الى أيِّ مدى قناة الجزيرة القطرية على حق في التنديد بمواقف الدول العربية؟

46 ثانية ago
الى أيِّ مدى قناة الجزيرة القطرية على حق في التنديد بمواقف الدول العربية؟

د. عادل يعقوب الشمايله

تواصلُ قناةُ الجزيرةِ إنزالَ جام غَضَبِها، وحَاد انتقاداتها واتهاماتها للحكومات العربية، بل وللشعوب العربية بالتقصير تجاهَ غزةَ سواءاً كان في مجال التظاهرات او تقديم المعونات، والمطالبةِ بإن تُدخل الدول العربية المعونات عنوةً رغماً عن اسرائيل ولو أدى ذلك الى حرب مدمرة للدولة العربية التي تتهور فتتدخل.
بناءاً على ذلك، أتوجهُ بالسؤال التالي لقناة الجزيرة:
لماذا بخلت قناةُ الجزيرة واسعة الانتشار على المشاهدين والمتابعين الذين لا يغادرون مقاعدهم من امام شاشتها، فلم تنشر صور المظاهرات اليومية التي لم تتوقف المؤيدة لغزة في كل من قطر وتركيا وباكستان؟
ولماذا لم تنشر صور قوافل المعونات الغذائية والطبية من قطر وتركيا وباكستان التي دخلت غزة برا وبحرا وجوا رغم انف نتنياهو؟
لماذا لم تنشر صور السفن والبوارج والطائرات الحربية القطرية والتركية والباكستانية التي رافقت القوافل، والجرافات التي جرفت الحدود، وصور انزال المعونات في ميناء غزة وعلى شاطئها الطويل الجميل؟
من باب الشكر والعرفان بالجميل، ادعو المتحمسين لتحريض قناة الجزيرة المشاركةَ في تجمع يضم الاف الاردنيين من كافة الاصول والمنابت والراغبين بالمشاركة من الشعوب العربية لزيارة قبور شهداء الجيش القطري والجيش التركي والجيش الباكستاني الذين سقطوا في المعارك مع الصهاينة من عام ١٩٤٨ ولحد الان لوضع الزهور وقراءة الفاتحة على ارواحهم.
لقد سارعت تركيا بارسال قواتها الى قطر عندما حدثت المشاجرات بين قطر وجاراتها العربية الخليجية متجاهلةً ان ارسالها الجنود يعتبر بمثابة تدخل في الشؤون العربية العربية.
كما سارعت تركيا في ارسال قواتها الى ليبيا لمنع اعادة الوحدة بين شطري ليبيا، ومنحت الحماية لحكومة الدبيبة الاخوانيه بعد ان كادت تسقط. وهذا مثال آخر على تدخلها السافر وغير المبرر في الشؤون الداخلية لبلد عربي منحازةً لفريق ضد الفريق الثاني معمقةً الانقسام والاقتتال بين ابناء الوطن الواحد، ومتعديةً على دور جامعة الدول العربية.
تلا ذلك واستغلالا لضعف حكومة الدبيبة وولائها الايدولوجي لتركيا مَدَّ مجالها البحري ليصل الى ساحل ليبيا متعدية بذلك على المجال البحري المصري. وهذا عملٌ استعماريٌ لا لُبسَ فيهِ يا كارهي الاستعمار. مذكراً أنَّ أسوأ اشكال الاستعمار واكثرها اجراما وعنصرية ومحاولةً لمحو الهوية العربية والثقافة العربية واللغة العربية الذي تعرض له العرب طيلة تاريخهم كان الاستعمار التركي.
أتسائل: لماذا لم ترسل تركيا قواتها الى غزة كونها فُتوةَ المنطقةِ وقبضايها؟ مُذكراً من نسي او غفل بأن غزة كانت جزءاً من اراضي الخلافة العثمانية قبل أن تقع تحت الانتداب البريطاني بسبب الهزيمة التي لحقت بالخلافة العثمانية التي وصلت مرحلة التعفن.
أعلمُ أنَّ عبدةَ النظام في تركيا سيبررون تقصير تركيا تجاه غزة بأن العرب قد ثاروا عليها اثناء الحرب العالمية الاولى.
