وطنا اليوم_
بقلم: لؤي البشير
في محيط يمور بالصراعات، تتقاطع فيه رياح الطائفية والمليشيات والاضطرابات، تظل الأسرة الأردنية الواحدة، من شتى المنابت والأصول، شاهداً حياً على معجزة التماسك، وعبقرية الاستقرار، وإرادة البقاء.
نعم، نحن في الأردن لسنا بمعزل عن التحديات، ولسنا أصحاب موارد وافرة أو ثروات بلا حدود، لكننا نملك ما هو أثمن من النفط والذهب:
نملك قيادة حكيمة، وشعبًا صبورًا، ووطنًا آمنًا، ومجتمعًا يرى في التماسك قاعدة لا خيارًا.
نعم وطن صغير بحجمه… لكن عظيم بأفعاله
في قلب هذا الإقليم المضطرب، حيث تئنّ المدن من جراحها، وتتنازع الحكومات شرعية السلاح قبل شرعية السياسة، يتقدّم الأردن، بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني، نحو المستقبل بخطى واثقة، ثابتة، ومدروسة لا يندفع في حروب الآخرين، ولا ينجرف في محاور الاستقطاب، بل يحمل على كتفيه همّ الأمة، ويوازن بين الدفاع عن الداخل ودعم الأشقاء، دون أن يطلب شكرًا أو مديحًا.
كم من دولة ذات دخل مرتفع، وخيرات لا تنضب، وقفت عاجزة أو مترددة أو متواطئة في لحظات الحقيقة…
بينما كان الأردن، بقلبه الكبير وإمكاناته المحدودة، أول الواصلين إلى نداء العروبة، وأصدق الناقلين لهمومها.
الأسرة الأردنية… من صبر إلى صبر، ومن رجاء إلى فعل
كل من يعيش على هذه الأرض الطاهرة، من شمالها إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها، يشعر بثقل التحديات، ويعرف أن المعيشة صعبة، والفرص محدودة، والمستقبل محفوف بالقلق لكننا لم نفقد الإيمان.
• نؤمن بأن ما نحياه اليوم، رغم صعوبته، أفضل مما يعيشه غيرنا ممن انهارت دولهم، وتفتت مجتمعاتهم، وضاعت هوياتهم.
• نؤمن بأن أبناءنا، رغم الظروف، ما زالوا قادرين على التعليم، والإبداع، والحلم.
• نؤمن بأن هذا الوطن، الذي حافظ على استقراره رغم كل العواصف، قادر على توليد الفرص وتحقيق النمو بشرط الصبر والعمل والعقلانية.
نعم قائدنا يقود لا ليحكم، بل ليحمي
حين نتأمل في خطاب جلالة الملك، وتحركاته، ومواقفه، لا نرى مجرد رئيس دولة، بل نرى ربّ أسرة كبرى، يضع أمانها فوق كل اعتبار، لا يغامر بمستقبلها من أجل مكاسب سياسية، ولا يراهن بأمنها من أجل تصدر العناوين.
جلالته، وهو يتنقل بين العواصم، يتحدث باسمنا، يشرح للعالم مخاوفنا، ويضع مصالح الأردن لا شعارات الآخرين في قلب كل طاولة نقاش، وحين تتصاعد الأخطار، يكون هو الصوت الهادئ، الذي يوازن بين الغضب والكرامة، بين الحكمة والحزم.
من هنا نبدأ…
• نبدأ من ثقتنا بأننا شعب واحد، لا شرقي ولا غربي، لا شمالي ولا جنوبي.
• نبدأ من إيماننا بأن مستقبلنا لا يُصنع بالصراخ، بل بالتعليم، بالعمل، بالتضامن.
• نبدأ من مسؤوليتنا أن نحافظ على هذا النموذج الأردني، بكل ما فيه من تعب، لأنه أثمن مما يبدو.
فلنختلف، نعم. لكن لا نسمح للفتنة أن تسكن قلوبنا.
ولننتقد، نعم. لكن دون أن نهدم جسور الثقة أو نُضعف صفّنا الداخلي.
ولنتألم من ضيق العيش، لكن دون أن نُفرّط في نعمة الأمن، أو نستهين بفضل الاستقرار.
في الختام الحذر من العصف… والرهان على المستقبل
حولنا، نار لا تخبو، ميليشيات، طوائف، حكومات متطرفة، شعوب تائهة، وخرائط تتغير.لكننا في الأردن، بفضل الله، لا نزال واقفين على أرضنا، نعرف من نحن، وإلى أين نريد أن نذهب.
فلنصبر، ونعمل، ونتمسك ببعضنا، لأن القادم لن يكون سهلاً، لكن النجاة ليست مستحيلة ونحن، كأسرة أردنية واحدة، نعرف جيدًا أن الحلم ممكن، بشرط ألا نسمح للخوف أن يكون أقوى من الإيمان.