على من يأتي الى البيت الابيض أن يأتي حاملاً رايةً بيضاءَ أو أن لا يأتي

منذ 18 ثانية
على من يأتي الى البيت الابيض أن يأتي حاملاً رايةً بيضاءَ أو أن لا يأتي

د. عادل يعقوب الشمايله

نهجٌ جديد، سُنةٌ جديدةٌ غيرُ حميدةٍ لبروتوكول المفاوضات والتعامل مع رؤساء الدول.
الرئيس ترامب يستبق اجتماعات القمةِ بإعلان نتائجها على نحو ما يشتهي قبل أن تبدأ المفاوضات، بل قبل وصول الوفد الضيف المفاوض.
هذا النهجُ المستهجنُ يُعَبرُ بوضوحٍ عن الشعورِ الاحمقِ الفجّ بالعظمةِ والنرجسية، وعهدٍ ونمطٍ جديدٍ من الهيمنةِ والنهبِ عينك عينك.
ترامب لا يعترفُ بسيادةِ الدول ولا بحقوق الشعوب وسلطتها على اراضيها وثرواتها. وهي الشريعةُ ذاتها التي طبقها على اجساد النساء طيلةَ حياته.
ترامب يتصرفْ وكأنهُ السيدُ المطلقُ للعالم وأنه بلفورُ العالم.
لا يكتفي الرئيس ترامب بالادعاءِ أنَّ لهُ مطلق الحقِّ في ان ينهب لدولته، أو يهبَ لمن يشاء اراضي وثروات الشعوب الاخرى كما فعل بالقدس والجولان، وما يرغبُ في فعلهِ في قطاع غزة، وضم كندا وبنما والقرين ايلاند، والمعادن النادرة في اوكرانيا، بل إنهُ يضفي على قراراتهِ المسرفةِ المجحفةِ غيرِ المتزنةِ مغالطةً ممجوجةً “انَّ الشعوبَ الضحيةَ تُحبُ مبادراته العدوانية وتغمرها النشوة والبهجة والحبور، بل تُقابلها بالامتنان والدعاء له بالتوفيق. هذا السلوكُ لا يختلفُ عن الزعم بأنَ من سُرِقَ شئٌ من بيتهِ يشكرُ اللصَّ، ويدلهُ على ما تبقى ويفتحَ له الباب.
والدليلُ على صحةِ مزاعم ترامب وصول مليوني رساله على الواتسب من اهالي قطاع غزة يشكرونه على مبادرة ترحيلهم من وطنهم وعلى تدمير منازلهم ومنشئاتهم. كما ان اهالي الضفة الغربية واهالي الاردن ايضا يستعدون لارسال الواتسبات والبرقيات واقامة الاحتفالات شكرا وابتهاجا على مخطط ترحيل فلسطيني الضفة الغربية للاردن. إنهم ينتظرون التنفيذ على احرَ من الجمر.
وهذا ايضا ما نلاحظه من نشوة وسعادة الصينيين والاوروبيين والكنديين واليابانيين والكوريين الجنوبية اثر فرض الاتاوة بصورة تعرفة جمركية على البضائع التي يصدرونها لامريكا.
سعي ترامب لجمع ترليونات الدولارات بمختلف طرق الابتزاز لتسديد المديونية الامريكية التي تسببَ بها الانفاق العسكري الهائل المجنون للسيطرة على العالم سيتحولُ الى اعيادَ وطنية في دول العالم وستصبح امريكا معشوقة العالمين.
تصرفُ زيلنسكي الذي رفض التوقيع على منح المعادن النادرة لامريكا مقابل لا شئ، بل وتقديم الشكر والامتنان والركوع في محراب ترامب على تكرمه بنهب ثروات بلاده تعبير عن موقف شجاع وتحوله لبطل عالمي. يُعززُ ذلك الموقف الاوروبي الذي خرج لاول مرة على التبعية والذيلية لامريكا والذي نأمل أن يكون صادقاً وثابتاً ليتحول الى اكبر ضربة لهيبة امريكا وبدايةَ النهاية لهيمنتها وتغولها وشراهتها وانحطاطها الاخلاقي