكن بمنأى عن هذه التطورات فقد رفعت الأجهزة الأمنية من جاهزيتها تحسبًا لأي طارئ، بينما سادت حالة من القلق الشعبي، خاصة في المناطق القريبة من الحدود الشمالية والشرقية وتأتي هذه التوترات في وقت يعاني فيه الأردن من ظروف اقتصادية صعبة، ما يجعل أي اضطراب إقليمي إضافي مصدر ضغط مضاعف على الدولة والمجتمع.
الانعكاسات الاقتصادية المحتملة تبدو مقلقة أيضًا، إذ أدى التصعيد إلى ارتفاع ملحوظ في أسعار النفط، مما قد ينعكس على كلفة المعيشة ومستوى التضخم في بلد يعتمد بشكل كبير على استيراد الطاقة كما يُخشى من تأثيرات سلبية على قطاعات حيوية مثل السياحة وحركة الاستثمار.
إقليميًا، يبدو الأردن مؤهلاً – بحكم علاقاته المتوازنة – للعب دور تهدئة، سواء عبر اتصالاته مع دول الخليج أو شراكاته الغربية غير أن هذا الدور يتطلب دقة في الحسابات السياسية، لتفادي الوقوع في فخ الاستقطاب بين محورين متنازعين.
وسط هذا المشهد، تتضح معادلة الأردن الدقيقة الحفاظ على أمنه القومي دون الدخول في صدامات، والتفاعل مع التطورات دون التخلي عن ثوابته الدبلوماسية. وبين الرغبة في الاستقرار والخشية من امتداد النيران، تبدو المملكة مطالبة أكثر من أي وقت مضى بتعزيز مناعتها السياسية والاقتصادية، تحسبًا لأسوأ الاحتمالات في إقليم لا يعرف الهدوء طويلًا.