الأردن خط أحمر: رد على التحليلات المغلوطة والعدوان الصهيوني على درعا

25 مارس 2025
الأردن خط أحمر: رد على التحليلات المغلوطة والعدوان الصهيوني على درعا

بقلم: د. محمد الهواوشة

الأردن في مواجهة المؤامرات

لا يكاد يمر يوم دون أن تحاول بعض الأصوات الغربية الترويج لسيناريوهات تخدم أجندات سياسية بعيدة عن الواقع الأردني، فتارة يطرح ملف “الخطر الوجودي” الذي يهدد المملكة، وتارة تعاد صياغة مشاريع التوطين وتصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن. آخر هذه المحاولات جاءت في مقالة “الأزمة الوشيكة في الأردن” المنشورة في Foreign Affairs، والتي تقدم سردية منحازة تفترض أن الأردن دولة على حافة الانهيار بسبب الموقف من الحرب في غزة، وتلمح إلى ضغوط أمريكية لقبول توطين الفلسطينيين.

السيادة الأردنية ثابتة وغير قابلة للنقاش

الأردن ليس دولة تابعة للقوى الغربية، بل دولة مستقلة ذات سيادة، يعرف تاريخه كيف يتعامل مع التحديات بصلابة وحكمة. ومن يظن أن الأردن سيقبل بأي حلول على حساب هويته الوطنية أو أمنه القومي فهو واهم. الرفض الأردني القاطع لمشاريع التهجير والتوطين ليس موقفا عاطفيا، بل هو موقف راسخ يستند إلى الشرعية التاريخية والدستورية، ويدعمه الشعب الأردني بكل مكوناته.

العدوان الصهيوني على درعا تهديد للأمن الإقليمي

في الوقت الذي تتحدث فيه بعض التحليلات عن “الخطر الداخلي” على الأردن، تتجاهل العدوان الحقيقي القادم من الكيان الصهيوني. القصف الأخير الذي طال مناطق درعا المحاذية للشمال الأردني ليس مجرد حدث عابر، بل هو اعتداء مباشر يحمل رسائل خطيرة.

الكيان الصهيوني يسعى لإعادة رسم خارطة التوازنات الإقليمية عبر استهداف سوريا وجر المنطقة إلى صراع أوسع، وهو يدرك تماما أن الأردن بموقعه يمثل حجر زاوية في أمن المنطقة. إن أي استهداف لمناطق قريبة من حدودنا هو انتهاك سافر للأمن الإقليمي، ويؤكد أن التهديد الحقيقي للأردن لا يأتي من الداخل كما يروج البعض، بل من الكيان الصهيوني وسياساته العدوانية.

الموقف التركي من العدوان الصهيوني على سوريا

في ظل التصعيد الأخير والاقتحامات الصهيونية لبعض البلدات السورية، اتخذت تركيا موقفا حذرا ومزدوجا، يجمع بين التنديد الإعلامي والتنسيق السياسي. رغم أن أنقرة تدين علنا الاعتداءات الصهيونية على سوريا، إلا أنها تواصل التنسيق الأمني مع تل أبيب في قضايا إقليمية أخرى، مما يثير تساؤلات حول مدى جدية مواقفها.

تركيا، التي عززت علاقاتها الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني مؤخرا، تحاول تحقيق توازن بين الحفاظ على علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع الاحتلال وبين خطابها الداعم للقضية الفلسطينية. ومع ذلك، فإن عدم اتخاذها خطوات ملموسة ضد الاعتداءات الصهيونية على سوريا، يضعها في موقف المتفرج أكثر من الفاعل.

موقف أردني حازم لا يقبل التأويل

الأردن بقيادته وشعبه وجيشه لن يسمح بأن يكون جزءا من أي سيناريو لتصفية القضية الفلسطينية أو تغيير هوية المنطقة. ولن يقبل أن يمارس عليه الضغط أو الابتزاز السياسي من أي جهة، سواء كانت واشنطن أو تل أبيب.

من يريد أن يتحدث عن “أزمة وشيكة” في الأردن، عليه أن يدرك أن الأزمة الحقيقية تكمن في استمرار الاحتلال الصهيوني لفلسطين، وفي الاعتداءات المتكررة التي تهدد الأمن القومي الأردني والعربي. الرد الأردني على مثل هذه التهديدات يجب أن يكون حازما، سياسيا وعسكريا، فالتاريخ يشهد أن الأردن لم يكن يوما ساحة سهلة لمشاريع الهيمنة والاستعمار الجديد.

ختاما: الأردن رقم صعب

رسالتنا واضحة: الأردن ليس ضعيفا كما يحاول البعض تصويره، بل هو رقم صعب في المعادلة الإقليمية. وأي محاولة للمساس بأمنه أو استقراره ستقابل برد لا يعرف التردد، فالأردن الذي قاوم الضغوط في الماضي، قادر اليوم على مواجهة أي تحد مهما كان حجمه أو مصدره