وطنا اليوم_بقلم الدكتور رافع شفيق البطاينة
عندما بدأ الربيع العربي في عام 2011 لجأت وسارعت بعض الدول إلى إجراء إصلاحات سياسية، متجاوبة مع مطالب الشعب، فتجاوزت الغضب العربي بكل هدوء دون إراقة دم، ونجحت بعض الأنظمة بهذا الاختبار. إلا أن بعض الأنظمة أخذتها العزة بالإثم واعتقدت أنها محمية ولن يطالها التغيير، فأخذت بالتلكؤ والتسويف والمماطلة، فأسقطها الشعب. ومن هذه الأنظمة النظام السوري الذي حظي بفرصة تاريخية مدتها ثلاثة عشر عامًا لإجراء إصلاحات سياسية ودستورية تجاوبًا مع مطالب الشعب.
ورغم النصائح التي قُدمت له على طبق من ذهب من العديد من دول العالم، وأولها جلالة الملك عبدالله الثاني الذي بعث له العديد من المسؤولين وقدموا له نصائح لعمل إصلاحات سياسية، والتصالح مع شعبه، من خلال الانفتاح على الشعب والإسراع في فتح حوارات مع مختلف الأطياف السياسية والاجتماعية والشعبية، إلا أنه استمر بعناده بالتسويف والمماطلة فاسترخى معتقدًا أنه تجاوز مرحلة الثورة الشعبية والغضب العربي وسيطر على الموقف، حتى طاله التغيير بأسرع مما توقع.
والحكومة لدينا بدأت بنشاط ميداني واضح، وحصلت على مديح الشعب الذي استبشر خيرًا بها، إلا أنها بعد حصولها على الثقة يبدو أنها استرخت وبدأت بالمماطلة في إجراء تغييرات إدارية ممن تكلسوا في مواقعهم، ولم يبق لديهم شيء جديد يقدمونه للشعب ولدوائرهم، وأصبحوا عبئًا على مواقعهم.
فهل يعقل أن يبقى أمين أحد الوزارات متنقلًا من وزارة إلى أخرى بين مدير عام وأمين عام مدة فاقت الربع قرن، أي حوالي 28 عامًا؟ فهل خلت الدولة الأردنية من الكفاءات التي ممكن أن تغطي أو تسد مكانه؟ وهل عجزت النشميات الأردنيات عن ولادة مثل هذا الشخص؟ فالمياه الراكدة آسنة، والحكومة تعتقد أنها نالت رضا الشعب وثقته، ولذلك ستستمر في عملها الروتيني وبحرق المراحل، لكن هذه الثقة الشعبية سوف تزول إن لم يرَ الشعب أي تطوير وتحديث حقيقي وتغييرات إدارية للمواقع القيادية بما يؤدي إلى تحسن مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، وسوف ينقلب الشعب عليها.
لأن الشعوب العربية أصبح الآن لديها الجرأة على الانتقاد والانقلاب على الحكومات، ولنا في حكومة الدكتور هاني الملقي، الذي أسقطها الشارع الأردني، عبرة ونموذج عملي لهذا الانقلاب. ولذلك أمام الحكومة الحالية فرصة تاريخية للتجاوب مع مطالب الشعب الأردني، والالتزام بالتوجيهات الملكية السامية بخطاب العرش السامي بافتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس النواب، أن التحديث الإداري من أولويات هذه الحكومة.
وعلى الحكومة أن تتجاوز عقدة الأيدي المرتجفة وترحيل الملفات إلى بعد الثقة، ومن ثم إلى بعد الموازنة… إلخ، أو الخوف من تغيير ممن لديهم واسطة أو محسوبية، وخصوصًا من النواب أو الوزراء.
اليوم، المنهج القائم إذا لم يتغير فسيتغير ويشمل الحكومة التغيير، ويغيرها الشعب. وإن لم تتقدم الحكومة فسوف تتقادم. إن المظلوم لن تغمض له عين ويهدأ، حتى يستعيد حقه المسلوب أو الذي سلب من غير وجه حق. فهل وصلت الرسالة للحكومة؟ نتمنى أن تصل وتلتقطها،وللحديث بقية.