بقلم محمد داوديه
يتهيأ أبو أمجد إلى سورية، بعد غياب قسري دام نحو 15 سنة مُرّة عن أهله وعشيرته وفراته ودير الزور، لؤلؤة الفرات العظيم، أم القمح والقطن والنفط، التي تُعمِرّها أخوّةُ العرب والكرد والأرمن الأبدية. أصبح أبو أمجد واحدًا منا، عضوًا أصيلًا في “فريق البررة” الدائم الانعقاد، نتفقده ويتفقدنا.
وهيهات، هيهات أن “يتدنّى” إبنُ مَرا، الأردنَ والملكَ عبد الله والجيشَ والأمن والمخابرات، ليس في حضور أبي أمجد فحسب، بل في وجود النشمي أمجد، فلا مجاملة حين يتعلق الأمر بالأردن، ولا مهادنة.
كلما تهاتفنا أو التقينا، أسأل الشيخ منوّخ علي الداغر- أبا أمجد: شو أخبار الأهل والناس والبلاد يا صاحبي؟
وهو السؤال النابع من محبة الأردنيين الأزلية لسورية، أمنا الشامية الحبيبة، ضلع بلاد الشام العظيمة، وركن الهلال الخصيب الجبار، قلب الأمة العربية ورهانها الأكبر على وحدتها وحريتها: الأردن وسورية وفلسطين ولبنان والعراق.
يجيبني أبو أمجد سليل الشيوخ والشموخ: أهلكم في سورية، في أحسن حال، فلم تعد تتهاطل البراميل المتفجرة على رؤوس ابنائهم، ولم يعد أي “ضويبط” هامل ينتهك حرماتهم وكراماتهم وحقوقهم، وقد سقط، ليس سجن صيدنايا فحسب، بل سقطت جمهورية الذل والظلم والبطش والكبتاغون بأَسْرها وبأُسَرتها الخسيسة.
ويستطرد: صحيح ليس في الشام بعد، وظائف وكهرباء ورفاه، لكنّ فيها اليوم أمن وكرامة، وهو أكثر ما يهم أهلكم السوريين.
يروي لنا أبو أمجد بعضَ آلام شعبنا العربي السوري، فنغرق في الألم والسخط، ونجد أن الرعب والذعر والبطش والذل والفانتازيا، التي في رواية القوقعة، تكاد تتضاءل وتتنازل للرعب والذل والامتهان، الذي عاناه شعبنا العربي السوري في ظل وذل ذلك النظام الملعون.
لن يتمكن أخي الشيخ منوّخ من شطر قلبه إلى نصفين أردني وسوري، فلا مبرر للخيارات القاسية، أمّا أولاده فقد أصبحوا أردنيين، عجارمة وصخور وسلطية وشمالات ومعانية وعيسى وحمايدة وعبابيد وعدوان وطفايلة وحْسِنية.
لا مشكلة أمام الشيخ منوّخ، فالمسافة بين عمان ودمشق، كالمسافة بين عمان ومعان.
ومثلما يتهيأ أبو أمجد إلى الشام، فنحن كذلك نتهيأ إلى الشام، وهل عن حب الشام “غَناة” ؟!