كتب الدكتور محمد الهواوشة :
في ظل الأوضاع الإقليمية والدولية المتغيرة بسرعة، يجب أن تكون السياسة الخارجية الأردنية أكثر ديناميكية ووعياً بالمخاطر والتحديات التي تواجه المنطقة. إن المرحلة الراهنة تتطلب تحركاً عاجلاً من وزير الخارجية الأردني باتجاه دمشق، ليس فقط لتوطيد العلاقات الثنائية، بل أيضاً للحفاظ على المصالح الوطنية والقومية في وجه الأطماع الإقليمية والدولية.
لماذا سوريا الآن؟
سوريا، بفضل موقعها الجغرافي والتاريخي، تُعد عمقاً استراتيجياً للأردن، وأي ضعف في استقرارها ينعكس سلباً على أمننا الوطني. كما أن الأزمة السورية كانت، ولا تزال، أحد العوامل الرئيسية المؤثرة في التوازنات الإقليمية. بعد سنوات من الحرب والدمار، تتعرض سوريا اليوم لضغوط متزايدة من أطراف متعددة:
1. أمريكا: تسعى إلى ترسيخ وجودها العسكري في مناطق غنية بالنفط والغاز، مما يهدد وحدة الأراضي السورية واستقرارها.
2. تركيا: تستغل الأوضاع لتحقيق مكاسب جيوسياسية تحت غطاء ما تسميه “ضمان أمنها القومي”.
3. إسرائيل: تمارس اعتداءات متكررة على الأراضي السورية في محاولة لإضعاف دورها الإقليمي.
المصالح الأردنية في التحرك نحو سوريا
1. الأمن الحدودي: استقرار سوريا يعني تقليل التهديدات الأمنية على حدودنا الشمالية، بما في ذلك تهريب المخدرات والأسلحة.
2. التعاون الاقتصادي: إعادة إعمار سوريا تفتح آفاقاً كبيرة للتعاون الاقتصادي بين البلدين، خاصة في مجالات النقل والطاقة والتجارة.
3. التوازن الإقليمي: دعم سوريا وتقوية علاقاتنا معها يضمن توازناً استراتيجياً في وجه الأطراف التي تسعى للهيمنة على المنطقة.
الرسالة الواضحة
إن ترك سوريا فريسة للتدخلات الأجنبية يشكل تهديداً ليس فقط لها، بل للمنطقة بأكملها. على الأردن أن يلعب دوراً قيادياً في تعزيز التضامن العربي مع سوريا، والدفع نحو إعادة دورها الإقليمي الفاعل. التحرك نحو دمشق اليوم ليس خياراً، بل ضرورة تاريخية وأخلاقية وسياسية.
نأمل أن نشهد قريباً زيارة عاجلة من وزير خارجيتنا إلى دمشق، تضع حجر الأساس لشراكة استراتيجية متجددة تخدم مصلحة البلدين وتعزز الاستقرار الإقليمي. الوقت ليس في صالحنا، وأي تأخير سيُفسح المجال لمزيد من التغلغل الأجنبي في شؤون منطقتنا