وطنا اليوم_ بقلم: الدكتور محمد فرج
عندما تنتهي الحروب ويهدأ غبار المعارك، يُطرح سؤال لا مفر منه: “من هو المنتصر الحقيقي؟” في عالم تتحدد فيه الانتصارات بالنتائج أكثر من الخطابات، يبدو أن الإجابة لا تكمن فقط في الأرقام أو الدمار، بل في الإرادة والصمود.في تاريخ الحروب، يُنظر إلى الجيش المنتصر كقوة تخرج من المعركة بتماسك أقوى وإرادة لا تنكسر. تتحول قياداته إلى رموز وطنية، وتُسرد البطولات على مر العصور. لكن، ماذا عن الجيش المهزوم؟ الاستقالات، الإقالات، والمراجعات الداخلية تصبح المشهد الأبرز، وكأنها إعلان ضمني عن الفشل في تحقيق الأهداف. الكيان الإسرائيلي، الذي طالما تفاخرت قياداته بقوة جيشهم وتفوقه التكنولوجي، واجه في الشهور الأخيرة تحديات غير مسبوقة أمام مقاومة فلسطينية شعبية ومنظّمة. على الرغم من الفارق الهائل في الإمكانيات والدعم الدولي الذي تحظى به إسرائيل، إلا أن نتائج المواجهة أظهرت صورة مختلفة تمامًا. بدأت بالاستقالات او الاقالات من وزير الدفاع ، إلى قادة القوات البرية والجوية وحتى قادة وحدات الاستخبارات الحساسة مثل الوحدة 8200. وقد يلحق بهم رئيس هيئة الاركان في قادم الأيام ومن اسباب الاستقالات
الفشل في تحقيق أهداف المعركة دفع الكيان إلى مراجعات داخلية قد تؤدي إلى إعادة هيكلة كاملة للجيش.
في الأمس، شاهد العالم العرض العسكري للمقاومة الفلسطينية، خلال تسليم الاسيرات الأربعة الذي أظهر قوة معنوية وتاييد شعبي لم تتأثر رغم الدمار الهائل الذي أوقعته آلة الحرب الإسرائيلية. هذه المشاهد زادت من حالة الإحباط في الداخل الإسرائيلي، حيث بدأت تتكشف حقيقة أن ما تم الترويج له من قبل القيادة الإسرائيلية كان مجرد وعود كاذبة لم تصمد أمام الواقع.إسرائيب ورغم استخدامها الإبادة الجماعية
كسلاح ضد المدنيين، فشلت في كسر إرادة الشعب الفلسطيني. وما زاد الأمر وضوحًا هو عجزها عن القضاء على البنية التحتية للمقاومة، التي ما زالت قادرة على إدارة الصراع بفعالية وابتكار.المقاومة الفلسطينية
أثبتت أن النصر لا يقاس بعدد الطائرات أو الدبابات، بل بالقدرة على الصمود والمثابرة. أن تُجبر كيانًا يملك أقوى الجيوش دعمًا وتكنولوجيا على مراجعة نفسه واستقالات قياداته هو في حد ذاته إنجاز تاريخي.
فالنصر الحقيقي ليس فقط في الانتصار العسكري، بل في الحفاظ على الهوية، الأرض، والإرادة الوطنية. في معركة طويلة الأمد كهذه، تبدو المقاومة هي المنتصر الحقيقي. لقد نجحت في تحويل الصراع من معركة عسكرية إلى معركة وجود، حيث تقف الإرادة الشعبية ضد آلة عسكرية مدعومة عالميًا.
وفي الختام
الهزيمة لا تأتي فقط من قوة الخصم، بل من انكسار الإرادة. وما دامت المقاومة تواصل كفاحها بشجاعة وإصرار، فإن النصر الحقيقي سيظل ملكًا لمن لا يخضع أو ينكسر.