مآل اليمن المؤسف

30 مايو 2025
مآل اليمن المؤسف

د. عادل يعقوب الشمايله

تُفيدُ التقاريرُ الإعلاميةُ الصادرةُ من اليمن عن تدميرِ مطار صنعاء وآخرِ طائرة مدنية كانت متاحةً للشعب اليمني لتصله بالعالم الخارجي عن طريق مطار عمان.
المرضى الذين كانوا يستقلون تلك الطائرة لتلقي العلاج في الاردن لم يعد بإمكانهم فعلُ ذلك. والامر ينطبقُ على الطلاب والحجاج والمعتمرين والتجار.
محطاتُ الكهرباءِ والمصانع خاصةً مصنع الاسمنت دمرت وقتل وجرح عشرات اليمنيين. موانئ اليمن الثلاث دمرت ايضا تطبيقا لاعلان الكيان الصهيوني فرضَ حصار بحري وجوي على اليمن.
ما يصدر عن الكيان الصهيوني “قول وفعل” للاسف.
في حين أنَّ ما يصدر عن الحوثيين هو “مجرد صخبٍ وازعاجٍ وصراخِ المتحدث الاعلامي “للاسف ايضا”، وتطبيلُ البائسين اللامبالين الذين يعدون العصي ولا يعانون منها، والساديونَ الذين يفرحون لخراب بيوت الناس ويريدون ان تمتد النيران التي احرقت زرعهم لتحرق زروع الجيران.
بسبب الهجمات الحوثية يتوقف احياناً الطيران المغادر من مطار المجرم بن غوريون والمتوجه اليه لبضع لدقائق. ثم يعود للعمل كالمعتاد. لمْ يُقتلْ صهاينةٌ ولم تُدَمر مصانع ولا محطات كهرباء ولا موانئ الكيان الصهيوني العنصري المجرم على البحر الابيض المتوسط. هذا يعني ان اسرائيل لا تتعرضُ لحصار جوي وبحري كما يهددُ ويتوعدُ الحوثيون.
ما أصابَ اليمنَ أضرارٌ بالغةٌ ومؤثرةٌ رغم بُعد المسافات عن الكيان العدواني. تلك الاضرار لا تقارنُ بالاضرار التي اصابت الكيان الصهيوني. لذلك لم ترضخ اسرائيل لشروط الحوثيين التي تربط بين وقف العدوان على غزة من اجل وقف اطلاق الصواريخ عليها من اليمن. هجمات اليمن لا تُشكلُ خطراً على اسرائيل ولكنها فقط مصدر ازعاج. وسببُ ردات فعلها العنيفة هو الدفاعُ عن سمعتها المعنوية والعسكرية التي خدشتها اظافر دولة فقيرة محطمة وممزقة بسبب الحرب الاهلية وجيشٌ بدائيُ التسليح مقارنةً بتسليح الجيش الاسرائيلي.
مشاهدُ الدمار الذي اصاب اليمن كان من الممكن ان يشاهدَ اكثر منها في الاردن او مصر او العربية السعودية بسبب قرب المسافة مع الكيان الصهيوني لو أن أيَّا من هذه الدول استجابت لأوامر حماس وجماعة الاخوان والببغاوات المضلل بهم الذين تُستغلُ عواطفهم بالشعارات القومية والدينية دون تقدير للعواقب.
كثيرون يرددون بدون وعي وبدون وزن لاقوال واتهامات حماس والاخوان والذباب الالكتروني الذي يهاجم بكل وقاحة الدول العربية التي رفضت التورط في حرب ستدمر ما تبقى من الشعوب العربية التي لم تدمر بعد، ارضاءاً لغطرسة حماس واجندة حماس، واجندة من جَنَدَ حماس.
اليمنُ ادخلَ نفسهُ في صراعٍ غير مهيأ له وغير مستعد له وغيرَ متعظٍ من عواقب ما ارتكبته حماس وحزب حسن نصرالله والمرشد. شرارة حرب احرقت قلب الشعب الاعزل المكشوف لأنَّ المقاومةَ لم تدافع عنه وعجزت عن الدفاع عن نفسها. فمئات المفرقعات التي اطلقتها المقاومة على اسرائيل في الايام الاولى من الحرب لم تقتل اسرائليين ولم تهدم مبنى ولا مصنع ولم تسقط طائرة اسرائيلية مقاتلة. سماءُ غزةَ وسماءُ لبنان وسماء اليمن كان مكشوفاً تماماً وكأنَّ من يُديرُون تلك الجبهات لم يسمعوا بما حدث لثلاث دول عربية بعد ان دُمر درعها الجوي.
رغم كل الدعايات لايران والترويج لايران والشكر لايران لم يشاهد العالم في ميدان المعركة الاسلحة التي زعمت المنظمات الفلسطينية وحزب الله انها تلقتها من ايران العظمى، وظلَّ التقتيلُ يجري من طرف واحد بدم بارد لشعب اعزل تُرِكَ لقدرهِ ومصيره.
ما شاهدناه في الاستعراضات المسرحية بنادقَ ملمعةٍ ومزيتة معلقةً على اكتاف ملثمين يختفون في الانفاق ولا يظهرون الا في الاستعراطات. وفي المقابل لم نشاهد الجنود الاسرائيليين ملثمين مع أنهم قاتلوا وقتلوا عشرات الالاف من الفلسطينيين واللبنانيين واليمنيين.
الاعلام الحمساوي والمناصر له ظل يردد ان صواريخ الكاتيوشا تصنعها حماس في ورشها. وكذلك بندقية القنص المسماة الغول. كما تصنع حماس المتفجرات من بقايا القنابل الاسرائيلية التي لم تنفجر. هذه هي الاسلحة التي كان يرد ذكرها في بيانات وافلام حماس التي ينتجها الاعلام الحربي و تبثها قناة الجزيرة الإخوانية. إذاً، اين هي الاسلحة الايرانية؟ ما انواعها واين ومتى استخدمت وماهو اثرها؟ لقد رأينا مفعول الاسلحة الايرانية التي اتيحت لحزب حسن نصر الله في لبنان، مع أنه ذراع ايران الفعلي وليس الذراع الدعائي الذي كانت تمثله حماس.
معظم الدول العربية وقفت مع الشعب الفلسطيني على مدى مائة عام. لكن الشعب الفلسطيني الذي يناصر حماس ويتعاطف مع جماعة الاخوان يُصر على ان يصيب الدول العربية بمقتل. يريد ان تصيب الشعوب العربية كوارث مماثلة للكارثة التي حلت بالشعب الفلسطيني مع أنه لم يكن باستطاعة الدول العربية التي كانت تخضع جميعها للاحتلال الاجنبي منع ما صنعته بريطانيا الاثمة والصهيونية العالمية بالفلسطينيين. الموقف العدائي للدول العربية وخاصة الاردن ومصر والعربية السعودية والامارات ممن يدعون الولاء للشعب الفلسطيني هو موقفٌ غيرُ عادل وغير منصف وفي النهاية سيثير حفيظة الشعوب العربية وغضبها ويدفعها للانحياز لمصالحها والتخلي النهائي عن الشعب الفلسطيني.