وطنا اليوم_بقلم: لؤي البشير _في خطوة تعكس رؤية استراتيجية بعيدة المدى، أطلق وزير الشؤون السياسية والبرلمانية، عبدالمنعم العودات، برنامج “تعزيز مشاركة الشباب في الحياة السياسية” بحضور وزير الشباب المهندس يزن الشديفات، مستهدفاً الشباب في مختلف محافظات المملكة. هذه المبادرة لا تأتي بمعزل عن مشروع التحديث السياسي، بل تُعبر عن إدراك رسمي لأهمية الشباب في تحقيق التنمية الشاملة، خصوصاً مع دخول الأردن مئويته الثانية.
أكد العودات خلال إطلاق البرنامج أن الشباب هم الركيزة الأساسية لبناء الأردن الحديث، مشدداً على أهمية إشراكهم في العمل الحزبي وصناعة القرار، لضمان تجديد النخب السياسية وإدخال دماء جديدة في مختلف المؤسسات. كذلك أشار إلى أن الحكومة تعتمد نهج الحوكمة الرشيدة، القائمة على التشاركية والنزاهة والمساءلة، وهي عوامل أساسية لتعزيز الثقة بين الدولة والمواطن.
وفي هذا السياق، لا بد من التأكيد على عدة توصيات ومقترحات لضمان نجاح البرنامج وتحقيق أهدافه:
1. تعزيز التثقيف السياسي: ضرورة تنفيذ حملات توعوية واسعة في المدارس والجامعات لتعريف الشباب بحقوقهم وواجباتهم السياسية، ومفاهيم الديمقراطية والمواطنة الفاعلة.
2. تفعيل المشاركة الجامعية: تشجيع إنشاء أندية حزبية طلابية داخل الجامعات بإشراف مباشر من وزارة الشباب، لتكون مختبراً عملياً لتدريب الشباب على العمل السياسي المسؤول.
3. التوسع في التدريب: زيادة عدد الجلسات التدريبية التي ينفذها البرنامج، لتشمل كافة المحافظات والمناطق النائية، وضمان وصولها إلى الفئات الأقل حظاً.
4. تمكين القيادات الشبابية: تخصيص برامج خاصة لإعداد قيادات شبابية قادرة على الانخراط مستقبلاً في البرلمان والمجالس البلدية والمؤسسات الرسمية.
5. توظيف التكنولوجيا: إنشاء منصات رقمية تفاعلية لربط الشباب بالمسؤولين وصناع القرار، وتبادل الأفكار والمقترحات بسهولة وشفافية.
من الناحية الآنية، هناك حاجة ملحة لرفع وعي الشباب بمخاطر الانجرار وراء الشائعات وخطابات الكراهية، وتعزيز خطاب الوحدة الوطنية، خصوصاً في ظل التحديات الإقليمية والأجندات الخارجية التي تحيط بالأردن. وهنا، يلعب الشباب دوراً محورياً في الحفاظ على النسيج الاجتماعي والتصدي لمحاولات العبث بأمن واستقرار الوطن.
أما من حيث النظرة المستقبلية، فإن إشراك الشباب اليوم يعني صناعة قيادات الغد، وتجديد الطبقة السياسية، وإنتاج بيئة سياسية أكثر ديناميكية وقدرة على الاستجابة لتطلعات المجتمع. والأهم، أن ذلك سيسهم في تعزيز مكانة الأردن الإقليمية والدولية كدولة راسخة ومستقرة، تدافع عن قضايا الأمة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، من موقع القوة والمصداقية.
ختاماً، يمكن القول إن برنامج “تعزيز مشاركة الشباب في الحياة السياسية” ليس مجرد مشروع مرحلي، بل هو استثمار طويل الأمد في مستقبل الوطن. وإذا ما أُحسن استثماره، فإنه سيفتح أمام الأردن آفاقاً واسعة من التقدم والاستقرار والنهضة، ويُعيد تشكيل العلاقة بين الدولة وشبابها على أسس جديدة من الثقة والشراكة.