السيوف يكتب : “عبدالله الثاني بن الحسين: قائد السيادة في زمن الانحناءات”

منذ 20 دقيقة
السيوف يكتب : “عبدالله الثاني بن الحسين: قائد السيادة في زمن الانحناءات”

وطنا اليوم_بقلم ابراهيم السيوف_في زمن أصبحت فيه الدول سلعة على طاولات الصفقات، والكرامة الوطنية مجرد رقم في دفاتر المساعدات، يقف الأردن تحت قيادة جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم كقلعة منيعة لا تُساوم ولا تنحني. في عيد ميلاد قائد الدولة الهاشمية، نستحضر سيرة زعيم ليس كغيره من الزعماء؛ قائد واجه عواصف الإقليم والعالم بصدر من فولاذ وعقل من حكمة، وحوّل المملكة إلى رقم صعب في المعادلة الدولية.

 

منذ اعتلائه العرش، حمل الملك عبدالله الثاني راية السيادة الأردنية وكأنها سيف لا يُغمد. أدرك مبكرًا أن العالم لا يحترم سوى الأقوياء، وأن من يتنازل عن شبر من سيادته اليوم سيُنتزع منه الوطن غدًا. لذلك، كان قراره واضحًا: لا بيع ولا تأجير ولا انحناء، مهما بلغت الضغوط ومهما تعددت أشكال الابتزاز السياسي والاقتصادي.

 

في زمن تقاس فيه الولاءات بحجم القروض والمنح، ظل الملك عبدالله الثاني رمزًا للقرار الوطني الحر. لم يسمح لأي قوة دولية بأن تُملي شروطها على الأردن، سواء في ملف اللاجئين، أو صفقة القرن التي واجهها الملك بموقف تاريخي حاسم، أو في المساعدات المشروطة التي قوبلت برفض قاطع لأنها تمس استقلال القرار الأردني.

 

حين أدار العالم ظهره للقدس، كان الملك عبدالله الثاني في مقدمة الصفوف، يحمل قضية المدينة كوصية تاريخية وقانونية لا يمكن التفريط فيها. رفض بصوت عالٍ كل المحاولات الرامية إلى تغيير وضعها القانوني، مؤكدًا أن الوصاية الهاشمية ليست مجرد إرث تاريخي، بل مسؤولية سيادية يدافع عنها بقوة القانون وبحنكة السياسة. لقد جعل الملك من الأردن حائط الصد الأخير أمام محاولات تهويد القدس، رغم تواطؤ الكثير من الأنظمة والصمت الدولي المريب.

 

في عالم تحكمه الاستقطابات بين واشنطن وموسكو، وبكين من جهة أخرى، برع الملك عبدالله الثاني في هندسة سياسة خارجية تجعل الأردن لاعبًا محوريًا دون أن يكون تابعًا لأي محور. فبينما حافظ على التحالفات التاريخية مع الغرب، فتح آفاقًا جديدة مع قوى صاعدة، مما ضَمِن للأردن مساحة سياسية واسعة للمناورة بعيدًا عن الابتزاز السياسي.

 

حين اختارت دول كثيرة الرضوخ لشروط المؤسسات الدولية، قرر الملك أن يكون للأردن مسار مختلف. بدلاً من الاستسلام لوصفات اقتصادية تؤدي إلى تفكيك الدولة، وجه جلالته نحو إصلاحات اقتصادية تحافظ على سيادة القرار المالي وتعزز الإنتاج الوطني. كانت رسالته واضحة: الاقتصاد يجب أن يكون أداة لتعزيز السيادة، لا مدخلاً للهيمنة عليها.

 

في زمن صعدت فيه أصوات شعبوية تغذي الكراهية وتبيع الأوهام للجماهير، اختار الملك عبدالله الثاني طريق الصراحة والمسؤولية. لم ينجرف خلف الخطابات الفارغة، بل واجه الحقائق بشجاعة نادرة، مؤكدًا أن القيادة ليست إرضاءً عابرًا للجماهير، بل صناعة قرارات تحمي الدولة وتصون كرامة المواطن.

 

في ذكرى ميلاد جلالة الملك عبدالله الثاني، نحتفي بميلاد قائد لم يرضَ لبلاده أن تكون تابعًا أو ورقة تُلعب بها في الصفقات الإقليمية والدولية. هذا اليوم ليس مجرد مناسبة احتفالية، بل هو تأكيد على أن الأردن سيبقى قلعة صامدة بقيادته الهاشمية، محصنًا بسيادته، ومرفوع الرأس في زمن الانحناءات.

 

إننا نجدد بيعتنا لقائد نراه حصن الوطن ودرعه الأمين، ونعاهد الله والوطن بأن نبقى كما أرادنا دومًا: أحرارًا لا ننحني إلا لله، أقوياء نستلهم من قيادته الصمود والعزة في زمن لا يعرف سوى الأقوياء.