وطنا اليوم:تأثرت عشرات المشاريع التنموية والخدمية، الحكومية والأهلية، في الأردن بقرار إغلاق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، كون تلك المشاريع تعتمد على الوكالة في التمويل والدعم والتدريب.
أدى إعلان الرئيس دونالد ترمب إغلاقَ الوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID، وإعلان الوكالة تعليق تمويل مشاريعها حول العالم إلى إحداث أزمات كبيرة في الكثير من الدول.
وتزامن ذلك مع قرار وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إيقاف جميع المساعدات الخارجية الممولة من الوزارة والوكالة الأميركية للتنمية الدولية أو من خلالهما، إضافة إلى تجميد كل المساعدات الأميركية الخارجية، باستثناء المساعدات العسكرية المقدمة إلى مصر وإسرائيل، في انتظار مراجعة شاملة لضمان توافق تلك المساعدات مع السياسة التي يعتزم الرئيس ترمب اتباعها.
وبعد إعلان وقف المساعدات، أبلغت البعثة التي تدير السفارة الأميركية في الأردن، المنظمات التي تعمل على برامج ممولة من الخارجية الأميركية بتجميد كل الفعاليات والنشاطات وورش التدريب المقررة، في حين تدعم الوكالة عشرات المشاريع النشطة في الأردن في مجالات متنوعة مثل التعليم، والصحة، والأمن الغذائي، والمياه، والتنمية الاقتصادية بالتعاون مع الحكومة الأردنية ومؤسسات القطاع الخاص والعديد من المنظمات غير الحكومية.
تنعكس مشاريع الوكالة الأميركية على الآلاف من الأردنيين، فَفي قطاع الصحة على سبيل المثال، تعمل مشروعات الوكالة على تحسين خدمات صحة الأمومة والطفولة، وفي قطاع التعليم، تساهم في رفع جودة التعليم بالمدارس الحكومية والجامعات، كما تركز على تحسين إمدادات المياه والصرف الصحي، ما يعزز جودة الخدمات في العديد من المناطق.
قدمت الوكالة للأردن 17 مليار دولار من المساعدات على مدار عقود
وفي 9 ديسمبر/كانون الأول 2024، وقعت وزيرة التخطيط والتعاون الدولي الأردنية، زينة طوقان، ومديرة بعثة الوكالة الأميركية للتنمية، ليزلي ريد، في عمّان اتفاقية المنحة الأميركية السنوية الاعتيادية لدعم الموازنة العامة بقيمة 845,1 مليون دولار، إضافة إلى دعم إضافي قدمته الوكالة الأميركية للأردن خلال السنوات من 2020 إلى 2025، وجرى بموجبه تخصيص مبلغ قيمته 362 مليون دولار أميركي سنوياً لتمويل برامج تنفذها الوكالة لدعم مشاريع ذات أولوية ضمن قطاعات التنمية الاقتصادية والصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية والمياه والحوكمة.
ومن بين أبرز المشاريع، وقعت الوكالة اتفاقية بقيمة 35 مليون دولار لتحسين تزويد المياه وتقليل الفاقد المائي، إضافة إلى اتفاقية أخرى بقيمة 10,9 ملايين دولار لتأهيل جزء من قناة الغور الشرقية المائية (قناة الملك عبدالله)، كما خصصت الوكالة دعماً كبيراً لقطاع التنمية الاقتصادية من خلال مشاريع تركز على تعزيز ريادة الأعمال وتحسين الإنتاجية، ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، وخصصت الوكالة 114 مليون دولار لتمويل أربعة مشاريع تنموية جديدة خلال السنة المالية الجديدة تتعلق بالصحة والتعليم والتمكين الاقتصادي للفئات الهشة.
وبحسب بيانات الوكالة، فقد قدمت للأردن أكثر من 17,3 مليار دولار من المساعدات الخارجية على مدار عقود، ليعتبر برنامج المساعدات الاقتصادية الأميركية للأردن من بين الأضخم في العالم.
