بقلم الدكتور قاسم العمرو
في كل عام، يُطل علينا عيد استقلال الوطن محمّلاً بمعاني العز والفخر، مستحضراً ذاكرة الأجداد الذين رسموا طريق الحرية بجهدهم وتضحياتهم، ومذكّراً الأجيال بأن الاستقلال لم يكن محطة وصول، بل انطلاقة لمسيرة بناء ونهضة مستمرة.
منذ ذلك اليوم المجيد في 25 أيار 1946، لم يدّخر الأردن جهداً في ترسيخ أركان دولته الحديثة بقيادة الهاشميين، الذين جعلوا من الوطن نموذجاً للاستقرار في محيط مضطرب، ومن الإنسان محوراً للتنمية والاستثمار. فكان التعليم أحد أعمدة النهضة، والرعاية الصحية حقاً مكفولاً، والأمن الوطني سوراً منيعاً في وجه التحديات.
رغم قلة الموارد الطبيعية، استطاع الأردن أن يحقق إنجازات نوعية في قطاعات عديدة: بنى نظاماً تعليمياً متقدماً، ورسخ قطاعاً صحياً متطوراً، واستثمر في شبكات البنية التحتية التي تربط الشمال بالجنوب والبادية بالمدينة، واستطاع أن يُكوّن جيشاً عقائدياً محترفاً يشهد له الأصدقاء قبل الخصوم بالكفاءة والانضباط.
وعلى الساحة السياسية، ظل الأردن وفياً لثوابته القومية، مناصراً لقضايا الأمة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، ومدافعاً عن القدس الشريف، ومبادراً إلى مدّ جسور التعاون والحوار مع الجميع دون تفريط بسيادته أو هويته.
اليوم، ونحن نحتفل بعيد الاستقلال الـ79، نستحضر معاني الوفاء والانتماء، ونجدد العهد بالمضي على نهج الإصلاح والتطوير الذي رسمه جلالة الملك عبدالله الثاني، الذي جعل من تمكين الشباب والمرأة، وتعزيز الاقتصاد، ومكافحة الفساد، ركائز للعبور نحو المستقبل.
في عيد الاستقلال، لا نحتفل بالماضي فحسب، بل نؤمن بالحاضر ونحلم بغدٍ أفضل… فالأردن سيبقى – بإذن الله – شامخاً بحكمة قيادته، ووفاء شعبه، وإرادته التي لا تنكسر.
وفي هذه المناسبة الوطنية العزيزة، نرفع أسمى آيات التقدير والولاء لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، قائد المسيرة وحامي الاستقلال، الذي كرّس جهده لتعزيز مكانة الأردن، ورفع شأنه بين الأمم، وحمل همّ شعبه في المحافل كافة.
فكان صوت العقل في زمن الفوضى، ورمز الحكمة في وجه العواصف، وراعياً أميناً لمشروع وطني عنوانه الإنسان الأردني