فادي السمردلي يكتب:لا نريد أن نصل لمرحلة نقول فيها تبدلت غزلانها بقرود

منذ 4 ساعات
فادي السمردلي يكتب:لا نريد أن نصل لمرحلة نقول فيها تبدلت غزلانها بقرود

كتب فادي السمردلي:

إن أخطر ما قد تواجهه أي مؤسسة أو منظومة هو أن يأتي يوم تُستبدل فيه قياداتها الكفؤة والواعية بمن لا يملكون سوى العشوائية والعبث، فيحل محل “الغزلان” الرشيقة والذكية، التي تعرف كيف تجتاز العقبات وتتخذ القرارات السليمة، “قرود” لا تجيد سوى الفوضى والتخبط، فتنهار الأنظمة، وتضيع الإنجازات، ويصبح التراجع مصيرًا حتميًا فنحن اليوم أمام تحدٍ مصيري، فإما أن نحسن الاختيار، ونتأكد أن من يتولى القيادة هو الأجدر، وإما أن نهمل ذلك، فنجد أنفسنا في مرحلة خطيرة، حيث يحتل غير الأكفاء المناصب، ويتحول العمل المؤسسي إلى مسرح للفوضى والمصالح الضيقة.

إن القيادة ليست مجرد منصب يُمنح، بل هي مسؤولية عظيمة تحتاج إلى فكر استراتيجي، رؤية واضحة، ونزاهة لا تقبل الشك فعندما يتم إسناد القيادة لمن لا يستحق، يصبح اتخاذ القرار مجرد ارتجال، وتتحول المؤسسات إلى بيئات طاردة للكفاءات، حيث يتم استبعاد أصحاب الخبرة لصالح من يفتقرون إلى أدنى مقومات النجاح، فقط لأنهم محسوبون على جهة معينة أو لأنهم يجيدون اللعب في الكواليس ويحسنون التصفيق وما إن يحدث هذا حتى يبدأ الانهيار التدريجي، حيث يفقد الاعضاء والموظفون المتميزون الدافع للعطاء، ويتراجع الأداء، ويترسخ الترهل والفساد الإداري، فتصبح بيئة العمل غير منتجة، خالية من الإبداع، غارقة في الفوضى، تمامًا كما يحدث حين تستبدل الغزلان بالقرود.

إننا نحذر اليوم، حتى لا نصل إلى هذه المرحلة الكارثية، ونطالب بأن يكون الاختيار في القيادة مبنيًا على معايير واضحة، لا مكان فيها للمجاملات ولا الحسابات الضيقة ويجب أن يكون القائد شخصًا قادرًا على تحمل المسؤولية، يملك من الحكمة ما يجعله يتخذ قرارات صائبة، ومن الشجاعة ما يدفعه لمواجهة التحديات بثبات، ومن النزاهة ما يجعله لا يحيد عن الحق وأما أولئك الذين يرون المناصب مجرد فرصة لتحقيق مكاسب شخصية، أو يتعاملون مع السلطة بوصفها غنيمة يتقاسمونها، فهم سبب الانحدار والتراجع، وهم من سيجرون المؤسسات إلى مرحلة تصبح فيها إدارة العمل أشبه بسيرك لا قائد له، حيث تضيع الإنجازات، وتتسع الفجوات، وتصبح الحلول ضربًا من الخيال.

إن هذه المرحلة التي نحذر منها ليست مجرد احتمال نظري، بل هي واقع شهدته العديد من الدول والمؤسسات التي لم تحسن اختيار قادتها، فتحولت إلى نماذج للفشل بعدما كانت تمتلك كل مقومات النجاح ولذلك، يجب أن ندرك أن مسؤولية اختيار القيادات لا تقع على جهة واحدة فقط، بل هي مسؤولية مشتركة بين صناع القرار، وبين المجتمع الذي يجب أن يكون واعيًا ومدركًا لمن يستحق أن يكون في موقع القيادة ومن لا يستحق. فإذا تساهلنا اليوم في معايير الاختيار، أو تغاضينا عن الكفاءة مقابل الولاءات، فسنجد أنفسنا في المستقبل القريب في وضع لا يمكن إصلاحه بسهولة، حيث تصبح القرارات الضعيفة والأداء السيئ هو القاعدة، ويصبح استبدال الغزلان بالقرود أمرًا واقعًا لا رجعة فيه.

ورسالتنا إلى كل من يتولى مسؤولية قيادة مؤسسة، أو منظومة، أو حتى فريق عمل بسيط كونوا على قدر المسؤولية، لا تكونوا جزءًا من المشكلة، ولا تتركوا مجالًا للعبث أن يحل محل الكفاءة فالقيادة ليست امتيازًا بل التزام، ومن لا يستطيع حملها كما يجب، فليتركها لمن هو أحق بها. نحن لا نريد أن نصل إلى مرحلة تُستبدل فيها الغزلان بالقرود، فاجعلوا قراراتكم وتصرفاتكم ضمانًا ألا يحدث ذلك أبدًا.
ونؤكد لا نريد أن نصل إلى تبدلت غزلانها بقرود