وطنا اليوم_بقلم د.هايل ودعان الدعجة
يبدو ان العلاقات الاميركية الاوروبية في طريقها لان تشهد تطورات غير مسبوقة مع تولي الرئيس الاميركي دونالد ترمب ولايته الثانية ، واتباعه سياسات يمكن وصفها بالانقلابية وغير المعهودة في تاريخ الادارات الاميركية . مما قد يدفع بالمنظومة الاوروبية للبحث عن هوية سياسية وامنية ودفاعية مستقلة عن الولايات المتحدة التي لم تعد الضامن الاساسي لامنها .
كما صرح بيت هيغسيث وزير الدفاع الاميركي مؤخرا ، حيث تطالبها بزيادة نفقاتها العسكرية الدفاعية وان تتحمل الجزء الاكبر من المساعدات العسكرية لاوكرانيا التي تعارض الولايات المتحدة انضمامها الى حلف الناتو ، ضافة الى احتمالية سحب القوات الاميركية من دول البلطيق ، الى جانب تهديد ترامب بإدخال إصلاحات وتغييرات في منظومة الناتو ، وبانه سيعيد النظر بالالتزامات الامريكية حيال الامن في أوروبا والعالم ، مبديا استعداده لسحب أمريكا وابعادها عن هذا الحلف ، والطلب من الدول الأوروبية دفع مساهماتها المالية وتحمل المزيد من النفقات مقابل حمايتها والدفاع عنها ، مما يهدد مستقبل الحلف وتفريغه من محتواه كمنظومة امنية ودفاعية أطلسية ، فقدت مبررات وجودها وعفا عليها الزمن منذ انهيار جدار برلين وسقوط الاتحاد السوفياتي ، كما يقول ترمب .
مما دعا الرئيس الفرنسي ماكرون الى مطالبة دول اوروبا بزيادة انفاقها العسكري وتقليص اعتمادها على التكنولوحيا والاسلحة الاميركية وبناء جيش موحد وتوفير مظلة امنية ودفاعية اوروبية مستقلة عن المظلة الاميركية ، وهي الفكرة التي سبق ان طرحتها كل من فرنسا والمانيا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ، لتشكيل قطب دولي مستقل وقوة عظمى دولية توازي القطب الأمريكي ، وتعزز من قوة دول الاتحاد الأوروبي ، لمواجهة خطر تنامي قدرات روسيا العسكرية وتهديداتها مع احتمالية لجؤها الى الخيارات العسكرية مستقبلا لاستعادة نفوذها ، كما فعلت في جورجيا وشبه جزيرة القرم وأوكرانيا.
اضافة الى الخشية من احتمالية ان تشهد العلاقات بين امريكا وروسيا تقاربا وتعاونا في عهد الرئيس ترامب ، بطريقة قد تقود الى تفاهمات على تقاسم مناطق النفوذ بين البلدين ، مما يقلق دول أوروبا ، التي قد تفكر باتخاذ إجراءات وعمل ترتيبات وحدوية تعزز من اعتمادها على نفسها امنيا ودفاعيا وسياسيا وتحمي مصالحها وقيمها . حيث سبق لرئيسة المفوضية الاوروبية اورسولا فون درلاين خلال توليها حقيبة الدفاع الالمانية ان طالبت دول اوروبا ان تهيء نفسها لواقع جديد يفرض عليها تخصيص ما يكفي للدفاع عن نفسها .