د. قاسم العمرو
في سياق متسارع من الأحداث الأمنية والسياسية، جاء قرار السلطات الأردنية باعتبار جماعة الإخوان المسلمين “جمعية محظورة”، ومنع التعامل معها، ليحسم جدلاً طويلاً حول الوضع القانوني لجماعة لم توفق أوضاعها منذ سنوات، واستمرت في ممارسة أنشطتها دون ترخيص رسمي أو مرجعية قانونية واضحة.
هذا القرار لا ينفصل عن التطورات الأخيرة التي شهدتها المملكة، وعلى رأسها الكشف عن خلية إرهابية مرتبطة بتنظيمات متطرفة، كان من أهدافها زعزعة أمن البلاد واستهداف مؤسسات الدولة. وبينما لا يمكن الربط المباشر بين الجماعة وكل عمل إرهابي، إلا أن بيئة التحريض والتهييج التي لطالما غذتها بعض أذرعها الإعلامية والدعوية تشكّل أرضاً خصبة للتطرف، وتدفع بعض الأفراد نحو مسارات خطيرة.
ومن اللافت أيضاً، استغلال الجماعة للأحداث الدامية في غزة لتأجيج الشارع الأردني، مستخدمة مشاعر التعاطف الشعبي العفوي مع القضية الفلسطينية، لتقديم نفسها من جديد كفاعل سياسي بديل، متجاوزة بذلك الإطار الوطني والشرعي الذي ينظم العمل العام. وهو سلوك لم يعد مقبولاً في ظل التحديات الوطنية الدقيقة التي تتطلب خطاباً عقلانياً لا يذكي الفتنة ولا يستثمر في الدماء.
إن ما نشهده اليوم هو تتويج لمسار تصحيحي تسعى فيه الدولة الأردنية لإعادة ضبط العلاقة بين السياسة والدين، وبين المؤسسات الرسمية والجهات التي تسعى للعمل العام، بحيث لا يُسمح لأي تنظيم أن يكون دولة داخل الدولة، أو أن يختبئ خلف شعارات دينية لتحقيق مكاسب سياسية.
ويبقى الرهان الحقيقي على تهيئة بيئة سياسية وطنية حاضنة للشباب، قائمة على أحزاب مرخصة، تنتهج برامج عملية بعيداً عن الأيديولوجيات الجامدة، وتكون قادرة على استقطاب الشارع بلغة الإنجاز لا بلغة التحريض.