بقلم إبراهيم السيوف
في خضمّ العواصف السياسية وتحت وطأة الاتهامات الملفقة، تُوجه بعض الأصوات اللاذعة اتهامات كاذبة للأردن، متهمةً إياها بخيانة القضية الفلسطينية. إن هذه المزاعم التي لا تستند إلى أدلة موضوعية تُعد محاولة لتفكيك جسر الوحدة العربية الذي بنته التجارب المشتركة، وتعتمد على تزييف الحقائق في سبيل تحقيق أجندات تُفضي إلى مزيد من الشقاق.
إن الحقائق الثابتة تبرز جلية: تاريخ الأردن الطويل في دعم القضية الفلسطينية لا يقبل التلاعب به، فقد اعتمدت دومًا دبلوماسية مدروسة جمعَت بين حماية مصالحها الوطنية والتزامها الثابت بمبادئ التضامن العربي. هذا المسار، الذي ينبثق من واقعية سياسية لا تهرب من صرامة التحديات، يُظهر أن الاتهامات ما هي إلا أدوات لتفكيك الثقة المتبادلة، محاولات لزرع بذور الفتنة في أرضٍ خصبة بالوحدة والتاريخ المشترك.
وفي قلب هذه المعادلة يظهر نصف الحل: تبني سياسة الحوار البنّاء التي تجمع بين الأطراف المتباينة لإعادة بناء جسور الثقة على أسس الشفافية والنزاهة. إن الحوار الحقيقي يتجاوز مجرد تبادل الآراء؛ إنه استثمار للمصالح المشتركة وتقديم تنازلات استراتيجية تحمي الهوية الوطنية وتُعزز من الوحدة العربية. ومع ذلك، فإن هذا النصف لا يكتمل إلا بالاعتراف بمصالح كل طرف وبالمرونة الدبلوماسية التي تسمح بإعادة صياغة الحلول بما يخدم مصلحة الجميع.
إن الدبلوماسية ليست مجرد أداة للتعامل مع الأزمات، بل هي فن إعادة بناء الواقع الذي تحاول قوى التفكيك تغييره. إن تفعيل آليات الحوار المفتوح القائم على الحقائق المدعومة بالبراهين هو السبيل الأمثل لمواجهة الاتهامات الملفقة وإرساء قيم العدل والكرامة. وهذا النهج لا يُعطي فقط دفعة للوحدة العربية، بل يشكل منصة للنهج السياسي الرصين الذي يتحدى كل محاولات الانقسام والتزييف.
ختامًا، يمثل نداء التوازن ليس مجرد دعوة فلسفية، بل مسارًا واقعيًا يجمع بين القوة السياسية والمرونة الدبلوماسية. إن نصف الحل الذي يدور حوله هذا النهج يتمثل في الحوار البنّاء؛ وفي الوقت نفسه، يكمن الحل الكامل في تعزيز الثقة المتبادلة وإقرار أسس مشتركة تضمن استمرارية الوحدة العربية وتردّد صدى الحق في وجه كل محاولات التفكيك