وطنا اليوم:“وضع حد نهائي لهذه التصرفات غير المسؤولة”.. تلك عبارة “خشنة” وتنطوي على رسالة “استغاثة ثم إنذار” ترصد لأول مرة في بيان رسمي لهيئة تمثل المستثمرين في القطاع الصناعي الأردني بالترافق مع مطالب أوضح تجاه الدولة قوامها.. “حماية الاستثمار من الابتزاز” ووقف “الاستقواء” على القطاع الخاص.
عمليا تظهر المفردات التي اختارها المستثمرون الكبار في القطاع الصناعي حجم المشكلة فكلمات مثل “استقواء وابتزاز وحد نهائي” لم ترد سابقا في بيانات علنية لأقطاب وحيتان القطاع الخاص.
ويبدو أن الآثار التي أنتجتها حادثة النائب والمصنع في الأردن أكثر من أن يتم احتواءها في إطار خطوة مجلس النواب المعنية بتحقق اللجنة القانونية من وقائع اقتحام احد المصانع الضخمة من قبل احد اعضاء البرلمان وضرب مرافقيه لاحد الحراس ومطالبته ادارة المصنع بتزويده بكشف يضم اسماء الموظفين وهو اجراء حتى اذا كان مجلس النواب مهتم به جدا له قنوات دستورية وعبر وزارة العمل والحكومة.
الصناعيون في الأردن غاضبون بسبب تكرّر الحوادث وتحديدا في بعض مناطق شرق عمان وبعد ظهور النائب أسامة العجارمة مرّتين في هذا السياق نفسه وتحت ذريعة مطالبة المصانع بالمسؤولية الاجتماعية وترجمتها بالنسبة للنائب وأنصاره توظيف أبناء المنطقة والعشيرة فقط.
وجّهت غرفة صناعة عمان أمس الأول مذكرة شديدة اللهجة تحدّثت فيها عن الاستقواء على القطاع الخاص وابتزاز المستثمرين مطالبة بإجراءات تحقيق وعقاب لأي تصرّفات تصدر عن النواب خارج إطار القانون.
واختار رئيس مجلس النواب عبد المنعم العودات هنا إرسال الملف المسالة إلى اللجنة القانونية التي يبدو انها غير مؤهلة للتعامل مع الموضوع.
لكن القطاع الصناعي غاضب من تلك التحرشات التي يقودها بعض البرلمانيين والحراكيين باستثماراتهم، الأمر الذي لا تتخذ الحكومة بعد اي اجراءات معاكسة في سبيل الاحتواء والحفاظ على هيبة القانون.
ويُعبّر الصناعيون في منابرهم عن مستويات الغضب وتكشف تفاعلات على المنصات عن مستوى احتقان الصناعيين الذين وضع بعضهم كما يقول الصناعي جليل خليفة ما يشبه قوائم بالمناطق والأراضي التي تعتبر آمنة وتلك التي تعتبر غير آمنة للاستثمار وهذا منزلق لم تصل إليه الأمور في وقت سابق.
واعتبر خليفة بأن رواية النائب العجارمة تبريرية حيث لم يسمح له او يدعى لزيارة المصنع متوقعا ان تنخفض اسعار الاراضي وتهوي الى الحضيض في مناطق النائب المذكور بعد الان لان ما يهم المستثمر قبل الارباح هو الأمن على نفسه وموظفيه وماله وخلافا لما يحصل في منطقة العجارمة فسكان العديد من المناطق يوفرون الحماية للاستثمارات.
يبدو فعلا أن القطاع الصناعي محتقن وبدأ يتجاوز الشكوى فيما تقف الحكومة ومعها رئاسة مجلس النواب في موقع الإخفاق عن التصرّف.
ويؤكد مراقبون بأن أسوأ ما يمكن أن يحصل لاستثمارات الصناعيين هو تصنيف بعض المناطق وسط المجتمع بأنها آمنة واخرى غير آمنة مع أن النائب العجارمة قدّم تبريرا مختلفا لزيارته المثيرة للمصنع والتي اقلقت جميع الاوساط معتبرا ان الزيارة اخرجت عن سياقها وما حصل فيها تعرض للتحريف.
وحذّر النائب نفسه من الإساءة لثقافة العشائر الأردنية لكن أحدا لم يعلن بأن المسألة تخص العشائر الأردنية وأن النائب نفسه يمثل العشائر الأردنية فقد علّق الناشط الإلكتروني والحراكي المعروف أحمد الجعافرة قائلا بأن هذا النائب لا يمثل إلا نفسه.
المنزلق الأهم الذي وصلت له الأمور سياسيا والظهور وفي مرحلة اقتصادية حساسة بأن الاستثمارات الصناعية الضخمة بدأت تشتكي من حاجتها لوقف التجاوزات عليها في الوقت الذي يجتمع فيه الصناعيون الآن لإظهار تضامنهم مع بعضهم البعض بعد حادثة اقتحام مصنع ضخم وعريق في منطقة النائب العجارمة متخصص بالأدوية والكيماويات وتحت ستار الرغبة في توظيف أبناء المنطقة مع أن المصنع نفسه أظهر استعدادا لتوظيف المتخصصين بالكيمياء من أبناء المنطقة.
اللافت وخلافا للمألوف وسط كبار المستثمرين أن غرفة صناعة عمان قرّرت هذه المرّة عدم الصمت وأن صاحب المصنع وهو مستثمر ضخم جدا في مجال الأدوية قرّر أيضا عدم الصمت وتقدّم رسميا بإفادة تتضمّن رواية المصنع لمسار الأحداث .. تلك محطّات تؤشّر على ما هو مُختلف.