راشد وسارة…صور مشرقة بذكرى الاستقلال

2 يونيو 2025
راشد وسارة…صور مشرقة بذكرى الاستقلال

بقلم الدكتور عمر الرداد:

أما وقد انفض سامر الاحتفالات بذكرى استقلال المملكة، وشاركت مثل غيري من الأردنيين في هذه الاحتفالات،فكنت في بعضها خطيبا ومتحدثا،مدركا ان احتفالات هذا العام مختلفة عن الأعوام السابقة، لأسباب مرتبطة بزيادة الوعي بتغير مستويات التهديد “كما ونوعا”، وبالتالي الاستجابة بإعادة إنتاج مفاهيم وطنية جديدة، تتناسب مع هذا التهديد متعدد المصادر والمشارب والمرجعيات.

ولا أذيع سرا ان اعترفت اني لاول مرة في احتفالات الاستقلال ارفع العلم الاردني على سيارتي، مدركا ان الاحتفالات هذا العام اتخذت أساليب وأشكال جديدة، ما بين مسيرات السيارات والمحاضرات والندوات وحلقات الدبكة والأهازيج وإظهار كل ما يمثل الهوية الوطنية الاردنية، غير ان ما استوقفني مليا فقرة كنت شاهدا عليها في جامعة الاسراء، حينما دعيت للمشاركة باحتفالية بالجامعة بهذه المناسبة.

الفقرة باختصار،قصص نجاح، فقد صعد الشاب “راشد الربابعة” منصة الاحتفال، ولم اكن اعرف مسبقا ماذا سيقدم، راشد شاب مهندس ميكانيك قدم قصته، حصل على وظيفة في دائرة الجمارك، لم يجد نفسه فيها، اكتشف ان لديه موهبة في التصوير عبر الهاتف، توسع في عمله، اصبح مطلوبا لجهات معنية اقليمية ودولية بهذا الفن الذي يوازي التصوير السينمائي، شارك في برامج تدريب محلية واقليمية، أسس شركة، قال وهو يسرد قصته: أترون هؤلاء الشبان في الصف الثاني بينكم، أنهم شركائي بالشركة.

ثم صعدت فتاة بهية في مقتبل العمر، فقالت: انا سارة جود، خريجة كلية الصيدلة، عملت بعد التخرج صيدلانية في إحدى الصدليات، ولم يدفعوا راتبي بعد عمل ثلاثة اشهر، فقررت الذهاب الى حقل مجاور وهو التسويق الالكتروني لشركات الادوية العالمية ومساعدتها في ضبط التصنيع والبيع، فخاطبتها شركة جوجل، لتكون شريكة لها، وأنجزت في عملها ما انجزته، فحققت وفرا لشركة دواء هندية، فانخفض الفائض لديها من الأدوية ” خسائر” من 16 مليون دولار إلى مليون فقط.

لا بأس ان نحتفل بكل مناسباتنا الوطنية، ولا بأس ان نكرر موروثنا من الاغاني والاهازيج والزي التقليدي لمدننا و اريافنا وبوادينا ومخيماتنا،لكن لا بأس ايضا ان نقدم قصص نجاح لشبابنا، فراشد لا يعمل بشهادته ولا تبيع سارة الدواء في صيدلية، انها نماذج للنجاح، رغم الصعوبات والعقبات.

بقي ان اقول ان ملاحظات استوقفتني في قصص النجاح هذه، ابرزها:

اولا: ان راشد وسارة ليسا من دابوق ولا من عبدون، فراشد قادم محيط محافظة الزرقاء، وسارة من عمان الشرقية، وكلاهما دخل الرقمنة والتسويق الالكتروني من اوسع ابوابه، لم ينتظرا دورهما في ديوان الخدمة المدنية، ولم يقيما لطميات ولم يحفلا بسرديات المظلومية، ربما كانا بحاجة فقط لهاتف ذكي “وشوية جيجات” تمكنهما من الاحتفاظ بالتواصل مع العالم.

ثانيا: لا اعرف ردة الفعل لدى الطلاب الذين حضروا الحفل، لكني على يقين ان سماع قصص النجاح بهذه الصورة، أفضل تعبير ورسائل عن الإنجاز والنجاح، لأن البديل خطابات سلبية وعدمية، وربما يغذي بعضها بذور الكراهية ويسهم في انشاء التطرف والياس.
الدكتور عمر الرداد.