د. محمد نهار الهواوشة يكتب:لن نركع: الأردن والضغوط الأمريكية على حساب القضية الفلسطينية

27 يناير 2025
د. محمد نهار الهواوشة يكتب:لن نركع: الأردن والضغوط الأمريكية على حساب القضية الفلسطينية

كتب د. محمد نهار الهواوشة :

لن نركع: الأردن والضغوط الأمريكية على حساب القضية الفلسطينية
في ظل تصاعد الحديث عن نوايا الإدارة الأمريكية بقيادة ترامب لتقليص أو وقف المساعدات الأمريكية للأردن، تتجلى مخاطر جديدة تهدد الأمن الوطني الأردني وتفتح الباب أمام محاولات تصفية القضية الفلسطينية. هذه الضغوط تأتي ضمن خطة أوسع تُعرف بـ”صفقة القرن”، التي تهدف إلى إنهاء القضية الفلسطينية على حساب الأردن ومصر، وتحويل المملكة إلى ما يُسمى “الوطن البديل”.

### المساعدات الأمريكية: أداة ضغط أم شراكة مشروطة؟

تُشكل المساعدات الأمريكية للأردن جزءًا من العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، وهي تمتد إلى قطاعات حيوية مثل التعليم والصحة والأمن. لكن هذه المساعدات، التي طالما وُصفت بأنها دعم للشعب الأردني، أصبحت في السنوات الأخيرة أداة ضغط تُستخدم لابتزاز القيادة الأردنية لتقديم تنازلات تتعارض مع ثوابت المملكة الوطنية ومواقفها الراسخة تجاه القضية الفلسطينية. تشكل هذه المساعدات حوالي 10% من الميزانية الأردنية، وهي تُستخدم في مشاريع تنموية حيوية. ولكن هذه المساعدات لا يمكن أن تكون أداة لفرض إملاءات سياسية تتعارض مع ثوابت الأردن.

### الأردن والضفة الغربية: موقف ثابت لا يقبل المساومة

إن فكرة الوطن البديل ليست جديدة، لكنها اليوم تُطرح بشكل أكثر عدوانية. يحاول البعض فرض واقع يُنهي حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني. إلا أن الأردن، بقيادته الهاشمية وشعبه الواعي، كان وما زال خط الدفاع الأول عن القضية الفلسطينية. فالضفة الغربية ليست أرضًا للمساومة، وغزة ليست عبئًا يمكن للأردن ومصر تحمله نيابة عن الاحتلال. لقد تحمل الأردن، بقيادته وشعبه، عبئًا تاريخيًا وإنسانيًا في الدفاع عن القضية الفلسطينية، واستقبال اللاجئين، والحفاظ على حقوقهم. هذه التضحيات ليست مجرد أرقام، بل هي قصص إنسانية تثبت أن الأردن لن يتخلى عن مبادئه.

### التهديدات الأمريكية وموقف الأردن الشجاع

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتعرض فيها الأردن لضغوط سياسية ومالية. فمنذ عقود، تعاملت القيادة الأردنية بحنكة مع محاولات فرض الإملاءات الخارجية. ورغم التحديات الاقتصادية الكبيرة، إلا أن الأردن أثبت أنه قادر على الصمود والاعتماد على شركائه العرب والدوليين لتعويض أي نقص محتمل في المساعدات. إن تنفيذ مشروع الوطن البديل لن يؤدي فقط إلى تصفية القضية الفلسطينية، بل سيخلق حالة من عدم الاستقرار في المنطقة بأكملها، مما يهدد الأمن القومي العربي.

### رسالة الأردن للعالم: لا للوطن البديل

يُدرك الأردنيون تمامًا أن مشروع الوطن البديل يُشكل تهديدًا وجوديًا للهوية الوطنية الأردنية وللحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. ولهذا، فإن رسالتهم واضحة:

لا للوطن البديل.

لا لتصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن ومصر.

نعم لحق العودة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

### ما المطلوب الآن؟

1. *تعزيز الوحدة الوطنية:* يجب على الأردنيين الالتفاف حول قيادتهم وتعزيز موقفهم الموحد في وجه هذه التحديات.

2. *التعاون العربي والإقليمي:* ينبغي على الدول العربية الوقوف بجانب الأردن ودعمه ماليًا وسياسيًا لتعزيز صموده أمام الضغوط الخارجية.
3. محاربة الفساد بجدية: يجب القضاء على الفساد بشكل جاد أكثر من أي وقت مضى، وذلك لتعزيز ثقة المواطن بمؤسسات الدولة وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة التي تُقلل من الاعتماد على المساعدات الخارجية وتُحصن الاقتصاد الوطني.

4.*تحركات دبلوماسية وإعلامية:* يجب تكثيف الجهود لنقل الرواية الأردنية إلى العالم وكشف مخاطر السياسات الأمريكية والإسرائيلية على استقرار المنطقة.

### ختاماً: الأردن قلعة صامدة

مهما تعاظمت التحديات، سيظل الأردن، بقيادته وشعبه، قلعة صامدة في وجه المخططات التي تحاك لتصفية القضية الفلسطينية. لا تهديدات ترامب ولا ضغوط المساعدات ستثني الأردنيين عن مواقفهم الراسخة، ولن يكون هناك وطن بديل على حساب التاريخ والهوية. القضية الفلسطينية ستبقى في وجدان الأمة، والأردن سيظل الحامي والمدافع الأول عنها. لأننا نعلم أن الحقوق لا تُسقط بالتقادم، وأن العدالة ستنتصر في النهاية بإذن الله تعالى