(6) التحديات الأخلاقية في التلفزيون

3 ساعات ago
(6) التحديات الأخلاقية في التلفزيون

بقلم :د.عامر الصمادي
اعلامي متخصص بالتلفزيون والاعلام الرقمي
يعتبر التلفزيون واحدًا من أقوى وسائل الإعلام وأكثرها تأثيرًا في تشكيل الثقافة المجتمعية – حتى الآن – حيث يسهم بشكل مباشر في صياغة المفاهيم الأخلاقية والتوجهات السلوكية للجمهور، ومع ذلك، فإنه يواجه العديد من التحديات الأخلاقية التي قد تؤثر على مصداقيته ودوره في تعزيز القيم الأخلاقية، وسوف يناقش هذا المقال هذه التحديات، مع التركيز على كيفية مساهمة التلفزيون في الحفاظ على القيم الأخلاقية وتشجيع المشاهدين على الالتزام أو الارتقاء بها.
ويمكننا هنا ان نجمل عددا من التحديات الأخلاقية التي تواجه التلفزيون ومنها :
– المحتوى غير الأخلاقي أو المسيء
يعتبر عرض مشاهد العنف، والإباحية، والخداع الإعلامي، والمحتوى الذي يتعارض مع القيم الأخلاقية والتقاليد الاجتماعية من أبرز التحديات التي تواجه التلفزيون لأن هذه المشاهد قد تؤدي إلى تطبيع السلوكيات السلبية وتقليل الحساسية تجاه القضايا الأخلاقية الخطيرة،ويمكنني هنا الاشارة الى ان التلفزيونات العربية الرسمية لديها اقسام خاصة تسمى اقسام الرقابة تقوم بمراقبة اي مادة ستبث على الشاشة ويتم مونتاج اي لقطات تخالف القيم المجتمعية او الدينية للدولة او لا تتناسب مع وقت البث اذا كانت موجهة للكبار او الصغار كما يتم حذف مشاهد الخمور وحتى التدخين (في فترة من الفترات) اما مشاهد العري والقبلات فكانت تعتبر محرمة ،هذا طبعا بالاضافة الى القضايا السياسية التي لا تتناسب مع توجهات الحكومة -وقد تم تخفيف هذه المعايير حاليا خاصة لدى محطات التلفزة الخاصة-
التي بدأت تتنافس في كسر التابوهات لجذب المشاهدين وبالتالي الاعلانات، الا اذا كانت موجهة لتأدية هذا الدور من جهات تهدف الى زعزعة القيم الدينية والاجتماعية ،مثل بث الافلام التي تسيء للاسلام والمسلمين او التي تصورهم بشكل متخلف ولا اخلاقي او تقدم لهم العدو على انه صديق يمكن التعايش معه وهكذا .
– التلاعب بالمعلومات ونشر الأخبار المزيفة
تلعب القنوات التلفزيونية دورًا محوريًا في نشر الأخبار والمعلومات، ولكن قد يحدث أن تقوم بعض المؤسسات الإعلامية بتقديم محتوى مضلل أو منحاز يخدم أجندات سياسية أو اقتصادية معينة، مما يؤدي إلى تزييف الوعي العام.
– الإعلانات التجارية وتأثيرها على القيم الأخلاقية
تعتمد القنوات التلفزيونية بشكل كبير على الإعلانات التجارية التي قد تروج أحيانًا لرسائل تنافي القيم الأخلاقية، مثل التشجيع على الاستهلاك المفرط، أو ترويج صور نمطية عن الجمال والنجاح، ما يؤثر على الأفراد، خاصة الشباب، ويؤدي إلى تغيير أنماط تفكيرهم وسلوكهم.
– التمييز والتحيز في المحتوى الإعلامي
يواجه التلفزيون تحديًا كبيرًا في تقديم محتوى يعكس التنوع الثقافي والعرقي والاجتماعي بطريقة عادلة، حيث يؤدي التحيز الإعلامي إلى تعزيز الأفكار النمطية والعنصرية أو التمييز ضد فئات معينة من المجتمع.

– دور التلفزيون في الحفاظ على القيم الأخلاقية وتعزيزها
هنااك عدة طرق يمكن للتلفزيون ان يقوم بها للحفاظ على القيم الاخلاقية وتنميتها بحيث تنغرس بوجدان المتلقي منذ الصغر فتنمو معه حتى الكبر ومن هذه الطرق :
– 1.الترويج للبرامج الهادفة
يمكن للتلفزيون أن يكون أداة فعالة في تعزيز الأخلاق من خلال تقديم برامج تعليمية وثقافية ودينية تساهم في غرس القيم الإيجابية في المجتمع،

2- الإنتاج الإعلامي المسؤول
تحمل المؤسسات الإعلامية مسؤولية إنتاج محتوى يراعي القيم الأخلاقية، وذلك من خلال تطبيق معايير صارمة على المواد التي يتم بثها، وتجنب المحتوى المضلل أو غير الأخلاقي
3. تعزيز الحوار المجتمعي
يتيح التلفزيون الفرصة لعرض القضايا الاجتماعية ومناقشتها بطريقة موضوعية، مما يساعد على بناء وعي مجتمعي وتحفيز النقاشات التي تهدف إلى تطوير السلوكيات الأخلاقية وتحقيق العدالة الاجتماعية.
4- تحفيز المشاهدين على التفكير النقدي
يجب أن يسهم التلفزيون في تعزيز التفكير النقدي لدى المشاهدين، من خلال تقديم محتوى متوازن يعكس مختلف وجهات النظر، مما يساعد الجمهور على تكوين رأي مستنير بعيدًا عن التحيز الإعلامي.
واخيرا يمكننا القول ان التلفزيون يواجه تحديات أخلاقية متعددة يمكن أن تؤثر على توجهات وسلوكيات المشاهدين، لكن في الوقت نفسه، يحمل مسؤولية اجتماعية كبيرة في الحفاظ على القيم الأخلاقية وتعزيزها. ومن خلال اتباع معايير صارمة للمحتوى الإعلامي، وتشجيع البرامج الهادفة، وتعزيز الحوار المجتمعي، يمكن للتلفزيون أن يكون قوة دافعة للإصلاح والتقدم الأخلاقي في المجتمع فهل يقوم تلفزيوننا بهذا الدور والى اي حد تلتزم المحطات الخاصة المصرح لها من الدولة بهذه المعايير ؟؟؟؟ هذا اتركه لكم للحكم بانفسكم على ما يقدم لدينا ؟