هل العرب أصبحوا اليوم أمام نهاية لقضية عمرها قرن أم بداية صراع جديد ؟

17 فبراير 2025
هل العرب أصبحوا اليوم أمام نهاية لقضية عمرها قرن أم بداية صراع جديد ؟

البيت الأبيض قد تغير منذ عودة الرئيس دونالد ترمب إلى المكتب البيضوي وسط أكثرية جمهورية في الكونغرس، وليس حوله سوى مجموعة ضيقة من الأثرياء في سلطة أوليغارشية حذّر منها الرئيس جو بايدن في خطابه الوداعي، أقول هذا في ظل تلك القرارات المتسارعة الغير مألوفة في الداخل الأمريكي، بما يتجاوز تفكيك الدولة الإدارية والعميقة، و أيضا مواقف لا معقولة ولا مقبولة في الخارج ولمسنا ذلك بعد لقاؤه مع جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه مؤخراً، والآتي أعظم، فالحلول عنده أرتجالية من النوع الذي يجعل الأزمات أكبر وأخطر، والسياسات تنطلق من عقلية الصفقات التجارية، وتبقى مشكلة الخلاف على اليوم التالي بعد الحرب على غزة لها حل مبتكر لا يخطر على بال، إستملاك أميركا لغزة بعد تهجير أهلها كعقار معروض للتطوير، مساحة إسرائيل ضيقة كما يصرح ترمب : تتوسع عبر ضم الضفة الغربية، حرب أوكرانيا كلفت أميركا حتى اليوم حوالي 95 مليار دولار وأوروبا وآسيا وبقية الشركاء 148 مليار دولار، وحسب وزير الخارجية الأميركي السابق أنتوني بلينكن : الحل هو أن تصبح أوكرانيا روسية، ودولة فلسطينية يمكن أن تُقام على أراضي السعودية الواسعة، لا دوله فلسطينية، لا شعب فلسطيني، لا حقوق وطنية بل مقايضات وصفقات تجارية، والواقع أن أميركا دخلت عصر اللاعقل كما جاء في كتاب ظل ترمب الطويل جوناثان كيرشنر، وما كان صاحب كتاب خسارة اللعبة الطويلة لفيليب غوردن حيث يبالغ عندما قال خلال الحملة الإنتخابية كمستشار الأمن القومي للمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس : إن ولاية ثانية لترمب ستجعل ولايته الأولى تبدو معتدلة وحكيمة، أن المعادلة في سياسة ترمب في الشرق الأوسط قائمة على الخلل والأختلال والأحتلال، والمجرم النتن ياهو لا زال يدمر في غزة، وترمب يشتري ويعمّر، والمجرم المطلوب للعدالة الدولية النتن ياهو يقول إنه يعمل لكي تكون إسرائيل دولة عظمى عالمية مزدهرة وقوية، وترمب يهديه كل ما يلزمه من أسلحة ومال ودعم سياسي ودبلوماسي وعسكري، وحل الدولتين الذي ينادي به جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه والمجتمع الدولي وتبنته الإدارات الأميركية وإن لم تحققه، جعله ترمب حل الدولة الواحدة وليست الدولتين، وإسرائيل الكبرى على أرض فلسطين من البحر إلى النهر، وهذه دكتاترية سياسية لكنها بالغة الخطورة، فكيف يمكن إلغاء الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع والشتات، ولو منعت أميركا وإسرائيل إقامة دولة فلسطينية بالقرار السياسي أولاً، وبالعمل على الأرض ثانياً، عبر إمتلاك أميركا لغزة وضم إسرائيل للضفة الغربية …؟ وهل هذه نهاية لقضية عمرها قرن أم بداية جديدة لفوضى وصراعات وحروب في فلسطين والمنطقة …؟ ذلك أنه لا مستقبل لغزة وحدها، ولا للضفة الغربية وحدها، فلا غزة تستطيع تحرير فلسطين بقوة “حماس” والجهاد الإسلامي، ولا الضفة تستطيع الحصول على دولة فلسطينية بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية فتح، تبقى الحقيقة تقول بأنه من الضرورات بعد دمار غزة وبقاء حركة حماس كقوة، العمل اليوم على إنهاء الأنقلاب العسكري الذي قامت به حركة حماس وفصلت القطاع عن الضفة، وأقامت سلطة مستقلة عن السلطة الوطنية الفلسطينية، هما معاً في ظل الإحتلال الإسرائيلي، فما تكشف على مدى أعوام هو أن أنقلاب حماس لم يكن مجرد خلاف أو صراع مع فتح بل خطة ضمن مشروع كبير عنوانه التحرير لكنه ضمن الإستراتيجية الإيرانية والمشروع الإقليمي الطموح للجمهورية الإسلامية الإيرانية في المنطقة، وهذا المشروع تلقى ضربة إسرائيلية قاسية في غزة، وضربة قوية في لبنان عبر حزب الله، وانهار النظام السوري الحليف لإيران، حتى أن هناك من وصف ما حدث بأنه كسر إستراتيجية إيران الإقليمية، ثم أن إيران ضعيفة ليست أقل خطورة، ومن المؤكد بأن طهران تعمل على إستراتيجية مضادة، وإنه قد تم الكشف عن جزأً منه من خلال القول بأن الوضع في سوريا لن يبقى على ما هو عليه، وليست مصادرة أسلحة مهربة إلى حزب الله عبر الأراضي السورية سوى إشارة إلى أن سلاح حزب الله لم يفقد دوره في لبنان بالنسبة إلى طهران، هذا ومع الدعوة الأميركية إلى شرق أوسط جديد بلا حروب، يبقى يؤكد الواقع بأن هناك دعوة معاكسة إلى مزيد من الحروب والصراعات، ومن المهم هو أن مبادرة مصر إلى دعوة الدول العربية إلى قمة طارئة في القاهرة لمواجهة خطة ترمب وخطط المجرم النتن ياهو بعد قمة خماسية في السعودية، لكن الأهم هو ألا تكتفي القمة بالرفض في بيان ختامي بل أن تقدم خطة قومية عروبية لليوم التالي في غزة وإعادة الإعمار والإصرار على دولة فلسطينية حسب القرارات الدولية، وهناك من يقول اليوم بأن الأفكار ليست سياسات، وأنه من الوهم الحديث عن سياسات من دون أفكار، فالمهم تحويل الأفكار إلى سياسات، لذا فإن لدى العالم العربي كثير من الأفكار وقليل من السياسات، والوقت حان لأن يأخذ العرب موقعهم الطبيعي والقوي في اللعبة مع ثلاث قوى إقليمية وثلاث قوى دولية، وتبقى اللعبة الكبيرة مع إيران هي أساس ما تسمى رؤية ترمب للشرق الأوسط الجديد الذي يتخلص من الحروب، وفانتازيا شراء غزة وضم الضفة الغربية هي مجرد مقدمات إلى جانب سياسة الأندفاع الأميركي والإسرائيلي نحو قطع الأذرع الإيرانية المسلحة في لبنان والعراق واليمن وغزة، لإضعاف إيران واحتوائها وربما السعي إلى ضربها وتغيير نظامها لا مجرد سلوكها، أنه من المهم مبادرة مصر إلى دعوة الدول العربية إلى قمة طارئة في القاهرة لمواجهة خطة ترمب وخطط المجرم النتن ياهو بعد قمة خماسية في العاصمة السعودية الرياض، لكن يبقى الأهم هو ألا تكتفي القمة المرتقبة وألتي ستعقد خلال هذا الشهر بالرفض في بيان ختامي بل أن تقدم خطة قومية لليوم التالي في غزة وإعادة الإعمار والإصرار على دولة فلسطينية.

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات