بقلم: اللواء المتقاعد مروان العمد
أن حادثة الاعتداء الوحشية التي وقعت على طفل الزرقاء من قبل مجموعة من الزعران ليست بحاجة الى الخطابات واستعراض القدرات البلاغية وتوجيه الاتهامات وتوظيف الحادثة لتحقيق مصالح خاصة ، وانما هي بحاجة لأجراءات حازمة وحاسمة لمواجة مثل هذه الاحداث ومنع تكرارها وخاصة في ظل تنامي ظاهرة عصابات الزعران وفارضي الاتاوات وفي ظل انتشار البطالة وزيادة حالات الفقر وزيادة مستوى العنف المجتمعي وانتشار ظاهرة المخدرات . وهذا يتطلب القيام بدراسة هذه الظواهر وايجاد الحلول لها من قبل الحكومة وعن طريق خلق فرص عمل للمتعطلين وزيادة الحد الادنى للاجور وتخفيف الاعباء على المواطنين والعمل على القضاء على ظاهرة المتاجرة بالمخدرات وتعاطيها وفرض السيطرة الامنية على الشارع الاردني والاهم من ذلك كله : –
١ – تعديل قانون العقوبات الجزائية الاردني من خلال مجلس النواب القادم على ان تراعى الامور التالية
أ- تغليظ العقوبات في هذا قانون على مرتكبي الجنايات والجنح العمدية والقصدية الى درجة تجعلها رادعة بدرجة كافية لمن يفكر بالقيام بأي فعل مخالف لاحكامه . واعتبار ما تقوم به عصابات الزعران وفارضي الاتاوات من الجنايات وليس الجنح او المخالفات مهما كانت بسيطة وتغليظ العقوبات عليها .
ب – الغاء المادة التي تنص على دمج العقوبات وتطبيق العقوبة الاشد والاخذ بمبدء جمع العقوبات والتي تنص عليها الكثير من قوانين العقوبات في العالم
ج – ان لا يترتب على الصلح العشائري تخفيف العقوبات المنصوص عليها في قانون العقوبات عن حدها الادنى وان يقتصر دورها الرئيسي على اجراء الصلح واحلال الوئام ما بين ذوي المجرم وذوي الضحية وان لا يتضمن صك الصلح بنوداً وشروطاً مخالفة للقانون مثل الحكم باعدام الجاني وعدم توكيل محامي للدفاع عنه وذلك تكريساً لمبدء سيادة دولة القانون
د – ان لا يترتب على اسقاط الحق الشخصي تخفيف العقوبات الجزائية عن حدها الادنى .
هـ – وضع مواد في قانون العقوبات تلزم المحاكم على طلب اسبقيات من تجري محاكماتهم على قضايا الجرائم والجنح ، وتلزمها بتشديد العقوبات في حال التكرار او حتى في حالة تعدد الاسبقيات ضمن اسس وقوانين يتم وضعها في هذا القانون . علما بأن هذا لايجري حالياً .
و – اعتبار ارتكاب جرائم الاخذ بالثأر ظرفاً مشدداً للعقوبة عند اصدار الاحكام وليس مخففاً وان يترك معاقبة الجاني للقضاء فقط . والتشدد في تطبيق العقوبات على من يعتدون على حياة الآخرين واملاكهم بحجة فورة الدم او الاخذ بالثأر لان هذه الافعال لا تطال المذنب وانما تطال ذويه واقاربه وابناء عشيرته دون ذنب قد ارتكبوه وذلك ايضاً تكريساً لدولة القانون .
وبهذا نضمن بقاء من يخالفون القانون ويعتدون على الآخرين ويسببون لهم الاذى او يسلبون حياتهم اطول مدة ممكنة في السجون . ولا يقول قائل ان زيادة مدة محكومية المجرمين يترتب عليها اعباء مالية عالية على الحكومة لأن الاخذ بهذه العقوبات المشددة سوف يترتب عليها تقليل عدد من يرتكبون الجرائم . وكما ان الدولة غير ملزمة بتوفير خدمة فنادق الخمسة نجوم لمرتكبي هذه الاعمال الجرمية ولتذهب منظمات حقوق الانسان الى الجحيم ، لأن حق المواطن المنضبط والملتزم وحمايته اهم من توفير هذه الخدمة لمن يحرمون هذا المواطن امنه وامانه ويعتدون على حياته وماله .
