د. عادل يعقوب الشمايله
في كلمته بمناسبة الذكرى الثمانين لتحرير معسكر أوشفيتز، تناول رئيس المؤتمر اليهودي العالمي قضايا متعددة، من بينها انخفاض الدعم الشعبي لإسرائيل في الولايات المتحدة وأحداث “طوفان الأقصى”. حيث قدم تحليلاً يركز على التحديات التي تواجه إسرائيل على المستوى الشعبي والسياسي في العالم، واقترح استراتيجية لمواجهة تلك التحديات واسترجاع اليهود للدعم الشعبي العالمي ومن ثَمَّ لتمكين وتقوية الدعم الرسمي من الحكومات الغربية الذي بدأ بالارتعاش.
وقبل ان اقدم تحليلا لمضمون كلمته، انبه هنا الى أن اليهود والحركة الصهيونية يراقبون ويتابعون حركة الكثبان على الساحة العالمية. وهم على اهبة الاستعداد لتدارك اي خلل في مكتسباتهم. لكن العرب وفي مقدمتهم الفلسطينيون لا يتمتعون بنفس المستوى من الجاهزية والحماس والفاعلية ولا يحولون معلوماتهم عن التحديات التي تهددهم الى استراتيجيات ليس فقط وقائية بل تستثمر اللحظات النادرة التي يتحقق لهم فيها تعاطف وتفهم عالمي. تضيع الفرص بجرافات الوعي والمثابرة والاخلاص من الصهاينة لقضاياهم وطموحاته ومطامعهم.
فيما يلي تحليل شامل للكلمة ومضمونها:
أولاً: انخفاض الدعم الشعبي لإسرائيل
أشار رئيس المؤتمر إلى انخفاض نسبة المؤيدين لإسرائيل في الولايات المتحدة من 80% إلى 40% بين الشباب دون الثلاثين عامًا. واعتبر هذا التراجع مصدر قلق استراتيجي لإسرائيل، خاصة في ظل تأثير الشباب على مستقبل الرأي العام والسياسات الدولية. أرجع هذه الظاهرة إلى:
1.تزايد المعلومات المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي.
2.غياب الوعي التاريخي لدى الشباب، بما في ذلك أحداث الهولوكوست وأهمية وجود دولة إسرائيل.
3.تصاعد موجات معاداة السامية عالميًا، بما في ذلك انتشار حملات التشكيك في شرعية إسرائيل.
توصياته لمعالجة الوضع:
•تعزيز التعليم حول الهولوكوست لتوعية الأجيال الجديدة.
•مكافحة المعلومات المضللة عن طريق إنشاء منصات إعلامية توعوية ومبادرات شبابية.
•تعزيز الحوار بين الثقافات لخلق تفاهم أوسع بين اليهود وغيرهم.
•التركيز على سردية السلام من خلال دعم المبادرات الإسرائيلية التي تدعو للتعايش.
ثانياً: “طوفان الأقصى” وأحداث غزة
تطرق رئيس المؤتمر إلى ما وصفه بالهجوم الوحشي الذي شنته حركة حماس خلال عملية “طوفان الأقصى”، مسلطًا الضوء على الخسائر البشرية بين الإسرائيليين وما وصفه بالأعمال “الإرهابية” التي طالت المدنيين. ركز على معاناة اليهود والمجتمع الإسرائيلي جراء تلك الهجمات، لكنه أغفل الإشارة إلى الرد الإسرائيلي وما ترتب عليه من:
1.تدمير واسع النطاق لقطاع غزة، بما في ذلك البنية التحتية.
2.مقتل وجرح عشرات الآلاف من الفلسطينيين، بينهم عدد كبير من النساء والأطفال.
3.الأزمة الإنسانية المستمرة في غزة نتيجة الحصار والتصعيد العسكري.
هذا التجاهل أثار تساؤلات حول مدى التزام المؤتمر بتقديم رؤية شاملة ومتوازنة للواقع. بينما ركزت الكلمة على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، لم يتم التطرق إلى الأثر الكارثي على المدنيين الفلسطينيين أو الحاجة إلى السعي لتحقيق حل سياسي عادل.
تحليل شامل للرسالة والموقف
•التوازن المفقود: ركز الخطاب على الجانب الإسرائيلي من المعاناة، متجاهلًا البعد الفلسطيني. هذا النهج قد يفاقم من التراجع في الدعم الدولي لإسرائيل، خاصة بين المجتمعات التي تزداد وعيًا بالمعاناة الفلسطينية.
•الاستراتيجية المقترحة: دعوة رئيس المؤتمر لتعزيز التعليم والحوار بين الثقافات إيجابية، لكنها تفتقر إلى الإشارة إلى العدالة والسلام كعناصر أساسية. تحقيق الدعم الشعبي المستدام لإسرائيل يتطلب معالجة القضية الفلسطينية بشكل منصف ودعم حل الدولتين.
•التحدي الأخلاقي والسياسي: تصاعد النقد الدولي لإسرائيل، خصوصًا فيما يتعلق باستخدام القوة المفرطة في غزة، يعكس قلقًا متزايدًا بشأن الالتزام بالقانون الدولي. تجاهل هذا البعد قد يعمق العزلة الدولية.
الاستنتاج
تقدم كلمة رئيس المؤتمر اليهودي العالمي رؤية إسرائيلية أحادية الجانب للأحداث، مع التركيز على التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه إسرائيل. لتحقيق تأثير إيجابي عالمي، يجب أن تتبنى إسرائيل ومؤيدوها خطابًا أكثر شمولية يعترف بمعاناة الفلسطينيين ويدعو إلى تسوية سلمية تضمن حقوق الطرفين