وتتعاون الوكالة الأميركية مع مجموعة متنوعة من الشركاء المحليين والدوليين لتعزيز التنمية المستدامة في الأردن، وتشمل هذه الشراكات التعاون مع مؤسسات الحكومة، والقطاع الخاص، ومنظمات غير حكومية، ومؤسسات دولية. ويركز التعاون مع منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية على تنفيذ برامج تهدف إلى تعزيز المساواة بين الجنسين، وتمكين المرأة، وتحسين الخدمات الأساسية للمجتمعات المحلية.
يقول رئيس المرصد العمالي الأردني ومدير مركز الفنيق للدراسات الاقتصادية، أحمد عوض، إن “الوكالة الأميركية تعمل على تمويل الكثير من المشاريع ذات الطابع التنموي في قطاعات كالمياه والصحة والتعليم وحقوق الإنسان، وغيرها من القطاعات، وإنّ أكبر المتضررين المباشرين من وقف برامج الوكالة هي الحكومة الأردنية، فهناك عشرات المشاريع التي تنفذها من خلال دعم الوكالة، وهناك المئات من العاملين في مشاريع حكومية ممولة من الوكالة كمشاريع المياه ومشاريع والصحة، وهؤلاء موظفون على حساب تلك المشاريع، وبالتالي فإن حجم الضرر كبير بسبب منهج الإدارة الأميركية الجديدة، وطريقة تعاملها مع العالم”.
ويوضح عوض أن “من بين المتضررين أيضاً مؤسسات المجتمع المدني التي تعتمد على الوكالة الأميركية في مشاريع متنوعة، لكن القليل منها يعتمد بشكل كلي على تمويل الوكالة، وهناك مؤسسات لا تتعامل مع الوكالة كلياً وفق موقف سياسي، كما أن الوكالة في العادة لا تتعامل بشكل مباشر مع منظمات المجتمع المدني، بل عبر المؤسسات الرسمية”.
يضيف عايش أن “منظمات المجتمع المدني، والعديد من الأشخاص العاملين فيها قاموا بترتيب أوضاعهم وخططهم على هذا التمويل، وبالتالي فإن توقف عمل الوكالة يعني أن الإنفاق على هذه المشاريع سيتوقف، وأن الكثير من المشاريع المستفيدة من التمويل الأميركي والأنشطة المتعلقة بها ستتأثر، وهذا يعني أن الكثير من العاملين في هذه المنظمات والأنشطة التي تشرف عليها أصبحوا في صفوف العاطلين عن العمل، وهذا بالنتيجة يخلف فجوات في التنمية المحلية”.
كما يوضح عايش أن “النتائج المترتبة على وقف التمويل الأميركي بالمنظور العام قد لا تكون كبيرة من حيث الحجم المالي والاقتصادي العام للدولة، كون قيمته لا تتجاوز 350 مليون دولار، لكنه كبير بالنسبة للمنظمات الأهلية والأشخاص العاملين في هذه المشاريع، وكذا المتعاقدين والمتعاونين معها، وسيكون له آثار سلبية اجتماعياً وتنموياً، خصوصاً على المجتمعات المحلية والمشاريع التنموية التي يستفيد منها السكان في قطاعات الصحة والتعليم والمياه، وفي المشاريع الاقتصادية خاصة الصغيرة والمتوسطة، وهذا يحمّل الحكومة الأردنية مسؤولية متابعة أنشطة هذه المشاريع، وهو أمر صعب خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها البلاد”.
يتابع أن “مشاريع الوكالة ليست ثابتة، وهي تشهد سنوياً بعض المتغيرات، ولذا لا يمكن الخروج بأعداد محددة للعاملين والمتعاونين في تنفيذ هذه المشاريع، لكن عددهم يُقدر بالآلاف. إنّ تأثير عمل الوكالة في الأردن تراكمي، فهي تعمل في المملكة منذ عام 1961، وهذا يعني أن حضورها كبير اجتماعياً وتنموياً واقتصادياً على البيئات المحلية خلال ما يزيد عن 64 عاماً، والمطلوب اليوم البحث عن بدائل، وربما تكون عبر تلقي المساعدات التنموية التي يوفرها الاتحاد الأوروبي، لكنها لن تكون بحجم الدعم الأميركي، وإن كانت ستعوض جزءاً منه”.
إغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية يثير القلق بالأردن ويهدد مشاريع تنموية حيوية