٢ – اجراء تعديل دستوري بالغاء مادة العفوا العام والتي تعفي من العقوبة وتسقط الفعل الجرمي عن فاعله وتعتبر كأنه لم يكن . والابقاء على مادة العفو الخاص التي تصدر عن جلالة الملك في حالة توفر ظروف معينة والذي يشمل العفو عن باقي مدة العقوبة ولا يشمل الغاء الجرم بحد ذاته او اعتباره وكأنه لم يكن .
ان قانون العفوا العام في رأيي يعتبر اكبر جريمة ترتكب بحق الوطن وحق المواطن المسالم و بحق ضحايا من يشملهم هذا القانون ، وان من يطالب او يصوت لصالح هذا القانون هم شركاء للمجرمين والخارجين على القانون . ويمكن ان يتضمن قانون العقوبات نصوصاً تسمح بالافراج المبكر عن المحكومين في حال توفر شروطاً معينة مثل حسن السيرة والسلوك اثناء سجنه وتقيم نفسي من مختصين بانه اصبح لائقاً للخروج من السجن وانه لا يتوقع منه ان يقوم بعمل جرمي بعد ذلك ووضعه تحت المراقبة المستمرة . وفي حال لم يلتزم بشروط الافراج عنه او ارتكب عملاً جرمياً جديداً يعاد الى السجن ليكمل عقوبته السابقة ويضاف اليها العقوبة التي تصدر بحقه على الجريمة الجديدة . على ان لا يطبق هذا الافراج المشروط الا على من امضى ثلثي العقوبة الصادرة بحقه . واذا كانت مجموع العقوبات الصادرة بحقه تتجاوز حدود الحكم المؤبد المتعارف عليه ، فلا يطبق اطلاق السراح المشروط الا اذا كان قد امضى مدة الحكم المؤبد كحد ادنى
٣ – اعادة الهيبة للقضاء و لسلطة القانون وذلك من خلال تطبيق التعديلات المقترحة على قانون العقوبات ، ومن خلال تعديل قانون اصول المحاكمات الجزائية بحيث يتم سد الثغرات التي به والتي تسمح باطالة امد المحاكمات وفتح باب التسويف فيها والتي من الممكن ان تدفع المشتكين للتراجع عن شكواهم نتيجة ترددهم دون طائل على المحاكم . وتسريع اجراءات المحاكمة بحيث لا تستغرق مدداً طويلة
وخاصة ان مرتكبي هذه الجرائم ومن خلال كثرة ترددهم على المحاكم اكتسبوا خبرات قانونية كبيرة واصبحوا على دراية في كيفية التحايل على القانون واطالة امد المحاكمات وخاصة اذا كانو مطلق سراحهم بموجب كفالات ، وتقديم ادلة مزورة تثبت برائتهم بالاستعانة ببعض المحامين الذين يساعدونهم في ذلك بحيث يتمكنوا من النجاة بافعالهم او حصولهم على اخف العقوبات . وليس سراً وجود فئة من المحامين تمارس ذلك وسألوا اي صاحب سوابق فسوف يذكر لكم اسماؤهم ومن هو الامهر منهم وكم تبلغ كلفة توليهم لقضاياهم وحسب التهمة وخطورتها وبالتالي اتخاد الإجراءات بحق مثل هؤلاء المحامين بما فيها من منعهم من ممارسة اعمالهم .
والدليل على ذلك ان المجرمين الذين فعلوا فعلتهم بهذا الطفل يعرفون انه سيتم القاء القبض عليهم لأنه يعرفهم . ولكنهم لم يبالوا بذلك فقد حققوا مرادهم بالانتقام وهم وغير مبالين بالقاء القبض عليهم معتمدين على خبرتهم بالتحايل على القانون والنجاة من العقوبة او الحصول على اخف عقوبة ، ثم انتظار صدور قانون عفو عام جديد يقترحه مجلس نواب عتيد يسعى للحصول ليس على اصوات المجرمين الذين سوف يفرج عنهم بموجب هذا القانون في الانتخابات القادمة ولكن على اصوات ذويهم وعائلاتهم وعشائرهم . ولهذا فانهم ارتكبوا جريمتهم باعصاب باردة وهم يتضاحكون ، وحتى انهم لم يكلفوا انفسهم عبئ التخلص من الادوات التي ارتكبوا بها جريمتهم وظبطت بحوزتهم .
٤ – التخلي عن سياسة الامن الناعم في مواجهة الاعمال الجرمية ومخالفة القانون والتي كان لها ظروفها والتي ثبت فشلها واعادة الهيبة للاجهزة الامنية وعناصرها و توفير الحماية والدعم الكامل لهم عندما يقومون بواجباتهم في ملاحقة المطلوبين او المخالفين وان لا يتحملوا بصفتهم الشخصية اية مسؤولية عن الاضرار التي من الممكن ان تلحق بالمطلوبين اثناء القاء القبض عليهم او مطاردتهم او في حال قيام المطلوبين بالاعتداء عليهم او التصدي المسلح لهم . واعطاؤهم حق استعمل القوة اللازمة اثناء قيامهم بعملهم وان يكفل لهم المسؤولين ذلك . دون اساءة استخدام السلطة او التعسف بها وفِي حال حصول ذلك تكون محاسبتهم وتوقيع العقوبات عليهم من مسؤولية المحاكم العسكرية الخاصة بهذ الاجهزة دون تحميلهم اية أجراءات عشائرية لأن ما يقومون به هو اداً لواجباتهم الوظيفية وغير خاضع للعرف العشائري ، الا اذا كان الحاق الاذى كان خارج نطاق العمل الرسمي وعلى امور شخصية . لأن التهاون بتوفير هذا الدعم والحماية للعناصر الامنية سيدفعهم لعدم القيام بواجبات وظيفتهم خوفاً من تعرضهم للاذى او للملاحقات العشائرية .
٥ – يجب على الجميع المسؤولين والمواطنين عدم التوسط لاطلاق سراح الموقوفين وخاصة من الزعران وفارضي الاتاوات وتجار المخدرات ومهربيه او السعي لتخفيفف الاحكام عليهم . وعدم التهاون مع اي مسؤول امني او حكومي يثبت تعامله معهم وحمايته لهم
٦ – يجب اعادة النظر بموضوع التقارير الطبية والتي تتم على طريقة تقرير مقابل تقرير لوضع الشخص المعتدى عليه امام خيار اما ان يمضي ليلته موقوفاً مع من اعتدى عليه ثم يتم تحويلهما الى المحكمة معاً حيث يقرر القاضي ايقافهما لوجود تقارير طبية ، او يقوم كل واحد منهما باسقاط حقه عن الآخر . وهذه الطريقة متبعة بكل حالات الحاق الاذى بالآخرين حيث يسارع من الحق الاذى بالآخرين الى الحصول على تقرير طبي بتعرضه للاذي حتى لو قام هو بالحاق الاذي بنفسه لكي يقدمه في حال تقدم من تعرض للاذى بشكوى بحقه . حتى ان المحامين يطلبون من موكليهم او ممن يستشيرونهم بهذا الموضوع الحصول على تقرير طبي مضاد وهم يعلمون بعدم تعرضه للاذى . وهذا ما يفعله الزعران ومتقاضي الاتاوات بعد قيامهم بالتعدي على احد الاشخاص . وبذلك يضمنوا سلامتهم لدى قيامهم بالتعدي على الآخرين .
٧ – يجب اعادة الصلاحية للحكام الاداريين بالتوقيف الاداري على ذوي الاسبقيات الجرمية ومن يخشى قيامهم باعمال اجرامية في ظروف معينة ، وحقهم بفرض الاقامة الجبرية عليهم واثبات وجودهم في المراكز الامنيه بين الحين والآخر .
قد توصف هذه التعديلات المقترحة بأنها قاسية ولكنها في الواقع هي لا تعادل ذرة من قساوة الجرائم التي ترتكب بحق المواطنين الآمنين من قبل الخارجين على القانون والذين من حقهم ان يعيشوا في وطنهم بأمن وامان
وحفظ الله الاردن وشعب الاردن وقيادة الاردن .