وأجيبهم بأنَّ شعوبَ شمال افريقيا كاملة بدءاً من حدود فلسطين مع سيناء وحتى شواطئ المغرب على المحيط الاطلسي لم تَثُرْ ضد تركيا. لأن الثورةَ اقتصرت على الجزء الاسيوي من الوطن العربي.
وكيفُ تثورُ دول شمال افريقيا بدءاً من مصر وحتى المغرب العربي بينما كانت تحت الاحتلال البريطاني والفرنسي والايطالي لأن الخلافة العثمانية تخلت عنها للدول الاوروبية منذ القرن التاسع عشر ولم تدافع عنها.
أمَّا الوضعَ في الجزء الاسيوي من الوطن العربي فإنَّ فلسطين بما فيها غزة وكذلك لبنان وأجزاءَ من الجزيرة العربية والعراق لم تشارك مشاركة مباشرة وفاعلة في الثورة على الاتراك. من الثابت أنَّ فلسطين لم تُعلن الثورة والحرب على تركيا في تلك الحِقبة. وعلينا أن لا نغفل عن أن التأثير العسكري للثورة كان رمزياً أي لم يكن حاسماً في ما آلت اليه تبعات الثورة وخاصةً هزيمة تركيا رجل اوروبا المريض. فقد كانت بريطانيا تتمتع بقوة عسكرية لا طاقة لطوابير الجيش التركي بمجابهتها.
ومن الاهمية بمكان لفت الانتباه الى ان منظمة التحرير الفلسطينية كانت قد اصرّت واستنجدت بالدول العربية لفك الارتباط مع الاردن، وحصلت على قرار عربي بأنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني داخل فلسطين وخارجها. تُظهرُ السلطةُ الفلسطينيةُ نفسها بمظهر الدولة ولديها ستون الف مسلح اي ما يقارب عدد الجيش الاردني. اليست هي من يجب ان تقوم بما تطلبه قناة الجزيرة من الاردن ومصر؟ فلماذا تعفى السلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والخط الاخضر من ارسال المعونات الى غزة، والدفاع عن غزة وعن المخيمات الفلسطينية حتى داخل الضفة الغربية علما بأن شعب الضفة الغربية ليس فقيرا. كما ان الوضع المالي للسلطة افضل من الوضع المالي للاردن ومصر بفضل المعونات الدولية؟
كما أُذكر، بإعلان المقاومة في الاردن في اواخر الستينات بأن لا سلطة فوق سلطة المقاومة متحدية الدولة الشرعية ذات السيادة على الارض الاردنية، وكان رجال المقاومة يتعرضون لافراد الجيش والشرطة الاردنيين بالقتل والاختطاف. فكيف يكون من واجب الجيش الاردني مناصرةَ والدفاعَ عن من حملوا السلاح في وجهه واعتدوا على مؤسسات الدولة وممتلكاتها. هل نَقَلَ لنا التاريخ أن عنترة بن شداد طلب المعونة من احد؟
وكما يقول المثل العربي: الاسى ما بينتسى. فهل تتوقع قناة الجزيرة بعد تشجيعها وتحريضها لمسلحي حماس الذين كانوا يخرجون من الانفاق لقتل عشرات ضباط وافراد الجيش والشرطه المصريين ان ينسى الجيش المصري زملائهم الذين قتلوا غدرا، وَيَهُبوا لمحاربة اسرائيل دفاعاً عنهم؟ وهل نسي الجيشُ المصريُ خطابات التحريض والتهديد ضدهُ من زعماء الاخوان والتيارات الاسلامية السياسية وانصارهم وداعميهم داخل مصر وخارجها؟
إذاً، ربما يكون للاردن ومصر اقوى الاعذار، مع أن الدولتين قدمتا ولا تزالان اكثر من بقية الدول العربية التي تتغاضى عنها قناة الجزيرة والببغاوات الذين يرددون غوغائيتها دون معرفة بخفايا اجندتها ومن صاغ تلك الاجندة. ولكن لا عذر لتركيا ولا لباكستان ولا لقطر